نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ترنح الأحزاب اليسارية .. أزمة تمثيل أم فرصة للنهوض؟ - اخبارك الان, اليوم الأحد 6 أبريل 2025 09:14 صباحاً
سرايا - تواجه الأحزاب اليسارية في الأردن تحديات غير مسبوقة تهدد وجودها وتأثيرها في المشهد السياسي، بعد إخفاقها في الوصول إلى قبة البرلمان في الانتخابات الأخيرة. وأصبحت هذه الأحزاب اليوم أمام أسئلة جوهرية تتعلق بقدرتها على البقاء والتكيف مع المتغيرات.
ويرى مراقبون للمشهد الحزبي الأردني أن ضعف الحضور الشعبي، وتراجع الثقة الجماهيرية، وتأثير قوانين الانتخابات، إضافة إلى بعض المشكلات الداخلية مثل الانقسامات، قد ساهمت في تعميق أزمتها. ومع ذلك، قد لا يشكل هذا «الترنح» نهاية الطريق، بل ربما يمثل فرصة لإعادة البناء واستعادة الدور التاريخي الذي لعبته هذه الأحزاب في الدفاع عن العدالة الاجتماعية وحقوق الطبقات المهمشة.
وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك، الدكتور محمد بني سلامة، إن وضع الأحزاب اليسارية يعكس أزمة في قدرتها على التواصل مع قواعدها الشعبية وإعادة صياغة خطابها السياسي.
وأضاف أن هذه الأحزاب بحاجة إلى تطوير برامج تعكس هموم الفئات الاجتماعية التي تدافع عنها، مثل العدالة الاجتماعية وحقوق الطبقة العاملة، من أجل تجاوز التحديات الحالية واستعادة مكانتها في المشهد السياسي الأردني.
وأوضح بني سلامة، أن الأحزاب اليسارية يمكنها تبني عدة استراتيجيات فعّالة، أبرزها: تجديد الخطاب السياسي. يجب على الأحزاب اليسارية تطوير خطابها ليتواكب مع التغيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي طرأت على المجتمع، مع الحفاظ على جوهر قيمها المتعلقة بالعدالة الاجتماعية والمساواة وحقوق الفئات المهمشة. يجب أن يكون الخطاب قريبًا من هموم المواطن اليومية، مثل الفقر، البطالة، التعليم، والرعاية الصحية، كما ينبغي الانفتاح على الشباب والجيل الجديد، والاستفادة من أدوات التواصل الحديثة، وتوفير مساحة حقيقية لهم في صن? القرار، مما يمثل خطوة مهمة نحو تجديد الدماء وتوسيع القاعدة الجماهيرية. ومن الاستراتيجيات الأخرى، الوحدة والتنسيق بين القوى اليسارية، والتحالف مع قوى إصلاحية ومدنية، والتمركز في القواعد الشعبية، واستغلال النوافذ الديمقراطية المتاحة، بالإضافة إلى تطوير البنية التنظيمية.
وأشار إلى أن تراجع الأحزاب اليسارية في الأردن وعدم قدرتها على الوصول إلى البرلمان يعود إلى مجموعة من الأسباب المعقدة والمتداخلة، أبرزها: جمود القيادات وعدم التجديد، حيث لا تزال معظم الأحزاب اليسارية الأردنية محكومة بقيادات تقليدية لم تتمكن من تجديد نفسها أو فتح المجال أمام الشباب والوجوه الجديدة، ما أضعف جاذبيتها وحدّ من قدرتها على مواكبة متغيرات العصر.
كما يعاني اليسار من ضعف في الخطاب السياسي، حيث أن الأحزاب اليسارية تستخدم خطابًا تقليديًا يفتقر إلى الواقعية ولا يتماشى مع أولويات الشارع الأردني اليوم، مثل البطالة والفقر والحريات، إضافة إلى فشلها في إعادة صياغة خطابها السياسي جعلها بعيدة عن هموم المواطن اليومية.
وأضاف أن الأحزاب اليسارية شهدت انقسامات داخلية مزمنة، ما أدى إلى تشرذمها وإضعاف قدرتها على العمل ككتلة موحدة في مواجهة التحديات السياسية. كما أن هذه الأحزاب لم تنجح في بناء قواعد جماهيرية واسعة، إذ غالبًا ما اقتصرت عضويتها على النخب المثقفة أو النقابية دون اختراق المجتمعات المحلية أو الريفية أو الشبابية بشكل فعّال.
وبالإضافة إلى ذلك، تعاني الأحزاب اليسارية من ضعف تنظيمي ومالي، حيث لا تمتلك بنى تنظيمية قوية أو مصادر تمويل مستدامة، ما يحد من قدرتها على التوسع والانتشار والتأثير خلال الحملات الانتخابية.
وأشار بني سلامة، أيضًا إلى أن التحولات الإقليمية والدولية، مثل ضعف الحركات اليسارية في العالم العربي وتراجع الفكر الاشتراكي عالميًا، قد أثرت على صورة اليسار محليًا، كما أن قضايا مثل القومية والدين أصبحت أكثر جاذبية في المشهد السياسي الأردني.
كما أضاف أن ضعف استثمار الفرص السياسية، حتى عندما فُتحت بعض نوافذ العمل السياسي أو تم تعديل قوانين الانتخابات، كان من الأسباب التي حالت دون نجاح الأحزاب اليسارية في استغلال هذه الفرص لصالحها، سواء بسبب سوء التخطيط أو غياب الكفاءات الانتخابية.
ويبقى السؤال: هل ستتمكن الأحزاب اليسارية من تجاوز أزمتها الحالية، أم أن هذا الترنح سيؤدي إلى مزيد من التراجع؟.
الراي
0 تعليق