عاجل

الذكاء الاصطناعي يُعيد تشكيل تطوير البرمجيات.. فهل يمكننا الوثوق به؟ - اخبارك الان

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الذكاء الاصطناعي يُعيد تشكيل تطوير البرمجيات.. فهل يمكننا الوثوق به؟ - اخبارك الان, اليوم الاثنين 24 مارس 2025 05:48 صباحاً

لم يَعد الحديث عن البرمجيات مجرد حديث عن تطبيقات حاسوبية، بل أصبحنا نتحدث عن عصب الحياة الحديثة، فهي تتخلل كل جانب من جوانب حياتنا، من أبسط المهام اليومية إلى أكثر الأنظمة تعقيدًا. تخيل أن سيارتك الحديثة، على سبيل المثال، تحتوي على عشرات الملايين من أسطر التعليمات البرمجية التي تتحكم في كل شيء ابتداءً من نظام الملاحة ووصولًا إلى نظام الأمان، ومع تسارع وتيرة التحول الرقمي، يزداد طلب برمجيات أكثر تطورًا وكفاءة، مما يضعنا أمام تحدٍ كبير: من سيقوم ببناء هذه البرمجيات؟

وهنا تكمن المعضلة الحقيقية، فنحن نواجه نقصًا حادًا في عدد المبرمجين البشريين القادرين على تلبية هذا الطلب المتزايد، ونتيجة لذلك، نجد أنفسنا مضطرين للاعتماد بنحو متزايد على الذكاء الاصطناعي في تطوير البرمجيات، فاليوم، يُطور جزءًا كبيرًا من البرمجيات التي نستخدمها يوميًا بمساعدة أنظمة الذكاء الاصطناعي، التي أصبحت قادرة على كتابة التعليمات البرمجية، واكتشاف الأخطاء، وحتى تصميم أنظمة معقدة.

وقد أثار ذلك العديد من التساؤلات، مثل: هل يمكننا الوثوق بهذه البرمجيات التي تُطور بمساعدة الذكاء الاصطناعي، وهل يمكننا الاعتماد عليها في المهام الحيوية التي تعتمد عليها حياتنا، وهل يمكننا ضمان سلامتها وأمانها؟ وفي هذا المقال سنجيب عن هذه الأسئلة وغيرها، لنستكشف دور الذكاء الاصطناعي في تطوير البرمجيات، ونتناول التحديات والمخاطر التي تواجهنا:

ما أدوات الذكاء الاصطناعي المستخدم في تطوير البرمجيات؟

الذكاء الاصطناعي يُعيد تشكيل تطوير البرمجيات.. فهل يمكننا الوثوق به؟

لم يَعد الذكاء الاصطناعي مجرد مفهوم نظري في مجال تطوير البرمجيات، بل أصبح واقعًا ملموسًا يستخدمه المطورون يوميًا، إذ يمتلك مطورو البرمجيات اليوم أدوات متقدمة مثل أداة (GitHub Copilot) -التي تُعدّ بمنزلة (ChatGPT) مخصص للمبرمجين – وتعمل هذه الأداة على أتمتة مهام الإكمال التلقائي، مما يزيد من إنتاجية المبرمجين البشريين ويساعدهم في كتابة التعليمات البرمجية بنحو أسرع وأكثر كفاءة.

ومع ذلك، فإن ما نشهده اليوم ليس سوى بداية لتحول جذري في عالم تطوير البرمجيات، إذ يستعد وكلاء الذكاء الاصطناعي لتولي أنواع عديدة من مهام التطوير نيابة عن المبرمجين البشريين، ويتميز هؤلاء الوكلاء بقدرتهم على التعلم واتخاذ القرارات بمستوى معين من الاستقلالية.

وتشير التوقعات إلى أن المستقبل القريب سيشهد بناء العديد من تطبيقات البرمجيات بالكامل باستخدام وكلاء الذكاء الاصطناعي، وستظهر أنظمة الوكلاء المتكاملة، وهي عبارة عن مجتمعات من وكلاء الذكاء الاصطناعي يتعاونون معًا، وكل منهم متخصص في حل نوع معين من المهام، وبفضل هذه الأنظمة، سيصبح بإمكان المستخدمين إنشاء تطبيقات برمجية متطورة ببساطة عن طريق وصف وظائف التطبيق بلغة بسيطة.

وكلاء الذكاء الاصطناعي في تطوير البرمجيات.. إمكانات كبيرة ومخاطر محتملة:

تمثل أنظمة وكلاء الذكاء الاصطناعي نقلة نوعية في مجال تطوير البرمجيات، إذ تتيح للمستخدمين الذين يفتقرون إلى الخبرة البرمجية إمكانية إنشاء برامج مخصصة لتلبية احتياجاتهم، ومع ذلك، فإن هذه الإمكانات الكبيرة تحمل في طياتها مخاطر محتملة وتحديات يجب التغلب عليها.

إذ لا تزال أنظمة وكلاء الذكاء الاصطناعي بعيدة عن الكمال، وقد تنتج تعليمات برمجية معرضة للهجمات، أو غير فعالة، أو متحيزة ضد فئات معينة من المستخدمين، فعلى سبيل المثال، قد يطور وكيل ذكاء اصطناعي برنامج يُستخدم في التوظيف، وقد يفضل هذا البرنامج المرشحين الذكور على الإناث، وذلك بسبب التحيزات الموجودة في البيانات التي اُستخدمت لتدريبه.

وللتغلب على هذه التحديات، يعمل الباحثون على تطوير آليات لضمان السلوك الأخلاقي لوكلاء الذكاء الاصطناعي، ومنها:  إجراء اختبارات مكثفة للنماذج اللغوية الكبيرة وتقييمها وفقًا لمعايير محددة.

إذ يعتمد وكلاء الذكاء الاصطناعي على النماذج اللغوية الكبيرة للتنبؤ وتوليد الاستجابات المناسبة لطلبات المستخدمين، ونظرًا إلى أهمية هذه النماذج، يركز الباحثون في تقييم جميع النماذج الرئيسية وفقًا لمعايير محددة، تشمل: الدقة، والثغرات الأمنية، والتحيزات المحتملة. ويمكّن هذا التقييم الشامل مطوري البرمجيات من اختيار أفضل نموذج لكل وكيل ذكاء اصطناعي، مع مراعاة المهام المحددة التي سيقوم بها الوكيل.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هنا: كيف نضمن أن هؤلاء الوكلاء يفهمون تعليماتنا ويلتزمون بها؟

المخططات البرمجية:

وجد الباحثون أن إجابة السؤال السابق موجودة في العودة إلى الأساسيات، أي المخططات أو التصاميم التي تُبنى عليها البرمجيات، والتي تضمن فهم الوكلاء للتعليمات البشرية وتنفيذها بدقة، فكما يمكن لشخص عادي فهم مخطط منزل دون الحاجة إلى أن يكون مهندسًا معماريًا، يمكن تبسيط مخططات البرمجيات لتصبح مفهومة للمستخدمين غير المتخصصين.

وتبدأ العملية بوصف المستخدم للمهام المطلوبة، ثم يقترح وكيل الذكاء الاصطناعي مخططًا تفصيليًا للحل المحتمل، ثم يشرحه للمستخدم بلغة بسيطة، ويمكن للمستخدم بعد ذلك مراجعة المخطط وطلب إجراء التحسينات اللازمة، وبعد الموافقة النهائية، يُنشئ التطبيق تلقائيًا من المخطط.

وتُعرف هذه الطريقة باسم تطوير البرمجيات المنخفض التعليمات البرمجية أو بدون تعليمات برمجية، إذ يُولّد الحاسوب معظم الأكواد البرمجية – أو كلها في بعض التطبيقات – من المخططات، بدلًا من كتابتها يدويًا من الصفر، وتُعدّ منصة (BESSER) المفتوحة المصدر مثالًا عمليًا لهذه الطريقة في بناء التطبيقات.

مستقبل البرمجيات.. من السحر إلى المسؤولية:

لقد تنبأ (آرثر سي كلارك)، رائد أدب الخيال العلمي، بأن “أي تقنية متقدمة ستتجاوز تصوراتنا لتصبح واقعًا ملموسًا لا يمكن تمييزه عن السحر”، ونشهد اليوم تحقق هذه الرؤية في عالم الذكاء الاصطناعي، فما كان يُعدّ ضربًا من الخيال بالأمس، أصبح اليوم واقعًا ملموسًا يتغلغل في مختلف جوانب حياتنا اليومية.

ومع ذلك، فإن هذا التقدم الكبير يحمل في طياته مخاطر محتملة، فالسحر الذي يمتلك القدرة على تحقيق المعجزات، قد يتحول إلى شعوذة تُشعل فتيل الفوضى والاضطراب. لذلك تبرز الحاجة الماسة إلى وضع ضوابط صارمة وآليات حماية متطورة، تضمن استخدام الذكاء الاصطناعي بنحو مسؤول وأخلاقي.

وفي هذا السياق، يكرس العديد من الباحثين حول العالم جهودهم لتطوير آليات حماية فعالة، تهدف إلى التحكم في سلوك ووكلاء الذكاء الاصطناعي – الذين يمثلون قمة التقنيات المتقدمة حاليًا – وضمان توافقهم مع القيم الإنسانية.

ويهدف هذا الجهد إلى تمكين كل مواطن من أن يصبح مطورًا قادرًا على إنشاء حلول برمجية مخصصة تلبي احتياجات شركته أو أي جانب آخر من جوانب حياته، وذلك بنحو مستقل تمامًا.

تخيل معي مستقبلًا قريبًا يتمكن فيه أي شخص بغض النظر عن خبرته التقنية من إنشاء تطبيقات برمجية معقدة ببساطة عن طريق التعبير عن احتياجاته باللغة الطبيعية، وهذا ليس مجرد حلم، بل واقع يتشكل أمام أعيننا الآن، إذ يسعى الباحثون جاهدين إلى تحقيقه.

ويكمن جوهر هذه الرؤية في إدماج وكلاء الذكاء الاصطناعي في حياتنا اليومية، ويهدف ذلك إلى تحويل التكنولوجيا من أداة نخبوية تقتصر على فئة معينة، إلى قوة تمكين للجميع.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق