نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أورتاغوس تخالف التوقعات في زيارتها الثانية لبيروت... ما الذي تغيّر؟! - اخبارك الان, اليوم الثلاثاء 8 أبريل 2025 04:20 صباحاً
في زيارتها الأولى إلى بيروت، فاجأت نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس بالمواقف التي أطلقتها، وأحرجت من خلالها رئيس الجمهورية جوزاف عون وغيره من المسؤولين، والتي اعتبر كثيرون أنّها تفرغ مهمّتها "الدبلوماسية" من مضمونها، خصوصًا بعدما أعربت عن "امتنانها" لإسرائيل على الحرب الوحشيّة التي شنّتها ضدّ لبنان، لأنها أفضت لـ"هزيمة حزب الله"، فيما يفترض أن تكون "الوسيط" بين لبنان وإسرائيل.
وفي زيارتها الثانية إلى بيروت، فاجأت مورغان أورتاغوس اللبنانيين مرّة أخرى، لكن بشكل "معاكس"، إذ كانت كلّ التوقعات والتقديرات التي سبقت وصولها إلى بيروت، تشير إلى أنّها ستكون في غاية السلبيّة، بمعنى أنّها ستأتي لتخيّر اللبنانيين بين خيارين لا ثالث لهما، وهما نزع سلاح "حزب الله" فورًا والذهاب إلى مفاوضات مباشرة مع إسرائيل حول كلّ النقاط العالقة، وإلا سقوط اتفاق وقف إطلاق النار، والعودة إلى الحرب من جديد.
على الأرض، لم تتطابق مجريات الزيارة، أو بالحدّ الأدنى ما تكشّف عنها حتى الآن، مع هذه التسريبات، فالمعطيات المتوافرة لا توحي في الشكل على الأقلّ بأنّ المبعوثة الأميركية حملت أيّ تهديداتٍ فعليّة، حتى إنّها حرصت على عدم تكرار "خطيئة" المرة السابقة، فامتنعت عن التصريح من المقرّات الرسمية، مع تمسّكها في المضمون بالشروط الأميركية المُعلَنة حول نزع السلاح والمباشرة بالإصلاحات الاقتصادية والماليّة.
أكثر من ذلك، ثمّة من قرأ في مفاعيل الزيارة أنّ المبعوثة الأميركية أعادت الحياة إلى "مهمّتها"، بعد "خيبة" الزيارة الأولى، إن صحّ التعبير، مستنسخة بذلك النهج الذي اعتمده "سلفها" آموس هوكستين، وهو ما تجلّى في البرنامج "الحافل" للزيارة، والذي شمل لقاءات واسعة مع قوى وأحزاب ووزراء بالجملة، فما الذي تغيّر بين الزيارتين، وهل يمكن القول إنّ زيارة أورتاغوس الثانية كانت "إيجابية" فعلاً؟!.
في المبدأ، يقول العارفون إنّ ما لا شكّ فيه أنّ زيارة أورتاغوس الثانية تختلف جذريًا عن زيارتها الأولى، وأنّها إن لم تكن "إيجابية بالمُطلق"، باعتبار أنّ ما كُشِف عن مضمونها ليس سوى جزء يسير ممّا لم يُكشَف بعد، إلا أنّها جاءت بالحدّ الأدنى "أقل سوءًا بكثير" ممّا كان متوقّعًا، ولا سيما بعد "عاصفة التسريبات" التي سبقتها، وفهم منها كثيرون أنّها ستكون بمثابة "جرس الإنذار" قبل العودة إلى الحرب الإسرائيلية، كما يجري في قطاع غزة مثلاً.
ولعلّ الاستنفار السياسي الذي عاشته البلاد عشيّة الزيارة، كافٍ للإشارة إلى ما كان متوقَّعًا منها، فالتسريب الذي تحدّث عن إصرار أميركي على تشكيل لجان تفاوض مع إسرائيل، تضمّ مدنيين وليس عسكريين فحسب، كما كان حال اللجان المشكّلة سابقًا، ما يمكن أن يُفهَم على أنّه فتح لأبواب التطبيع، تطلّب لقاءات عالية المستوى بين رؤساء الجمهورية والحكومة ومجلس النواب، من أجل الاتفاق على موقف "موحّد" يتمّ إبلاغه للمبعوثة الأميركية.
لكنّ ذلك لم يترجَم في الزيارة، التي التزمت خلالها الضيفة الأميركية بالصمت خلافًا للمرة الأولى، قبل أن تدلي بتصريحات إعلامية في نهايتها، جاءت لتعزّز ما يمكن وصفه بـ"النيو لوك"، عبر إيجابية لافتة في الحديث عن لقاءاتها، وعن الحكومة، وعن تفاؤلها وحماستها، حتى إنّها لم تبدُ بالصرامة المتوقّعة حتى في حديثها عن السلاح، حيث طلبت نزعه "في أقرب وقت"، لكنها بدت متفهّمة لإمكانية "ألا يكون هناك جدول زمني رسمي محدّد لذلك".
وتجلّت هذه الإيجابية الظاهرة أيضًا في "أبعاد" الزيارة التي حرصت فيها المسؤولة الأميركية على إرساء "توازن" بين الملفين الأمني والاقتصادي، وكأنّها أرادت أن تقول إنّ موضوع الإصلاحات يكتسب الأهمية نفسها لموضوع نزع السلاح بالنسبة للولايات المتحدة والمجتمع الدولي، إن لم يكن أكثر، وقد بدا لافتًا في هذا السياق حرصها على الاجتماع مع معظم الوزراء، ولا سيما المعنيّين منهم بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
لكن، بعيدًا عن "إيجابية الشكل"، إن صحّ التعبير، ثمّة تساؤلات تُطرَح عن ماهيّة الموقف الأميركي بعد الزيارة، فهل يمكن فهمها فعلاً على أنها "تراجع في الاندفاعة" مثلاً، أو حتى "نزول عن الشجرة" كما قال البعض، أم أنها ربما بمثابة "مهلة" للبنانيين لتثبيت "حسن النوايا" بعيدًا عن الكلام والوعود، وهل تخلّت الولايات المتحدة فعلاً عن شرط التطبيع الذي قيل إنّها تضعه أساسًا لحلّ كلّ الخلافات القائمة بين لبنان وإسرائيل؟.
حتى الآن، ليس هناك من إجابات وافية، وإن كان هناك من "تحفّظ" على بعض جوانب الزيارة، مثل طريقة "استدعاء" الوزراء إلى مقرّ السفارة الأميركية في عوكر، وهو ما اعتبره كثيرون "غير لائق"، بل يستعيد في جانب محدّد ما كان يحصل في مرحلة "الوصاية السورية"، في زمن النظام السابق، حين كانت العلاقة بين البلدين قائمة على مبدأ الهيمنة، وكانت كل القرارات تتّخذ في عنجر، مقرّ المخابرات السورية الرئيسيّ.
في ما عدا هذا التفصيل "الشكليّ"، لا شيء يبدو محسومًا، فثمّة من يفهم أنّ الإيجابية الظاهرة في الزيارة تعكس في مكانٍ ما، رغبة من الإدارة الأميركية في "التهدئة" على الجبهة اللبنانية، على الرغم من أنّ ذلك لم يقترن بتقديم أيّ ضمانات بوقف الخروقات الإسرائيلية المستمرّة لاتفاق وقف إطلاق النار، في ظلّ الانطباع السائد بأنّ هذه الخروقات تتمّ بغطاء أميركي يبرّرها، ويعتبرها "نتيجة" لعدم تنفيذ لبنان شقّ نزع السلاح.
وفي حين يرى البعض أنها قد تعكس في مكان ما، "تفهّمًا" للخصوصية اللبنانية، وحساسيّات فتح ملف بحجم نزع السلاح، الذي لا يمكن حسمه بين ليلة وضحاها، أو بكبسة زرّ، يرى آخرون أن هذه الإيجابية قد لا تكون في الحقيقة سوى "وقت مستقطع"، بانتظار إثبات اللبنانيين لقدرتهم على إنجاز هذا الاستحقاق، علمًا أنّ بعض التسريبات تحدّثت عن زيارة ثانية محتملة للمبعوثة الأميركية إلى لبنان قريبًا، وربما بعد عطلة عيد الفصح.
في النتيجة، يقول العارفون إنّ من المبكر لأوانه الحديث عن النتائج التي حققتها زيارة مورغان أورتاغوس بالفعل، فالانطباع الإيجابي الذي خلّفته مقارنة مع ما كان متوقَّعًا منها، لا يمكن أن يكون مطلقًا، ولا سيما أنّ احدًا لا يعلم على وجه التحديد ما الذي دار في "الخلوات" التي شهدتها، وطالما أنّ أيّ شيء لم يظهر على مستوى "الضغط" على إسرائيل لوقف خروقاتها اليومية والأحادية لاتفاق وقف إطلاق النار!.
0 تعليق