اخبارك الان

تخفيض التصنيف الائتماني الأميركي يثير الحذر - اخبارك الان

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تخفيض التصنيف الائتماني الأميركي يثير الحذر - اخبارك الان, اليوم الاثنين 19 مايو 2025 01:14 مساءً

في لحظة تاريخية قد تُعيد رسم ملامح الثقة الاقتصادية العالمية، تخلّت وكالة موديز للتصنيف الائتماني عن تقييمها الأعلى للولايات المتحدة، مُعلنةً نهاية حقبة طويلة من المكانة الاستثنائية لأكبر اقتصاد في العالم.

وشهد مؤشر الدولار الأميركي تراجعا في تعاملات الاثنين، في ظل تقييم الأسواق لتداعيات قرار وكالة "موديز" المفاجئ بخفض التصنيف الائتماني السيادي للولايات المتحدة من الدرجة "Aaa" إلى "Aa1"، لتضع الولايات المتحدة في مواجهة مباشرة مع واقعٍ اقتصادي جديد، تُلقي فيه الديون الثقيلة ظلالها على الآفاق المستقبلية.

وفي حديث خاص بـ"سكاي نيوز عربية"، أوضح المدير العالمي لتطوير الأعمال في الخليج والشرق الأوسط في شركة سكويرد فاينانشيال، دومينيك خوري، أنّ هذا التخفيض يأتي في توقيت دقيق، قبيل تمرير التخفيضات الضريبية التي يسعى الرئيس دونالد ترامب إلى تنفيذها، ما يطرح تساؤلات جدية حول مدى استمرار الولايات المتحدة كوجهة آمنة للاستثمار.

وقال خوري: "من المفترض أن تهز هذه الأخبار الأسواق بقوة، إلا أننا حتى اللحظة لم نرَ تفاعلا سلبيا واسع النطاق، ويُعزى ذلك إلى أن الأسواق لا تزال تحت تأثير الجولة الأخيرة التي قام بها ترامب في الخليج، وما تبعها من تهدئة في التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين".

وأضاف: "هذه التحركات السياسية تم أخذها بشكل إيجابي من قِبل الأسواق، مما ساهم في امتصاص جزء من تأثير خبر تخفيض التصنيف، لكن لا يمكن إنكار أن هناك حالة من الحذر الشديد تسود الأوساط الاقتصادية، ومن المرجح أن تظهر انعكاساتها بشكل أوضح خلال هذا الأسبوع والأسبوع المقبل".

وأشار خوري إلى أن سوق السندات بدأ يتفاعل مع الخبر، حيث "شهدنا ارتفاعاً في العوائد وزيادة في تكلفة التأمين على السندات الأميركية، وهو ما سيؤثر بالتأكيد على كلفة الدين، ولكن التأثير ليس ضخماً حتى الآن".

وحول إمكانية فقدان الولايات المتحدة لمكانتها كملاذ آمن، أكد خوري أن "المستثمرين يأخذون هذه التغييرات في الحسبان، لكن أميركا لا تزال تحتفظ بمكانتها، ولا يمكن استبعادها من خطط الاستثمار، سواء على المدى القصير أو الطويل، رغم التراجع النسبي في ثقة بعض المستثمرين".

وفيما يتعلق برد الفعل المحتمل لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، قال خوري إن "الفيدرالي يعمل بشكل مستقل، ولكنه سيراقب رد فعل الأسواق تجاه هذا الخبر قبل اتخاذ أي قرارات جديدة. هذا الأمر قد يمنحه المزيد من الوقت للتريث والتفكير قبل التدخل".

كما أشار إلى أن "عدم تمرير خطة ترامب لتخفيض الضرائب حتى الآن داخل الكونغرس، قد يكون عاملاً مؤثراً في مداولات الفيدرالي المقبلة، لا سيّما إن استُخدم ذلك كورقة ضغط سياسية في المرحلة القادمة".

وعن تأثير التخفيض على الاستراتيجيات الاستثمارية، قال خوري: "لا أعتقد أن هذا القرار سيؤدي إلى تعديل جوهري في المحافظ الاستثمارية على المدى الطويل. الولايات المتحدة لا تزال تمتلك البنية التحتية والقدرات اللازمة لاحتواء هذه المتغيرات، ولكن من المتوقع أن يعيد المستثمرون النظر في توزيع استثماراتهم بشكل أكثر توازناً، مع مراقبة التطورات الاقتصادية العالمية عن كثب".

وختم خوري حديثه قائلاً: "رغم وجود تراجع في المؤشرات وثقل في الأخبار السلبية، إلا أن الأسواق لا تزال متماسكة، وثمة ثقة بقدرة الاقتصاد الأميركي على التعافي. لكننا أمام مرحلة حساسة ستحدد مدى صمود الأسواق أمام هذا الواقع الجديد الذي تفرضه أزمة الدين وتراجع التصنيفات الائتمانية".

ورغم أن البيت الأبيض قد رد بقسوة على قرار "موديز"، واصفاً إياه بـ"المسيس"، ومحاولاً التقليل من مصداقية التحليل الذي استندت إليه الوكالة، فإن الأسواق لا تلتفت كثيراً إلى هذه التصريحات السياسية، فالمستثمرون يبحثون الآن عن ضماناتٍ حقيقيةٍ لقدرة الولايات المتحدة على ضبط ميزانيتها واستعادة التوازن المالي المفقود.

في المدى القصير، يرى المحللون أن الاقتصاد الأميركي قد يشهد تباطؤاً إضافياً مع ارتفاع تكلفة الدين والتشديد المحتمل في شروط التمويل، أما على المدى الطويل، فتزداد المخاوف من دخول البلاد مرحلةً يكون فيها الدين عبئاً لا يُطاق، خصوصاً إذا تحققت توقعات مختبر الميزانية في جامعة ييل، الذي أشار إلى أن استمرار السياسات الحالية قد يرفع الدين إلى 200 بالمئة من الناتج المحلي بحلول عام 2055.

إن هذه اللحظة التي تعيشها أميركا ليست مجرد تخفيضٍ عابرٍ في تصنيفٍ ائتماني، بل هي إشارةٌ صارخةٌ للأسواق العالمية بأن أكبر قوة اقتصادية لم تعد محصنة ضد تداعيات السياسات المالية غير المنضبطة، وأن التغيير، وإن تأخر، لا بد أن يأتي.

أخبار متعلقة :