في خطوة تاريخية غير مسبوقة، انتُخب الأمريكي روبرت فرنسيس بريفوست بابا جديدًا للكنيسة الكاثوليكية، ليصبح بذلك أول أمريكي يتولى هذا المنصب، ويتخذ الاسم البابوي ليو الرابع عشر، خلفًا للبابا الراحل فرنسيس الذي توفي عن 88 عامًا بعد اثني عشر عامًا من قيادة الكنيسة.

جاء الإعلان الرسمي مساء الخميس من على الشرفة الرئيسية لكاتدرائية القديس بطرس في الفاتيكان، حيث صدحت العبارة اللاتينية التقليدية Habemus Papam (لدينا بابا) إيذانًا بانتهاء الاقتراع وبدء عهد جديد، عقب تصاعد الدخان الأبيض من مدخنة كنيسة سيستين، وهي الإشارة المعتمدة منذ قرون للإعلان عن انتخاب بابا جديد.

وبعد نحو 70 دقيقة من لحظة التصويت، خرج البابا الجديد إلى الشرفة وسط حضور عشرات الآلاف من المصلين والزوار الذين احتشدوا في ساحة القديس بطرس، وقال في أولى كلماته: ليكن السلام معكم جميعًا، قبل أن ينتقل للحديث بالإيطالية ثم بالإسبانية، مستحضرًا سنوات عمله الطويلة مبشرًا ورئيس أساقفة في بيرو.

### سيرة معتدلة وبصمة إصلاحية

البابا ليو الرابع عشر، البالغ من العمر 69 عامًا، ولد في مدينة شيكاغو، وقضى معظم حياته المهنية في بيرو، حيث خدم مبشرًا لسنوات طويلة. عُيّن كاردينالًا في عام 2023، وتولى منصبًا حساسًا في الفاتيكان متعلقًا بتدقيق ترشيحات الأساقفة، مما جعله واحدًا من أبرز الأسماء في دوائر صنع القرار الكنسي.

ويُعرف عن البابا الجديد بأنه شخصية معتدلة، وهو ما اعتبرته أوساط الفاتيكان مؤشرًا على استمرارية نهج البابا فرنسيس، خاصة في ما يتعلق بتوسيع نطاق الحوار داخل الكنيسة والانفتاح على قضايا العالم الحديث.

### طقوس رمزية وإرث ثقيل

عقب إعلان النتيجة، توجه البابا المنتخب إلى "غرفة الدموع"، حيث خلع حلته الكاردينالية وارتدى إحداها من ثلاث حُلل بيضاء أُعدّت مسبقًا. وبعد لحظات من الصلاة الصامتة، عاد إلى كنيسة سيستين حيث بدأت الطقوس التقليدية لتنصيبه، تلا خلالها الكرادلة كلمات من الإنجيل، وأعربوا واحدًا تلو الآخر عن ولائهم للبابا الجديد.

واختُتمت الطقوس بترنيمة الشكر Te Deum التي تلاها البابا بنفسه، قبل أن يتوجه إلى ساحة القديس بطرس ليمنح بركته الرسولية الأولى إلى مدينة روما والعالم.

### دعم أمريكي ورسالة سياسية

الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترمب كان من أوائل المرحّبين بالحدث، وعلّق على انتخاب مواطن أمريكي لهذا المنصب الديني الرفيع بالقول إنه "شرف عظيم وفخر كبير للولايات المتحدة"، معبرًا عن تطلعه للقاء البابا ليو الرابع عشر.

### مرحلة جديدة بعد إرث فرنسيس

الانتخاب جاء في أول يوم كامل من الاقتراع الذي شارك فيه 133 كاردينالًا، انعزلوا عن العالم منذ ظهر الأربعاء لاختيار خليفة البابا فرنسيس، الذي توفي في 21 أبريل بعد سنوات من الإصلاحات ومحاولة تجديد هيكل الكنيسة الكاثوليكية، التي تضم نحو 1.4 مليار مؤمن حول العالم.

البابا الجديد يواجه تحديات كبيرة، أهمها استمرار الإصلاحات والانخراط في حوار عالمي متصاعد حول دور الكنيسة في قضايا العدالة والمناخ وحقوق الإنسان، وهو ما ألمح إليه في كلمته الافتتاحية بقوله: السلام والحوار دون خوف.. لكي نسير معًا.