مهنا نافع - في اليوم الثاني من شهر شباط عام 1961 كان لدى أبناء الأسرة الأردنية حدثا مميزا، فقد قام جلالة الملك المغفور له الحسين بن طلال طيب الله ثراه بافتتاح مصفاة البترول الأردنية التي بدأت منذ صباح ذلك اليوم المشرق بانتاج العديد من المشتقات النفطية والمباشرة بتوريدها من خلال اسطول ضخم من الآليات لجميع المناطق بالمملكة، انجاز كان له الكثير من النتائج التي انعكست فوائدها على الاقتصاد الاردني، أولها عدم خروج العملة الصعبة لاستيراد المشتقات النفطية والوفر المجزي بتكلفتها والسرعة القصوى بتأمين حاجات المواطنين والقطاعات الانتاجية وتأمين الآلاف من فرص العمل المختلفة التي كانت تزداد مع كل مرحلة من مراحل تطوير وتوسعة هذه المنشأة التي لها بوجدان كل مواطن الكم الكبير من الاحترام والتقدير.
والامس كان كذلك يوما مميزا لمجموعة من أعضاء ملتقى النخبة - elite بتلبية دعوة خاصة للإطلاع عن كثب على ما تم من تطور وحداثة للعديد من مراحل الإنتاج لديها، وقد كان هذا اللقاء باشراف كل من الرئيس التنفيذي للمصفاة السيد حسن الحياري والمدير التنفيذي السيد سلطان صبح والناطق الرسمي ومدير الموارد البشرية السيد حيدر البشايره وقد تم من خلال اللقاء الإجابة على كل الاسئلة والاستفسارات التي غالبا ما تتردد، وبكل صدر رحب وشفافية كانت الردود الوافية والتي سيقوم كل من يرغب من أعضاء الملتقى إلقاء الضوء عن مشاركته بالكتابة عنها.
بداية مشاركتي كانت بالآثار المتوقعة من انتشار المركبات الكهربائية وإن كان بالفعل هناك أي أثر لذلك على كم إنتاج وقود المركبات وما الخطط المستقبلية لتعويض ذلك، وعن إمكانية ايصال الغاز للمنازل من خلال انابيب التزويد المباشر تماما كما يتم تزويدها من خلال شبكة المياه، وإن كان ذلك يمكن تطبيقه ببعض المدن التي تمكن طبيعة تضاريسها سهولة تأسيس البنية التحتية لذلك، وكذلك تناولت على عجالة توضيح الفرق بين المسؤولية المجتميعة التطوعية والواجبة للشركة والتي سألحق رؤيتي عنها بالمزيد من التوضيح، وأخيرا كان لا بد لاسطوانة الغاز أن تتصدر المشاركة وخاصة من ناحية التأكيد على أمنها ونظافتها، لتكون الإجابة الوافية على كل ذلك من السادة المدراء باصطحابنا مباشرة إلى كل أماكن الصيانة والتعبئة المتعلقة بها والاطلاع على جميع المراحل الفنية التي تتم قبل شحنها لمراكز التوزيع.
وكما ذكرت لك عزيزي القارئ أقدم لك رؤيتي الخاصة عن المسؤولية المجتمعية بشكل عام، ولا يسعني قبل ذلك إلا أن أشكر كل القائمين على هذه المنشأة الوطنية وكل التقدير لتفاعلهم مع كل مشاركاتنا، ونتمنى لهم دوام التقدم والنجاح بحسن السير بإدارتها وتطويرها.
إن الالتزام بتطبيق كامل المعايير الدولية للمسؤولية الاجتماعية والمجتمعية لأي منشأة بأي قطاع استثماري ما هو إلا رسالة واضحة للمجتمع المحلي بأن تحقيق الربح المادي ليس الهدف أو الغاية الوحيدة للمنشأة، إنما هناك أهداف أخرى تتعلق بتحقيق التنمية المستدامة للمناطق المحيطة بها وان هذه المنشأة بمنتهى الحرص على عدم الإضرار بالبيئة وبالتالي هي حريصة على سلامة كامل أفراد المجتمع حولها، وهي أيضا على أهبة الاستعداد لعلاج أي خطأ قد يحدث خارج عن إرادتها مهما صغر أو كبر.
فالنوع الأول من المسؤولية الذي يرسل رسالة مهمة للعاملين بالمنشأة خاصة وذويهم عامة هي (المسؤولية الاجتماعية) والتي تختلف عن (المسؤولية المجتمعية) بمفهومها العام كونها تقتصر على العناية بكامل النواحي التي تختص بالموارد البشرية داخل أسوار المنشأة، وتكمن أهميتها بتحقيق الأمان والاستقرار الوظيفي، وبالتالي تعزيز الانتماء للمنشأة، وبالتالي يصبح التفاني والإخلاص بالعمل سمة حميدة متلازمة للعاملين لديها.
أما (المسؤولية المجتمعية) فيشمل مفهومها كامل المجتمع المحيط، فلا يمكن أن نقلل من أثر اعتماد المنشأة على شراء الجزء الجيد من احتياجاتها اليومية من الأسواق القريبة منها، فحتما سيساعد ذلك على تنشيط الحركة العامة لتلك الأسواق وفي نفس هذا السياق الاقتصادي فإن الحرص على توظيف الشباب من أبناء المنطقة وإلحاقهم بالدورات التي تؤهلهم للعمل بالمنشأة يعتبر عاملا أكثر أهمية لتنمية الجوار لتلك المنشأة، ومن جانب آخر فإن إنشاء الحدائق العامة سيعمل على زيادة المساحات الخضراء والتي ستساهم على الحفاظ على البيئة بالإضافة لذلك ستصبح أماكن عامة للتنزه وممارسة الأنشطة الرياضية لمختلف الأعمار، وقد تتوسع هذه المساهمات لتقدم دعم مجد لبعض المؤسسات الصحية والتعليمية، كل ذلك وغيره من مساهمات مختلفة تعتبر من أنجع الطرق لتطبيق هذه المسؤولية المجتمعية والتي لا بد من أن نعلم أن هناك خطا دقيقا يقسم مساهماتها لقسمين مختلفين هما التطوع والواجب.
نفهم المساهمات التطوعية والتي قد تتناسب طرديا مع الامتيازات الممنوحة للمنشأة والهامش الربحي التي تحققه والسياسة العامة التي ترغب تلك المنشأة تقديم نفسها للوسط العام، ولكن ببعض الحالات تصبح هذه المساهمات واجبا لا مناص من التراخي بتطبيقها.
إن التلوث بجميع أشكاله من تلوث صوتي وبصري وجوي وغير ذلك من مسميات مختلفة بشدة التأثير على الإنسان والبيئة إما أن يكون أثره الضار واضحا ومباشرا أو سيظهر بعد فترة من الوقت، ونعلم أن الرقابة والمتابعة تقع على عاتق العديد من المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، ونعلم أيضا أن هناك الكثير من التأثيرات السلبية التي يمكن الحد منها بقدر معين ولكن استحالة لمرحلة ما منعها كليا، لذلك كان على بعض المنشآت التي ينتج من خلال طبيعة الأعمال لديها شكل من أشكال التلوث واجب لتطبيق هذه المسؤولية المجتمعية التقصير بتنفيذه له تبعات توضحها القوانين والتعليمات، وأنا قد أضع ذلك ضمن مفهوم جديد يندرج ضمن مفهوم (الاعتذار)، فهو اعتذار للبيئة والإنسان وتعويض لأي أثر ولو حتى بسيط وقع عليهما ويا حبذا لو كان هناك صندوق خاص تشرف عليه جهة رسمية لتودع به تكاليف هذه المساهمات سواء التطوعية أو الإلزامية لتنظيم الأولويات ولمضاعفة قوتها وجدواها وبالتالي إنجازها على أحسن وجه فالمسؤولية المجتمعية أوسع وأشمل من المسؤولية الاجتماعية كونها تمتد خارج عباءة المنشأة ولا تتعلق بشؤون العاملين بها فقط إنما المجتمع بشكل عام لذلك لا بد من تعاون عدة جهات لحسن تحقيق أهدافها بكل فاعلية ويسر ونجاح.
0 تعليق