الكمبوديون في أميركا يتمسكون بثقافتهم وينقلونها إلى الأجيال المقبلة - اخبارك الان

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الكمبوديون في أميركا يتمسكون بثقافتهم وينقلونها إلى الأجيال المقبلة - اخبارك الان, اليوم الخميس 15 مايو 2025 03:23 صباحاً

في أجواء احتفالية نابضة بالحياة، تعالت صيحات أحد المحتفلين بلغة «الخمير» عبر مكبر الصوت، قائلاً: «ساوسدي تشنام ثيمي»، أي «كل عام وأنتم بخير»، بينما كان يلف جسده بعلمي الولايات المتحدة وكمبوديا، تعبيراً عن انتمائه المزدوج.

ورد عليه مئات المشاركين في الشارع بعبارة «عام جديد سعيد»، مجسدين وحدة الجالية الكمبودية التي تجمعت بالآلاف في شوارع بلدة «كمبوديا» بمدينة لونغ بيتش في ولاية كاليفورنيا الأميركية، بمناسبة السنة الكمبودية الجديدة.

ويُعد هذا التجمع السنوي من أبرز الفعاليات التي تقام خارج كمبوديا، حيث تحتضن منطقة لونغ بيتش أكبر جالية كمبودية في الشتات. ويأتي هذا الاحتفال، الذي يستمر ثلاثة أيام، مع نهاية موسم الحصاد في جنوب شرق آسيا.

ذكرى سنوية

وكان لاحتفال هذا العام طابع خاص، حيث يمثل النسخة الـ17 من المهرجان السنوي، ويتزامن مع الذكرى الـ50 لبداية حكم «الخمير الحمر»، النظام الشيوعي الذي تولى الحكم في كمبوديا عام 1975، وارتكب خلال أربعة أعوام جرائم إبادة جماعية راح ضحيتها نحو مليون شخص، فيما عُرف بمذبحة «حقول القتل».

الكثير من المشاركين في هذا الاحتفال هم من الناجين أو أبنائهم ممن فروا من العنف المروّع، في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، ليستقروا في الولايات المتحدة، واليوم يقدّر عدد أبناء جالية الخمير في لونغ بيتش بنحو 20 ألف نسمة، ما يجعلها أكبر تجمّع للكمبوديين خارج آسيا.

آثار الماضي

وتحدثت رئيسة مجلس بلدة كمبوديا ومؤسِّستها وواحدة من الناجين من تلك المجازر، سيثيا شين، بفخر عن الاحتفال قائلة: «يظهر الحفل بحد ذاته الإصرار، كما يظهر أيضاً قوة مجتمعنا الذي ينصهر مع بعضه بعضاً»، وكانت سيثيا وصلت إلى الولايات المتحدة وهي مراهقة، ومنذ ذلك الحين عملت على تقوية مجتمعها وربطه بجذوره الثقافية والتاريخية.

من جهته، قال زوجها ريتشر شين إن فكرة تنظيم المهرجان جاءت عام 2005 نتيجة حملة للتوعية ودعم المجتمع الكمبودي على طول ممر «أنهايم»، موضحاً أن أحد أهداف الحفل هو مساعدة الناجين على الشفاء من آثار الماضي الأليم، إلى جانب تنشيط الاقتصاد المحلي عبر دعم الشركات الصغيرة.

الأطباق الكمبودية

وفي قلب المهرجان، برزت الأطباق الكمبودية التقليدية كجزء لا يتجزأ من الاحتفال.

وفي مطعمها «كمبوديا فود وميوزيك»، انشغلت صوفي كوت (57 عاماً) بتقطيع اللحم لتحضير طبقها الشهير «أسياخ لحم البقر».

وقالت صوفي، التي أنشأت المطعم بعد تخرجها في الجامعة، إن «الطعام الكمبودي فريد من نوعه، ويعتمد على مكونات صحية مثل شاي الليمون، والزنجبيل، والليمون التايلاندي».

وشاركتها في الإعداد صديقتها كارين إنغ، التي قالت إن المهرجان يجذب كمبوديين من جميع أنحاء العالم بحثاً عن الحنين إلى الوطن.

وأشارت إنغ إلى أنه «على عكس الطعام الكوري أو الصيني، لا يتوافر الطعام الكمبودي بسهولة»، مؤكدة أن المهرجان ينمو كل عام حتى بين غير الكمبوديين، رغم قلة التغطية الإعلامية، لكنه يحقق أهدافه في دعم المجتمع والحفاظ على هويته.

وقالت: «ببساطة ليس لدينا هذا العدد الكبير من حيث السكان والتغطية الإعلامية، لكن هذا يفي بالغرض ويوفر العديد من الأهداف التي يحتاج إليها مجتمعنا الكمبودي، ولهذا فإن هذا المهرجان يفي بالغرض».

إحياء الموسيقى

وعلى أحد المسارح، تفاعلت الجماهير بحماس مع فرقة «روك» كمبودية، أدت مجموعة من الأغاني الكلاسيكية لرموز الموسيقى الكمبودية، مثل شين سيساموث وبين ران، اللذين اختفيا في فترة قمع النظام الشيوعي للموسيقى الغربية، لكن أعمالهما لاتزال حاضرة في قلوب الناس.

كان الطقس المشمس مثالياً للاحتفال، حيث امتلأت الشوارع برقصة الفرحة من أجيال مختلفة، حيث الأطفال يركضون ويلعبون حول منازل منفوخة، بينما يباركهم الرهبان البوذيون المشاركين.

وقالت رئيسة مجلس بلدة كمبوديا ومؤسستها: «تستطيع رؤية السعادة على وجوه هؤلاء الأطفال».

بين الماضي والمستقبل

واستطاع سكان محليون، مثل تيغ سيدا، مشاهدة الاحتفالات من شرفة منازلهم، في الوقت الذي كان الاحتفال في شوارع لونغ بيتش.

ويتذكر سيدا، البالغ من العمر 60 عاماً، عندما أخذ أطفاله إلى أول احتفال عام 2007، حيث قص عليهم حكاية الهروب من كمبوديا، والآن يأخذ أحفاده إلى الاحتفالات ذاتها، وقال في إشارة إلى نجاته من مجازر الخمير الحمر: «أحاول التخلص من الماضي، ولا أريد أن يلوث مستقبل عائلتي بكوارث الماضي».

وأضاف سيدا وهو يلوح لأحد المارين في الطريق ويحمل شجرة نقود كان ينوي التبرع بها لأحد المعابد لاحقاً: «نحاول الحفاظ على ثقافتنا.. عليكم أن تتذكروا أصولكم».

الصحة النفسية

وتعد الصحة النفسية بُعداً آخر لأهمية المهرجان بالنسبة لمنسقَي التوعية في مؤسسة موارد الاستشارات الآسيوية الباسيفيكية، الزوجين ريتشر وسيثيا.

وقال ريتشر إنه بسبب الحرب والصدمات النفسية يشعر بعض الناجين الكمبوديين بالخجل من الارتباطات السلبية بهويتهم الثقافية وتاريخهم.

من جهتها قالت سيثيا: «إذا لم يكن لديك حالة نفسية جيدة فسيؤثر ذلك في صحتك الجسدية»، بينما أشار ريتشر إلى أن الناجين أمثاله، والذين يعانون اضطرابات ما بعد الصدمة، قد ينفر أفراد أسرهم منهم من دون قصد، عن طريق رفض التحدث عن صدماتهم.

وأضاف: «يشعر أطفال الكمبوديون بالتوتر لأنهم لم يفهموا سبب ردة فعل آبائهم تجاه بيئة معينة»، لكنه أكد أن الاحتفالات تتيح للعائلات فرصة لمعالجة الماضي والتواصل حول ثقافتهم وتاريخهم، حيث يجمعهم الاحتفال، وتستطيع رؤيتهم يمشون معاً، ثلاثة أجيال مع بعضهم بعضاً.

وساعد المهرجان الجيل الشاب من الأميركيين الكمبوديين على إعادة الاتصال بجذورهم الثقافية، ففي حين ارتدى كبار السن الأزياء التقليدية، مثل «سامبوت» و«أف باك»، فضل الشباب الملابس العادية مع أوشحة «كراما» الحريرية، في مشهد يعكس تزاوج الماضي بالحاضر، والهوية بالحداثة. عن «الغارديان»


لن ينسوا ثقافتهم

الاحتفال بالسنة الكمبودية فرصة لإعادة التواصل مع الجذور الثقافية. من المصدر

تقول الفتاة الكمبودية كلو فورنسوفان (16 عاماً): «الناس لم يجعلوا فترة الحرب الطويلة بأكملها تغير نظرتهم لثقافتهم ونظرتهم لثقافة الآخرين، بل إنها جمعتهم معاً، إن لم يكن هناك شيء آخر قد حدث لهم».

أما الشاب شين ساون (17 عاماً)، الذي يدرس في المرحلة الثانوية بالجانب الشرقي لمنطقة لونغ بيتش الأميركية، فيقول إنه شاهد صوراً نمطية عن كمبوديا باعتبارها دولة فقيرة أو شعبها لم يعرف تاريخه في ظل هويته الآسيوية الأميركية، لكنه أعرب عن تقديره للمهرجانات الاحتفالية التي أظهرت مدى ثراء إرث شعبه الثقافي، وأكد أهمية هذه المهرجانات الاحتفالية بالنسبة لشعبه، مضيفاً: «إنه أمر جيد.. هذه الأنواع من المهرجانات الاحتفالية تظهر للكمبوديين مدى ثراء ثقافتنا وما نملكه من أمور كثيرة متجذرة تميزنا كشعب كمبوديا»، وتابع: «يعجبني كيف أن الجميع يحبون ثقافتهم وهم يريدون أن يكونوا جزءاً منها».


لا نريد تكرار التاريخ

الرقصات الجماعية تُشعر الكمبوديين بالفخر. من المصدر

كانت ميلا كريستنسين مولودةً صغيرة عندما استولى مسلحو «الخمير الحمر» على العاصمة الكمبودية بنوم بنه، لكنها تحضر الآن مهرجان العام الجديد الكمبودي مع ابنتها الصغيرة كايجا، البالغة من العمر تسع سنوات.

وقالت كريستنسين عن المهرجان: «إنه ممتع حقاً، وأستطيع لقاء أصدقائي جميعاً، وكذلك أستطيع أن أشكل صداقات جديدة، وأقضي وقتاً جميلاً مع الغناء والرقص، وأتناول الأطعمة غير المتوافرة في سان دييغو»، مشيرة إلى أنها قادت سيارتها برفقة ابنتها كايجا ساعات عدة للمشاركة في فعاليات المهرجان.

وأضافت كريستنسون، التي فقدت والدها في المذابح الجماعية التي تم ارتكابها في كمبوديا على يد «الخمير الخمر»: «الكثير من الناس لايزالون يتذكرون التاريخ المأساوي الذي عاشوه تحت بطش (الخمير الحمر)، لكننا لا نريد أن يعيد التاريخ نفسه للأجيال المقبلة التي لم تعرف شيئاً عن بطش ومذابح (الخمير الحمر)».

وتابعت: «إن قضاء لحظة سعيدة في الاحتفال برأس السنة الكمبودية هو تذكير للجيل الجديد مفاده: لا تعيدوا التاريخ، كونوا سعداء، كونوا مباركين».

وقالت رئيسة مجلس بلدة كمبوديا، سيثيا شين، إنها شاهدت المهرجان وشهدت كيف يحول المهرجان والاستعراضات الراقصة للكثير من الأشخاص الذين يرغبون في التعبير عن فرحتهم مفهوم الهوية الكمبودية الأميركية، من شعور بالعار للمجتمع إلى شعور بالانتماء والتعافي من الصدمات المتوارثة بين الأجيال.

وبالنسبة للكمبوديين الذين عــــــانوا أزمــــــة هــــــوية، قالت شين: «بعض الأجيال الشــــــابة لا تــــــــرغـــــــــب في تعــــــــــريف نفســـــها بأنها كمبــــــــــــودية بســـــــبــــــــب أحــــــداث ســـــــاحــة القــــتـــل، لكــــــنهــــــم بعــــــــد الاستعــــراضات الجميلة والرقصات الجماعية يشعرون بالفخر».


اضطرابات ما بعد الصدمة

أظهرت دراسة أجريت عام 2005 للكمبوديين في مدينة لونغ بيتش الأميركية، أن 62% من الناجين من الموت خلال حكم «الخمير الحمر» في كمبوديا، يعانون اضطرابات ما بعد الصدمة، وهي معدلات أعلى بكثير من 4% لدى عامة السكان، ويعيش نحو ثلث الأسر الكمبودية في لونغ بيتش تحت خط الفقر، مقارنةً بـ12% من الأميركيين الآسيويين عموماً في مقاطعة لوس أنجلوس، وفقاً لتقرير جامعة كاليفورنيا لعام 2013 عن حالة بلدة كمبوديا.

. كثير من المشاركين في الاحتفال بالسنة الكمبودية الجديدة هم ممن فروا من العنف في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي ليستقروا في أميركا.

. التجمع السنوي للكمبوديين في أميركا يعد من أبرز الفعاليات التي تقام خارج بلدهم، حيث تحتضن «لونغ بيتش» أكبر جالية كمبودية في الشتات.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق