نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ما مصير حقوق الدائنين مع بدء تفعيل إلغاء حبس المدين الشهر المقبل؟ - اخبارك الان, اليوم الأحد 4 مايو 2025 01:45 صباحاً
سرايا - مع اقتراب موعد تطبيق المادة (22) من "قانون التنفيذ المعدّل لعام 2022" والذي يبدأ في الـ25 من حزيران (يونيو) المقبل، دعا قانونيون وحقوقيون لضروة تحقيق توازن بين حماية حقوق الدائنين وضمان عدم تأثير التعديلات سلبًا على الحقوق، بخاصة مع "إلغاء الحبس في الديون التعاقدية، باستثناء الديون العمالية والإيجارات العقارية".
تعديلات تثير الجدل
وكانت هذه التعديلات، أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط القانونية والاقتصادية، إذ يرى بعضهم بأنها قد تؤدي لزيادة عدد المدينين المتخلفين عن السداد، وبالتالي تأثر حقوق الدائنين، بينما يعتبرها آخرون خطوة ضرورية لحماية الأفراد من العقوبات القاسية التي كانت تُفرض سابقًا، وتنسجم مع الاتفاقيات الدوليّة خصوصاً "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية".
وأشاروا الى أنّ الدولة أعطت فرصة للمواطنين 3 سنوات لتسوية أمورهم الماليّة، إذ إن القانون نص على سريان هذه المادة المعنية بوقف حبس المدين بعد 3 سنوات من صدور القانون المعدل في الجريدة الرسمية، والذي صدر منتصف 2022.
التعديلات الجديدة كانت قد تضمنت تغييرات جوهرية في التعامل مع الديون المدنية والتجارية، وكان أبرزها: إلغاء عقوبة الحبس بحق المدينين في جميع القضايا المالية الناتجة عن العقود المدنية والتجارية، بغض النظر عن قيمة الدين، ما يعني أن المدين لن يُسجن حتى لو بلغت ديونه آلاف الدنانير. ومع ذلك، استثنى القانون حالتين فقط يجوز فيهما حبس المدين، وهما الديون الناشئة عن عقد الإيجار والديون الناتجة عن عقد العمل.
الحجز على الأموال
ومنع السفر
وبدلًا من الحبس، أصبح الحجز على الأموال المنقولة وغير المنقولة، والمنع من السفر من أبرز الأدوات القانونية البديلة التي ستستخدم لتحصيل الحقوق المالية وفق إجراءات قضائية محددة.
وحتى في الحالات التي يُسمح فيها بحبس المدين، حدد القانون مدة الحبس بـ60 يومًا سنويًا فقط عن كل دين، وبحد أقصى 90 يومًا في السنة مهما تعددت الديون، ما يمثل تحولًا كبيرًا في الفلسفة العقابية المتعلقة بالمديونية المدنية.
وفي وقت اعتبر فيه القانونيون أنّ هذه المادة ستترك آثارا سلبية على مصداقية الائتمان والعمل التجاري، وأنّ تطبيق بنودها سيصب في مصلحة المدين على حساب الدائن الذي له حقوق، قال آخرون إنّ الدولة أعطت المواطنين مدّة 3 سنوات لتسوية أمورهم الماليّة، إذ إن القانون نص على سريان هذه المادة المعنية بوقف حبس المدين بعد 3 سنوات من صدور القانون المعدل في الجريدة الرسمية منتصف 2022.
بدائل تضمن حقوق الدائنين
ويرى حقوقيون، أهمية تطبيق هذه المادة، لانسجامها مع الاتفاقيات والمعاهدات الدوليّة التي تنص على أنّه "لا يجوز سجن أي إنسان لمجرد عجزه عن الوفاء بالتزام تعاقدي"، مشيرين لضرورة تطبيق بدائل مختلفة تضمن حقوق الدائنين، مشددين على ضرورة التوسع ببدائل السجن، واقترحوا تطبيق ما يسمى بـ"الإعدام المدني"، عبر تقييد المدين بعقوبات مدنيّة متعددة، كأن لا يستطيع إصدار وثائق رسميّة أو تجديديها، ما دام مدينا ومحكوما عليه بدين.
العبابنة: التجربة
لن تكون ناجحة
القاضي ومستشار ديوان الرأي والتشريع سابقاً د. محمود العبابنة، توقع بأنّ التعديلات الأخيرة على قانون التنفيذ، ستترك آثارا سلبية على مصداقية الائتمان والعمل التجاري، إذ سجلت هذه التعديلات في خانة مصلحة المدين على حساب الدائن؛ الذي "أمضى سنوات السير في ماراثون المحاكم"، ودفع الرسوم القانونية وأتعاب المحاماة، ليصل الى قرار من القضاء العادل، يثبت حقه في الدين؛ ثم خطا خطوةً أخرى بالذهاب لدوائر التنفيذ، ليدفع رسوما جديدة لتنفيذ الحكم، والذي هو عنوان سيادة الدولة.
ورأى العبابنة أنّ هناك مسألة شائكة إذا ما قدم التنفيذ على الدين على نتيجه كمبيالة او شيك، "فهل سيعتبر ذلك التزاما تعاقديا، أم أن الدين ناتج عن ورقه تجارية؟" معتبراً بأنّ هذا الأمر "ما يزال غامضاً ويجب على المحاكم التصدي له".
وبدا العبابنة غير متفائل، متوقعاً بأنّ "التجربة لن تكون ناجحة"، خصوصاً وأنّ من يدفعون أقساطا بسيطة في مرحلة الحبس لما لا يزيد على 5 آلاف دينار، توقفوا عن دفع الأقساط، مبينا أن القانون لم يتضمن وسائل ضغط على المدين في حال غياب التهديد بالحبس، سوى منع السفر، مشيراً إلى أنّ هذا البديل غير كاف.
عدم نجاح التجربة
وقال إن التشريع لم يوفر حماية عادلة للدائن، وسيتضرر كثيراً من المستثمرين، وسيحد كثيرا من عملية البيع الآجل. مضيفا "بأنّ هناك بدائل ووسائل ضغط أخرى، لم يؤخذ بها، لذلك لا أتوقع نجاح التجربة، ومؤخراً عادت الكويت عن موضوع عدم حبس المدين لقاء دين مدني، وفرضت الحبس من جديد، لأن التجربة لم تنجح".
وأكد العبابنة، أن إلغاء حبس المدين على إطلاقه بحجة المحافظة على حقوق الانسان بالحرية والكرامة، يجب ألا يكون أداة لإهدار الحقوق والإضرار بالاستثمار، وفتح المجال للراغبين بالتفلت من الوفاء بالعقود والالتزامات، مشيراً إلى أنّه ليس كل ما يطبق في الغرب يصح تطبيقه كما هو في مجتمعاتنا.
وأوضح، أن القول بضرورة الالتزام بما جاء في المادة (11) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ليس دقيقاً، بحيث يجري التغافل عن شروط إعمالها، وهي "أن يكون مصدر الالتزام تعاقدياً، وأن يثبت إعسار المدين".
لا تطبيق لحبس المدين
لقاء دين مدني
أما ما جاء من أن كثيرا من الدول، لا تطبق حبس المدين لقاء دين مدني؛ فلا مانع من الأخذ بذلك، إذا توافرت ظروف موضوعية معمول بها في تلك الدول، ففي بريطانيا أو فرنسا مثلاً؛ عندما يعجز المدين عن أداء الدين؛ فهناك آلاف المؤسسات الحكومية والخاصة والخيرية التي تتولى أداء دينه، إما من قيمة الضمان الاجتماعي المخصص له، أو المساعدات الاجتماعية، أو النقابات المهنية، بالإضافة لما تقوم به شركات تأمين الديون والجمعيات الخيرية، كما أنّ هناك آليات وأنظمة رادعة للتهرب من سداد الدين ومحفزة للوفاء بالالتزامات، والتي لا ضير أن نُلقي نظرةً عليها وأن نفكر بها.
وبحسب العبابنة، فبالرغم من وجاهة إبقاء الحبس كوسيلة ضغط، كما توصل لذلك قانون التنفيذ الجديد الذي أخذ بالاعتبار عدداً وافراً من الاستثناءات، وخفض الدفعة الأولى مع تقديم عرض التسوية، فإنه يتوجب طرح خيارات أخرى، عبر ما يسمى بإرهاق المدين، تتضمن فرض إجراءات قسرية عليه. منها حرمانه من افتتاح حساب له في أي بنك، أو الحصول على دفتر شيكات أو رخصة سوق، أو احتجاز رخصة السوق التي يحملها، وحرمانه من مغادرة البلاد وتسجيل أي شركة أو المشاركة فيها.
نظام النقاط الائتمانية
وتابع، أما الآلية الثانية، فهي تبني نظام معمول به في دول عدة لهذه الغاية، وهو نظام النقاط الائتمانية، وبموجبه يصدر نظام للعمل به، يتكون من 500 نقطة من حق أي مواطن، ويخصم من رصيد هذه النقاط في حالات عدم سداد الدين، أو إصدار شيكات بلا رصيد، أو وجود أحكام جزائية ذات طبيعة مالية، وتوثيق كل ذلك لدى جهة معينة؛ بحيث يستطيع المقرض، أو المؤجر، أو المتعاقد مع أي شخص؛ التيقن من حالة المقترض لاتخاذ القرار بإقراضه أم لا، كما أن من يحافظ على رصيد عالٍ من النقاط، يتمتع بمزايا تتعلق بالإقراض والتعاقد والحصول على امتيازات أخرى.
المومني: "الإعدام المدني"
المستشار القانوني لمعهد القانون والمجتمع المحامي معاذ المومني، بين أنّ الدولة منحت المواطنين 3 سنوات لتسوية أمورهم الماليّة، فان القانون نص على سريان هذه المادة المعنية بوقف حبس المدين بعد 3 سنوات من صدور القانون المعدل في الجريدة الرسمية منتصف 2022. ويضاف لما سبق، بأنه في فترة جائحة كورونا، أصدرت الدولة بلاغات بوقف حبس المدين، كما أنه ومنذ فترة، يسعى القضاة التنفيذيون لاستبدال عقوبة الحبس ببدائل أخرى. عليه فإن المواطنين دخلوا وهيئوا في سياقات التطبيقات الجديدة للمادة 22.
وأضاف أن الدولة يجب ألا تكون طرفا في التعاقدات بين المواطنين، وتتحمل تبعات وتكاليف كبيرة من هذه التعاقدات، خصوصاً عندما يكون الحبس على مبالغ صغيرة جداً، مقابل تكلفة السجين في مراكز الإصلاح والتأهيل.
وبين أن الأردن من الدول القليلة جداً في العالم التي ما تزال تطبق عقوبة حبس المدين، مشيراً إلى أنّ المادة 11 من اتفاقية "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، نصت على أنه "لا يجوز سجن أي إنسان لمجرد عجزه عن الوفاء بالتزام تعاقدي"، وبالتالي، فإن الأصل هو عدم حبس أي شخص، بناء على عدم سداد ديونه، فـ"الحبس يقر مقابل جريمة"، ولا يوجد جريمة واردة في قانون العقوبات، تنص على هذه الجريمة.
"التنفيذ" يتواءم
مع المعايير الدولية
وبين المومني، أن قانون التنفيذ جاء ليتواءم مع الاتفاقيات والمعايير الدولية، ومجاراة التطوّرات والتغيرات التي طرأت على العالم، مؤكداً أهميّة القانون لما له من انعكاسات إيجابيّة على المجتمع، أهمّها أنّ عدم حبس المدين سيتيح الفرصة للمدين على الاستمرار بالعمل، وبالتالي القدرة على سداد دينه، دون أن يتأثّر عمله ودخله وأسرته، ناهيك أنّ له أثرا إيجابيا بالتخفيف من مشكلة اكتظاظ السجون التي لها تكلفة مالية وإداريّة على الدولة.
ودعا لأن توجد الدولة "مقاربات تضمن حقوق الدائنين"، مشيراً إلى أنّ الحكومة شرعت مؤخراً لتجهيز نظام أو تعليمات - بما لها من صلاحيات وبالتنسيق مع مجلس الأمة، بأن يكون هناك نص تشريعي يضمن حقوق الدائنين عبر ما يسمى ب"الإعدام المدني"، بمعنى تقييد المدين عبر عقوبات مدنيّة متعددة كأن لا يستطيع إصدار وثائق رسميّة أو تجديديها، ما دام مدينا ومحكوما عليه بدين.
وأكد أنّ "العقاب ذا الطابع المدني"، البعيد عن الحبس والعقوبات الماسّة بحقوق الإنسان، غالباً ما يكون له أثر رادع كبير، وبالتالي فإن المدين يضطر للجوء للصلح وتسوية أموره، لافتا إلى أنّ إيجاد ضمانات كافية، يجب أن يقع على عاتق الدائن، الذي سيكون مطالبا اليوم بأن يعيد النظر بفكرة التعاقد، وأن يحرص على إيجاد وفرض ضمانات أكثر تضمن حقّه وسداد الدين.
ونص قانون التنفيذ الجديد للعام 2022، في مادته 22، على أنه "يحق للدائن حبس مدينه بحال لم يسده الدين، أو لم يعرض عليه تسوية، تتناسب مع قدرته المادية، وذلك خلال مدة إخطاره، بشرط ألا تقل الدفعة الأولى من الوفاء، بموجب التسوية عن 15 % من المبلغ المحكوم به".
وينبغي ألا تتجاوز مدة الحبس 60 يوماً في السنة الواحدة عن دين واحد، و120 يوماً بحال تعددت الديون"، كما جاء في المادة 23 من القانون نفسه، بأنه من غير الجائز حبس موظفي الدولة، إضافة لمن لا يكون مسؤولاً بشخصه عن الدين، وكل من المدين الذي لم يبلغ بعد سن الـ18 عاماً، والمدين المفلس، والمجنون، والمرأة الحامل، لحين انقضاء 3 أشهر بعد وضعها، وأم المولود إلى أن يبلغ العامين من عمره.
إخطار المدين بتسديد الدين
ووفقا للقانون، يطلب حبس المدين مع إثبات مقدرته على دفع الدين بحالات عدة، كما يتوجب على الدائن إخطار المدين بتسديد الدين أو قبول تسوية مالية، تتناسب ومقدرته المالية، شرط ألا تقل الدفعة الأولى عن 15 % من قيمة المبلغ المحكوم به، فإذا لم يسدد المدين ديونه، أو لم يقبل تقديم تسوية مالية، تتناسب ومقدرته المالية في فترة الإخطار، عندها يحق للدائن طلب حبس المدين.
وبحسب القانون، فانه لا يُحبس المدين، إذا قل المبلغ المحكوم به عن 5 آلاف دينار، أو المدين المفلس أثناء معاملات الإفلاس، والمدين المعسر، والمحجور عليه للسفه أو الغفلة، والذي وثق دينه بتأمين عيني، أو إذا ترتبت على حبس المدين آثار اجتماعية سلبية وضرر بأفراد عائلته، وذلك بعدم حبس الزوجين معاً، أو إذا كان زوج المدين متوفى، أو نزيل أحد مراكز الإصلاح والتأهيل، إذا كان لهما ابن يقل عمره عن 15 عاما أو من ذوي الإعاقة، إضافة إلى المدين المريض، أو إذا كان المحكوم به ديناً بين الأزواج أو الأصول أو الفروع أو الإخوة، ما لم يكن "نفقة"، أو إذا كان الدين موثقاً بتأمين عيني، أو إذا ثبت وجود أموال للمدين كافية لأداء الدين وقابلة للحجز عليها.
الغد
أخبار متعلقة :