عاجل

مع الشروق : بين واشنطن وطهران... مفاوضات أم مناورات؟ - اخبارك الان

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مع الشروق : بين واشنطن وطهران... مفاوضات أم مناورات؟ - اخبارك الان, اليوم الخميس 10 أبريل 2025 12:12 صباحاً

مع الشروق : بين واشنطن وطهران... مفاوضات أم مناورات؟

نشر في الشروق يوم 09 - 04 - 2025

2350042
منذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب في السابع من أفريل عن "استعداد واشنطن لبدء محادثات مباشرة" مع طهران حول ملف البرنامج النووي الإيراني، يطرح المراقبون تساؤلا جوهريا حول رغبة الأطراف واقعيا في التوصل إلى اتفاق يضع حدّا للتصعيد، مقابل رواية أخرى ترى أن ما تم الحديث عنه هو مجرد سعي لشراء الوقت وتعطيل أي مسار جديّ للتفاهم.
من جانب واشنطن، بدا الخطاب الرسمي متفائلا، فقد اعتبر البيت الأبيض أن التفاوض المباشر "سيسرّع العملية ويعطي فرصة أفضل للتوصل إلى اتفاق شامل" مقارنة بالمفاوضات غير المباشرة التي جرت في الماضي، فيما حذّر الرئيس الأميركي من أن فشل هذه المحادثات سيعرض إيران "لخطر عظيم" قد يشمل استخدام القوة العسكرية، وهو تهديد مبطن يطرح علامة استفهام حول مدى جدية واشنطن في الحوار مقابل ضغوطها المزدوجة.
وعلى الجانب الآخر، لا تبدو طهران منسجمة تماما مع هذا التوجه، فقد جدد وزير الخارجية عباس عراقجي موقف بلاده الرافض لإجراء محادثات "مباشرة" مع الولايات المتحدة، مؤكداً في تصريحات له أن طهران تفضّل العودة إلى صيغة التفاوض غير المباشر عبر وسطاء، لضمان عدم تعرض سيادتها للخطر.
هذا التباين في الرسائل يشي بأن الطرفين قد يكونان منخرطين في لعبة تكتيكية تهدف إلى كسب الوقت، فإيران التي تعاني من ضغوط اقتصادية خانقة بسبب عقوبات "الضغط الأقصى"، تبحث عن فسحة تسمح لها بمواصلة تطوير برنامجها النووي وتحسين شروط تفاوضها، ومن زاوية أخرى، تسعى الإدارة الأميركية إلى إبقاء إيران مقيدة جزئيا عبر رفع سقف التوقعات الدبلوماسية والتهديد العسكري في آن واحد، ما يمنحها هامشا أوسع للضغط على طهران دون تقديم تنازلات جوهرية.
ورغم ذلك، لا يمكن تجاهل المصالح المشتركة التي تحفز كلا الطرفين على تفادي الانزلاق نحو المواجهة، فالاقتصاد الإيراني مثقل بالعقوبات التي أضعفت العملة المحلية وأثقلت كاهل المواطنين، ما يدفع طهران إلى الرغبة في تخفيف هذا العبء عبر العودة إلى اتفاق يشبه "خطة العمل المشتركة الشاملة" لعام 2015، شريطة أن يتضمن التزامات واضحة من الجانب الأميركي برفع عقوبات محددة، وبالمقابل، تحرص واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون على منع إيران من بلوغ عتبة التخصيب التي تتيح لها إنتاج سلاح نووي، إذ سيعزّز ذلك خطر اندلاع حرب إقليمية لا يمكن التكهن بعواقبها.
وفق هذه المقاربة، يطرح مراقبون أسئلة حول مدى انسجام المصالح الاستراتيجية مع الخطاب الدبلوماسي، وهو ما يمكن الإجابة عنه وفقا لما قد يطرحه الطرفان من التزامات واضحة وصريحة ، فإذا ما تعاملت طهران مع المحادثات باعتبارها فرصة حقيقية لتجميد تقدم برنامجها النووي، وامتثلت واشنطن لالتزاماتها بتخفيف العقوبات تدريجيا مقابل خطوات إيرانية ملموسة، فإن ثمة أمل في بناء ثقة متبادلة تكسر حلقة الشكوك الطويلة، أما إذا استمرت كل جهة في استخدام المفاوضات كستار لاستنزاف الوقت وكسب مزيد من المكاسب الميدانية أو السياسية، فإن المخاطر ستتزايد، وقد يتبيّن سريعا أن هذا المسار لم يكن سوى مسرحية دبلوماسية.
فمن المهم أن ندرك أن الرهان على شراء الوقت لا يخدم في النهاية سوى المتطرفين من الجانبين، ففي واشنطن، قد يستغل هذا التعثر حلفاء مثل إسرائيل للضغط على الإدارة الأميركية لممارسة مزيد من التصعيد ضد إيران، وربما توجيه ضربة عسكرية محدودة، وفي طهران، سيعزز التمسك بفرضية "التفاوض الغير جاد" مواقع التيار المحافظ الذي يرفض أي صيغة من الاتفاق مع الولايات المتحدة، معتبرين أن الاستسلام لمطالب واشنطن سيقوض سيادة إيران.
وفي المحصلة، فإن الجولة المقبلة من المحادثات، سواء أُجريت بشكل مباشر أو غير مباشر، ستكون اختبارا حقيقيا لمدى التزام الطرفين بتحويل خطابهم الدبلوماسي إلى خطوات عملية، فإما أن تتحول هذه الجولة إلى فرصة لإبرام اتفاق جديد يحقق توازنا بين ضبط النووي الإيراني ورفع العقوبات، وإما أن تنتهي إلى طريق مسدود يعزز منطق الصراع ويقرب من مواجهة لا تُحمد عقباها.
هاشم بوعزيز

.




إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق