نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
صدق أو لا تصدق.. "تبون" يشكر دولة سلوفينيا على دعمها لـ"مغربية الصحراء" (فيديو) - اخبارك الان, اليوم الأربعاء 14 مايو 2025 12:25 مساءً
في مشهد ساخر يجدد التأكيد على أن الدبلوماسية الجزائرية تسير بلا بوصلة، أعرب الرئيس "عبد المجيد تبون" عن شكره لسلوفينيا، عقب زيارة لهذه الأخيرة وصفت بـ"زيارة دولة"، وذلك بعد أيام فقط من إعلان ليوبليانا دعمها الصريح لمقترح الحكم الذاتي المغربي في الصحراء.
نعم، "تبون" شكر دولة أكدت علنًا إن المبادرة المغربية تمثل "أساسًا جيدًا" للحل، مشيدة بـ"الجهود الجادة والموثوقة" للمملكة. واللافت هنا ليس فقط في الموقف السلوفيني، بل في قدرة النظام الجزائري على توريط نفسه في تناقضاته مستمرة ومتتالية، حتى بات يشكر الخصوم على انتصاراتهم الدبلوماسية.
الزيارة في حد ذاتها جاءت بلا جدول معلن، ولا أهداف واضحة، وكأن الرئاسة الجزائرية اكتفت بفكرة أن يظهر الرئيس على شاشة الأخبار وهو يصافح مسؤولين أوروبيين، لتبدو الأمور وكأن البلاد تتحرك خارجياً، بينما الحقيقة أنها تتحرك فقط عندما يتحرك المغرب.
الدعوة السلوفينية كانت قائمة منذ أكتوبر الماضي، ولكن لم يُكتب لها أن تتحول إلى زيارة إلا بعدما أعلنت سلوفينيا عن دعمها للمقترح المغربي. عندها فقط شعر النظام الجزائري بضرورة "التحرك"، ولو متأخراً، فقرر أن يرسل الرئيس إلى هناك في مهمة بلا مضمون، فقط كي يقول للعالم: "نحن أيضًا لدينا سياسة خارجية... أو على الأقل نحاول".
الغريب أن النظام الجزائري، الذي بنى كل سرديته الدولية على "مناصرة الشعوب" و"رفض الاحتلال"، يجد نفسه اليوم في موقف عبثي بعد أن بادر علنا إلى تقديم الشكر لدولة تدعم خصمه وتصف مبادرته بالموثوقة، ما يعني أن "تبون" لم يقرأ البيان السلوفيني، أو أن من كتب له التصريح يعيش في كوكب آخر، أو أن النظام بلغ مرحلة من التيه لا تفرّق فيها مؤسساته بين الأصدقاء والخصوم.
ما يزيد من سريالية المشهد هو أن الجزائر، في كل تحرك خارجي لها، تظهر وكأنها تشتغل في وظيفة "رد الفعل". لا مبادرات، لا رؤى، لا أجندة واضحة، فقط انتظار لما سيقوله المغرب، ثم اتخاذ موقف مضاد، مهما كان سقفه أو معناه. وهكذا تُختزل السياسة الخارجية لدولة بحجم الجزائر في تتبع تحركات الرباط، وتحويل كل زيارة أو تصريح مغربي إلى محور الوجود السياسي للبلاد.
الجنرالات الذين يديرون البلاد بعقلية الحرب الباردة ما زالوا يعتقدون أن العلاقات الدولية تبنى على الثنائيات البالية: "معنا أو ضدنا". فلا مشاريع اقتصادية إقليمية، ولا انخراط جدي في قضايا التنمية، ولا حضور استراتيجي في إفريقيا أو المتوسط، بل فقط ملفات موروثة من القرن الماضي يتعامل معها النظام وكأن الزمن لم يتحرك. وحده ملف الصحراء صار شاغل النظام ومحور تحالفاته، حتى فقدت الجزائر وزنها الدبلوماسي الحقيقي وأصبحت مجرد ظل متوتر لتحركات المغرب.
في الوقت الذي يراكم فيه المغرب المكاسب، ويكسب دعمًا دوليًا متزايدًا لمقترحه الذي بات يشكل المرجعية الأممية الواقعية الوحيدة، لا تجد الجزائر من وسيلة للتعامل سوى النفي والرفض والشجب، وكأنها تعيش في نشرة أخبار ثابتة لا تتغير. ولأنها لا تملك شيئًا تقدمه، تكتفي بأن تذهب حيث لا يجب، وتقول ما لا يفيد، وتشكر من لا يستحق الشكر.
في النهاية، يبدو أن النظام الجزائري اختار أن يقود دبلوماسيته كما يقود عربته السياسية: عبر مرآة الرؤية الخلفية، ينظر إلى ما فات، ويتصرف برد فعل دائم، ويراهن على أوهام لم تعد تقنع أحدًا. وبينما يتحرك العالم نحو الحلول العملية، ما زال النظام هناك عالقًا في مشاهد عبثية، آخرها أن يشكر دولة دعمت خصمه... دون أن يدرك أنه بذلك يصفق لهزيمته.
0 تعليق