مسابقات المشاهير.. مَنْ يضحك على مَنْ ؟! - اخبارك الان

0 تعليق ارسل طباعة
شهد شهر رمضان هذا العام صخب مسابقات المشاهير، تجاوزت المعقول، وأصبحت ظاهرة لافتة ومزعجة تجتاح الأسواق والمنازل والمجالس العامة؛ إذ تهافت من يطلق عليهم «المؤثرون» عبر منصات التواصل الاجتماعي، على تنظيم مسابقات تستقطب مئات الآلاف من المشاركين بجوائز مغرية تصل إلى سيارات فارهة، ومبالغ نقدية ضخمة، وأجهزة إلكترونية باهظة، لكنها في المقابل أثارت تساؤلات واسعة حول حقيقتها، ومدى مصداقيتها، وأثرها العميق على المجتمع بعد أن شاهد الجميع الجوائز تذهب من «المشهور» إلى صديقه، وكأنهم يكرسون المثل الدارج «الزم لي وقطع لك».

«عكاظ» استعرضت أبعاد الظاهرة بين مؤيد ومعارض وساخط على البعض من المشاهير، وهم يرون التلاعب الواضح للعيان.

الفائز صديقي!

يقول محمد عايض: إن مسابقات المشاهير تعتمد غالباً على التفاعل الجماهيري، إذ يشترط الاشتراك بمتابعة حسابات متعددة أو تسويق لشركات ومنتجات عبر المسابقات، ويُعلن عن سحوبات توزع فيها الجوائز، مع تصوير مباشر أو محتوى مصوّر يروّج للحدث.

أما عهود الحربي، فترى أن بعض الجوائز تُسلّم بالفعل، وتوجد تقارير وشكاوى تشير إلى تأخر في التسليم أو حتى حجب الجوائز عن الفائزين الحقيقيين، في ظل غياب رقابة واضحة على هذه المسابقات، وبعض تلك الجوائز تجدها تذهب إلى الوسط القريب من المشهور، ويتم إعلان الفائز من محيط هؤلاء المشاهير، ففي إحدى المسابقات الفائزون أقارب وأصدقاء المشهور!

وتقول ميار عبدالعزيز: الشفافية غائبة في الكثير من المسابقات التي لا تملك آلية واضحة للإعلان عن الفائزين أو التحقق من عدالة السحب، فاستغلال الثقة الجماهيرية يتم بالاعتماد على الشهرة لجذب الناس، بينما الهدف الأساسي غالباً هو زيادة المتابعين أو الترويج لمنتجات معينة أو إعلان لمنتج وهذا تضليل للمتابعين، وفي بعض الحالات يتم التلاعب بالنتائج أو الإعلان عن جوائز غير حقيقية.

ويرى سعد العمري أن هناك بعض المؤثرين الذين اختاروا تخصيص المسابقات لدعم المشاريع الاجتماعية أو الطلاب المحتاجين، كتخصيص جوائز تعليمية تشمل منحاً دراسية، وتنظيم مسابقات تهدف لدعم أصحاب المشاريع الصغيرة بمنح مالية أو ترويج مجاني.

أما هادي محمد المهتم بالشأن الاجتماعي فيؤكد، أن «مسابقات المشاهير باتت ظاهرة تتطلب وعياً مجتمعياً ورقابة نظامية مشددة، ليس فقط لضمان حقوق المشاركين، بل لحماية القيم المجتمعية من التسطيح والانجراف وراء الشهرة الزائفة.

تسطيح ولهث خلف الشهرة

مصدر في وزارة التجارة، أكد في وقت سابق، «أن هناك حملات تفتيش ورقابة مشددة على المسابقات التي يتم الترويج لها في الأسواق أو عبر الإنترنت، خصوصاً إذا تضمنت وعوداً بجوائز مالية أو عينية ضخمة، وتتطلب المسابقات نظاماً واضحاً؛ لضمان حقوق المشتركين، مع توثيق الجوائز المقدمة، وهذا ما يتم مراقبته حاليّاً عبر الجهات القانونية».

مبالغات في الجوائز

الإعلامي سعيد بن عبدالله الزهراني، قال: لا بد من ضوابط للجوائز التي تقدم من المشاهير أو الأفراد على وجه العموم؛ من أجل ضبطها وعدم خداع الناس بجوائز قد تكون وهمية وغير واقعية، إذ يتم أحياناً الاتفاق على منح الجائزة لفائز وهمي مقابل مبلغ بسيط، فغالبية المسابقات سواء في رمضان أو غيره لا تمت للواقع بصلة وبالذات الفردية، كما أن هناك مبالغات في المبالغ أو السيارات التي تقدم بهدف جذب المتابعين.. أعتقد أن وزارة التجارة نجحت إلى حد كبير في ضبط عمليات تقديم الجوائز؛ لذلك من السهل العمل على تنظيم مسابقات الأفراد بشكل ممنهج مع منع صناع المحتوى من تقديم أي جوائز حتى لو بسيطة إلا بعد الحصول على التراخيص اللازمة، واقترح أن تقوم الجهات ذات العلاقة، بإصدار لائحة شاملة في هذا الخصوص، تتضمن طريقة المسابقة وأهدافها، ومبالغ الجوائز المرصودة على أن تحجز المبالغ بشيك مصدق لصالح الجهة المسؤولة، ومن ثم توزيع الجوائز بمعرفة اللجان المختصة التي تشكلها الجهة، والأهم عمل مسح أمني قبل إصدار أي ترخيص بإقامة مسابقات فردية، فالتنظيم مهم للمصداقية، والتعرف على أهداف منظم المسابقة ورصد المحتوى الذي سيقدم للجمهور، وأيضاً الحصول على الضريبة الخاصة بالجوائز، على أن تقدم التراخيص مقابل رسوم تتدرج حسب حجم الجائزة. فالتنظيم يسهم في الحد من التلاعب في مثل هذه المسابقات التي تؤدي إلى التغرير بالمتابعين، وقد تكون غالبيتها تهدف إلى كسب المزيد من المتابعين من أجل تحقيق الأرباح التي تمنح لصناع المحتوى من قبل البرامج المختلفة، فكلما زاد التفاعل والمتابعين زادت الأرباح.

ليست كلها مساوئ

المدربة المعتمدة ومشرفة برامج بالتعليم منال السهلي، ترى أن المسابقات الرمضانية تترك أثراً اجتماعياً واضحاً؛ إذ تعزز الألفة بين الأفراد والعائلات من خلال المشاركة الجماعية والتفاعل المشترك. كما أنها توفر فرصة للتثقيف والترفيه بطريقة ممتعة. والسؤال: هل تعزز هذه المسابقات روح المشاركة والتعاون أم تخلق تبايناً بين الفائزين وغير الفائزين؟

وتجيب «السهلي» أن ذلك يعتمد على كيفية إدارتها وتصميمها. إذا ركزت المسابقات على الجوانب التعليمية والتفاعلية، فإنها تعزز روح التعاون والمشاركة بين المشاركين. لكن إذا ركزت فقط على الجوائز الكبيرة وأثارت روح التنافس المادي، فقد تؤدي إلى الإحباط لدى غير الفائزين وتخلق فجوة بين المشاركين؛ لذلك يمكن تصميم المسابقات بحيث تشجع على العمل الجماعي والتعاون، مثل التحديات الجماعية أو الجوائز التي يتم توزيعها على فرق بدلاً من أفراد. كما يمكن أن تكون الجوائز ذات طابع خيري، مثل التبرع بجزء منها لصالح المحتاجين، مما يعزز قيم العطاء والتكافل.

وعن أبرز التأثيرات الاجتماعية للمسابقات الرمضانية على الأفراد والعائلات، يرى محمد أحمد مذكور (ماجستير في الإدارة الرياضية والترويحية) أن المسابقات الرمضانية لها دور كبير في «لمّة العائلة» وتغيير الجو، خصوصاً في رمضان إذ تجمع الكبار والصغار على شيء إيجابي على أن تكون المسابقة عادلة وواضحة، تعزز روح الحماس والتعاون، وكل واحد يحاول يبدع ويشارك. لكن إذا صار التركيز كله على الربح والجوائز الكبيرة دون محتوى أو هدف، فممكن أن تخلق إحساساً بالفرق بين الناس، خصوصاً من لم يفز. ونرى أن تدور المسابقات حول قيم البعد عن هوس الجوائز المادية، وأن يكون الهدف توعية الناس أو تعزيز قيمة معينة يكون أثرها أقوى وأبقى.

أستاذ فلسفة الأدب والنقد الحديث الدكتورة مستورة العرابي، تقول: إن مسابقات المشاهير تعد ميداناً خصباً لصراع أطروحات متعددة تختلف حول جدوى هذا المنتوج السمعي البصري، ذلك أن تلك المسابقات يمكن تأطيرها بصريّاً ضمن باب البلاغة البصرية التي تتوفر على مقومات الجاذبية؛ لإثارة المتلقي، وتنشيط قدراته المعرفية والفنية وغيرها. إن انخراط القنوات التلفازية والإذاعات في مثل هذه الأنشطة يرفع شعاراً ظاهريّاً مغرياً يتمثل في: التنشيط والترفيه، وخلق جسور للتواصل بين المشاهد ومشاهيره من الفنانين عموماً. غير أن هذه الظاهرة البصرية تثير اختلافاً في الآراء حول جدواها وصدق محتواها؛ لذلك نحدد في هذا السياق مستويين للنقاش حولها: الأول مستوى التطهير الذي عرفه أرسطو بأنه تطهير الجمهور الذي يشاهد عرضاً مسرحيّاً أو ما شابهه من الأزمات النفسية الداخلية التي يعاني منها. فعلى سبيل المثال شكلت مسرحيات التراجيديا في العصر الإغريقي أو في العصر الكلاسيكي الأوروبي تفاعلاً بين العرض والممثلين والجمهور عبر خاصية التطهير التي نحصر جوانبها المعاصرة، ومن شأن تلك البرامج والمسابقات تعزيز الروابط بين أفراد العائلة الواحدة من جهة وبين المشاهير الذين يحبونهم ويتابعونهم من جهة أخرى، وتقدم تلك البرامج فرصة لتحفيز الجمهور على تقليد المشاهير في القيم التي يقدمونها من خلال التبرع بجوائز تلك المسابقات، ناهيك عن التطهير بالمعنى الذي يفيد المتلقي في ملء الفراغ وخلق جوانب مهمة من التسليط والتشويق كذلك، فجوانب التطهير هذه يمكن اعتبارها تلك الشجرة التي تخفي الغابة. أي أننا نعتبر فوائد تلك الأنشطة عبر مفهوم التطهير الأرسطي تؤشر في الغالب على الخدعة الإعلامية، والهدف غير المعلن والمتمثل في الربح ورفع عدد المشاهدين في تلك البرامج لصالح شركات التسويق والإعلان التجاري التي تحاول فرض نموذجها في الحياة عبر تلك البرامج، ويظهر ذلك جيداً من خلال لباس المشاهير وتصرفاتهم التي قد تبدو في الغالب الأعم غريبة عن السياق الذي تعرض فيه، وهذا ما أشرت إليه بالتشهير والمقصود به التشهير بالقيم المجتمعية التعاقدية، فتصبح في تلك البرامج مجرد سلعة وكذب وتزوير يراد منه الربح فقط. ذلك أن معظم تلك المسابقات تشكل خدعة للمتلقي؛ إذ يتم الاتفاق مسبقاً على بعض الأجوبة وظهور المشاهير بمظهر الكرماء الأوفياء. ومن مؤشرات التشهير أي تزييف القيم وانتحالها تحول تلك المسابقات إلى مجرد إشهار مفرط للمشاهير أنفسهم.

ويمكن أن نضيف إلى كل ذلك أن تلك المسابقات، ولأنها تمجد الكسب السريع، تؤثر على الأطفال والمراهقين بحيث تزيف لهم حقيقة المشاهير وتقدمهم في شكل أفراد ناجحين في الحياة بشكل سهل لا يفرض بالضرورة على الأطفال والشباب الكفاح والاشتغال والاجتهاد لتحقيق أهدافهم. ومن ثم فإن تلك المسابقات الرمضانية قد تكون ناجعة إذا غلّبنا فيها آلية التطهير على التشهير؛ إذ تقدم الجوائز رمزية فقط مع الابتعاد عن التهويل في الماديات وسلوك المشاهير حتى لا يتحولون إلى قدوة وهمية بالنسبة للعائلة وللأفراد في شتى أعمارهم.

ما جدواها وصدق محتواها؟

أخبار ذات صلة

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق