اخبارك الان

الإفراج عن الجندي الصهيوني عيدان ألكسندر: هل يضعف موقف المقاومة ام يعززه ؟ #عاجل - اخبارك الان

جو 24 :

كتب اللواء المتقاعد الدكتور موسى العجلوني *

إفراج حماس أول أمس عن الجندي الصهيوني الأمريكي عيدان ألكسندر بعد أكثر من 580 يومًا من أسره منذ هجوم 7 أكتوبر 2023 بدون مقابل ودون عملية تبادل، ودون تدخل عسكري، وفي إطار تفاوضي إنساني مع الجانب الأمريكي،أثار جدالا وتجاذبات لدى الرأي العام الأردني . فالبعض يقول بأن حماس قد جانبها الصواب بالإفراج عنه بدون مقابل باعتباره رضوخ من جانبها لمطالب نتنياهو وتقوية لسرديته امام الرأي العام الإسرائيلي والعالمي التي تقول بأن "الحل العسكري وحده”هو الطريق لاستعادة الأسرى وخاصة بعد الضغط الميداني المتواصل والإغلاق التام للمعابر وحرب التجويع. والرأي الآخر الذي يقول بأن حماس قد لعبت هذه الورقة بذكاء يعزز موقف المقاومة ويرفع من رصيدها ويحمل دلالات سياسية وإنسانية مهمة، ويعكس تطورات ايجابية لصالح المقاومة الفلسطينية في مسار الصراع والتفاوض بين الأطراف المعنية. وإنني ارجح هذا الرأي الأخير للأسباب التالية:

1. ثبات فعالية التفاوض غير المباشر مقابل العجز العسكري

رغم 19 شهرا من العدوان الإسرائيلي العنيف وغير المسبوق على غزة والمجازر المستمرة والتدمير والتجويع ، لم تنجح إسرائيل حتى الآن في تحرير أي اسير بالقوة العسكرية – بل قُتل عدد منهم بنيران "صديقة”، حسب اعتراف الجيش الإسرائيلي نفسه. هذا يؤكد أن الأسرى لا يُحررون بالقصف، بل بالسياسة والمفاوضات والتفاهمات، وهو ما يناقض تمامًا خطاب وسردية نتنياهو واليمين المتطرف في حكومته الذين يراهنون على "الضغط العسكري الميداني” فقط.

2. تقوية موقف حماس أمام الرأي العام المحلي والدولي

تظهر حماس في عملية الإفراج هذه كجهة "منظمة" وطرف تفاوضي قوي ومتماسك، تتخذ قرارات محسوبة وقادرة على تنفيذ تعهداتها مقابل وعود بالضغط على حكومة نتنياهو من جهات دولية لها تأثير كالولايات المتحدة الأمريكية من اجل وقف العدوان على غزة . وهذا يُعزز مبدأ أن الحل في غزة لن يكون عسكريًا، بل سياسيًا – مدعومًا بضغط إنساني ودولي.

3. إحراج نتنياهو ووزرائه المتطرفين داخليًا

تعيش عائلات الأسرى الإسرائيليين حالة غليان، ويتهمون نتنياهو بـ”الفشل الكامل” في إدارة هذا الملف، ورفضه الدخول في صفقة تبادل شاملة . وقيام حماس طوعا بالإفراج عن ألكسندر الذي يحمل الجنسية الأمريكية أثار سخطا إضافيا من عائلات الأسرى الآخرين على نتنياهو الذين شعروا بأن الجنسية الأمريكية لعبت دورًا في تسريع الإفراج عنه، مما يسلط الضوء على التحديات المتعلقة بالمساواة في التعامل مع قضايا الأسرى. هذا الموقف يساعد حماس في استقطاب دعم غير مباشر من داخل إسرائيل نفسها، عبر الرأي العام الذي يريد نتائج لا شعارات.

4. رسالة سياسية موجهة للولايات المتحدة

أعلنت حماس أن الإفراج عن ألكسندر يأتي كـ"بادرة حسن نية" تجاه الإدارة الأمريكية الجديدة ، في إطار جهود التهدئة وفتح المعابر وإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة. الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أكد دوره في الوساطة، مشيدًا بجهود مبعوثه ستيف ويتكوف، الذي لعب دورًا محوريًا في التفاوض. هذه الخطوة تقدم لترامب إنجازًا ملموسًا في ملف السياسة الخارجية يمكن الترويج له خلال زيارته للمنطقة وقد تدفع ترامب الى ممارسة ضغوط مهمة على حكومة نتنياهو لوقف العدوان على غزة وإعادة الأسرى بالتفاوض. هذا يعكس رغبة حماس في تحسين علاقاتها مع واشنطن، وربما استغلال هذه الخطوة لفتح قنوات تفاوضية أوسع لإنهاء العدوان وإعادة إعمار غزة.

ختاما عملية الإفراج عن عيدان ألكسندر تعتبر خطوة ذكية من قبل حماس تبدو متزامنة بشكل مدروس مع زيارة الرئيس ترامب للمنطقة، وهي تعكس مرونة لدى حماس واستعدادها للتعاطي مع واشنطن بشكل براغماتي ، وقد تكون استخدمت هذا الإفراج كـ"بادرة اختبار" لموقف إدارة ترامب من الانخراط في ترتيبات جديدة أو مقايضات سياسية. بالمقابل فهي تحمل رسائل واضحة عن قدرة الإدارة الأميركية الحالية على تحقيق نتائج ميدانية عبر نفوذها المباشر، وتفتح المجال أمام تحولات في مسار التفاوض أو التهدئة.

 

* الكاتب عضو المكتب السياسي ورئيس المجلس الإجتماعي/حزب المستقبل والحياة الأردني

أخبار متعلقة :