نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
نص مقابلة السيد إبراهيم أمين السيد كاملة على قناة المنار - اخبارك الان, اليوم الأحد 4 مايو 2025 12:12 صباحاً
بتول أيوب: بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في زمنٍ تتقاطع فيه نار المؤامرات مع رماد الانتظار، وفي زمن اللامعايير الأخلاقية والقانونية والإنسانية، جرائم الإبادة الصهيونية في غزة مستمرة، ومعها أحلام التوسع الإسرائيلي وتغيير الشرق الأوسط، وسط تواطؤ أو في أفضل الظنون مراقبة عربية. وحدهم شرفاء هذه الأمة، من اليمن إلى لبنان، ساندوا ودعموا وقدّموا خيرة شبابهم وقاداتهم نصرةً للأقصى. ليظل اسم شهيدنا الأسمى سماحة السيد حسن نصر الله ووجهه المضيء بوصلة كل من ضلّ طريق الحق وطريق القدس، وإن كان غيابه قد هزّ وخلخل خرائط النفوذ في الإقليم وقلوب المحبين والمقاومين.
من بيروت إلى طهران، من غزة إلى صنعاء، من يتقدّم ومن يتراجع؟ من يحاول أن يملأ الفراغ؟ أي شرق أوسط يتشكل ووفق أي معايير؟ لماذا حمل السيد لواء القدس؟ وكيف عايش رفاق دربه لحظة الاستشهاد؟ بماذا عاهدوه؟ وهل يعيش حزب الله مخاض ولادة جديدة؟ وكيف سيواجه الضغوط والحملات الداخلية والخارجية؟ هذه الأسئلة وغير الكثير الكثير من الأسئلة الاستراتيجية نناقشها مشاهدينا الكرام في هذه الحلقة الاستثنائية مع رئيس المجلس السياسي في حزب الله سماحة السيد إبراهيم أمين السيد.
أهلاً وسهلاً بكم سماحة السيد في هذه الإطلالة، بعد غياب قسري ولأسباب أمنية عن الجمهور وعن الإطلالات، وإن كانت إطلالاتكم الإعلامية شبه نادرة، أهلاً وسهلاً بكم. سماحة السيد، معكم سنحاول في هذه الإطلالة الاستثنائية قراءة معايير الصراع، ما الذي يتغير في المنطقة وكيف يتغير؟ وعلى ماذا ستستقر صورة المنطقة؟ ولكن قبل أن ندخل في كل هذه التفاصيل ونفهمها بفهم حقيقي أو أقرب إلى الواقع، نبدأ معك بالحقبة ما قبل اليوم، بمعنى ما الذي حدث من معركة أولي البأس حتى الآن، كيف قرأتموها وقيّمتموها؟
السيد إبراهيم أمين السيد: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، أولاً شكرًا لك وللإخوة في المنار على هذه الحلقة. وأود في البداية أن أوجّه تحية إلى الشهيد العزيز والأسمى، شهيد الأمة، الأخ الحبيب السيد حسن، وإلى كل الشهداء، وإلى كل عوائل الشهداء أيضاً. ويحزنني أني لم أتمكن أن ألتقي معهم كما عوّدت نفسي على ذلك في الفترة السابقة. وإن شاء الله يغفر لي هذا التقصير. والتحية للمجاهدين في كل مكان، في كل المواقع، سواء في لبنان أو خارج لبنان، ولشهداء أيضاً لبنان وخارج لبنان، خصوصاً في فلسطين واليمن. والتحية للمشاهدين في لبنان وفي العالم الذي يمكن أن يشاهدنا.
ولا أنسى هنا أن أتوجه بالتعزية لسماحة القائد، وللمسؤولين في إيران، والشعب الإيراني على هذه المصيبة التي حصلت في تفجير الشهيد رجائي.
أما بالنسبة للسؤال حول طبيعة معركة أولي البأس، فهي قبل معركة أولي البأس، هي معركة النصرة، أي المساندة والإسناد. أود أن أقول للجميع، للصديق والعدو، أنّ فلسطين هي عرض الأمة، فلسطين هي شرف الأمة، وعرض الإسلام وشرف الإسلام، وعرض الإنسانية وشرف الإنسانية. وما حصل فيها هو مذبحة موصوفة ليس فقط للفلسطينيين، وإنما للإنسانية جميعاً. هذا يعني أن المعركة يمكن توصيفها – بالتوصيف التقليدي – أنها معركة جهادية، دينية، سياسية، ومعركة في سبيل الله، ومعركة العقيدة، يمكن، هذا التوصيف صحيح. لكن في رأيي يجب أن نلتفت إلى أنّ هذه المعركة هي معركة الشرف ومعركة الكرامة، بالإضافة إلى كل ما ذكرت. هي معركة الشرف ومعركة الأشراف، ومعركة الشرفاء في هذا العالم. لأنّ الذي وقف في مواجهة العدو لمساندة فلسطين والشعب الفلسطيني، هو في مقدمة أشراف هذا العالم، وكل الذين وقفوا أيضاً، سواء كان في سلاح أو كان في موقف، هو أيضاً في مقدمة أشراف هذا العالم، وفي مقدمة أهل الكرامة لهذا العالم.
وبالمناسبة أحب أن أوجّه تحية لقناة المنار بالذات، وأوجّه تحية لكل السياسيين، وكل الإعلاميين في لبنان، كل من حضر في هذه المعركة، هم من أشراف هذه الأمة، من أي طائفة كانوا، من أي حزب كانوا، حتى لو كان لا عنوان لهم، حضورهم في هذه المعركة هي معركة الشرف والكرامة.
ثانياً، هي معركة التاريخ، يعني في هذه الحرب سيسجل التاريخ، سيسجل التاريخ صفحة فيها مواقف الأشراف وأسماؤهم وعناوينهم وآباؤهم وأمهاتهم وأولادهم وزوجاتهم. هذه صفحة ستُسجل في التاريخ، وهذه صفحة لا تُمحى. وهناك صفحة ثانية في المقابل، يُسجل فيها كل الذين خذلوا وتقاعسوا، وكل الذين فرغوا من أبسط الشعور الإنساني تجاه مذبحة من هذا النوع في فلسطين. تخيلي أنه نحن لم نفعل شيئاً ونحن المقاومة؟
بتول أيوب: ما الذي كان سيتغير؟
السيد إبراهيم أمين السيد: أو أنّ السيد، رحمة الله عليه، لم يفعل شيئاً؟ في أي صفحة سنُسجّل؟ اليوم لم يعد التاريخ يكتبه الطواغيت كما يريدون، اليوم التاريخ يُكتب بشكل صحيح. هناك صفحات يزوّرها المستكبرون، لكن لا يستطيعون أن يزوروا كل الصفحات. فهذا تاريخ، والشهداء وفي مقدمتهم شهيد الأمة، وفي مقدمتهم الشهداء القادة، وكل الشهداء، باعتبار أنّ هذه المعركة معركة التاريخ، سيتلون على أنفسهم ويتلون على الأجيال صفحات هذا التاريخ بحروف من النور الإلهي. فإذن هي معركة من هذا النوع.
بتول أيوب: هذه الدماء سماحة السيد، كيف ستُغير معادلات الصراع؟ هل غيّرت أو هل ستُغير معادلات الصراع؟
السيد إبراهيم أمين السيد: الحروب عادة ليست سياحة، ليست فسحة، خصوصاً المعركة التي حصلت، وعلى لسان الجميع، يقولون بشكل ملخص: إنه لو كانت المقاومة غير هذه المقاومة، أولاً لما توقفت الحرب، ولكان وضع المقاومة غير الوضع الذي هو فيه. لكن المقاومة كانت أشبه بمعجزة، صمودها، ثباتها، قوتها، انتصاراتها. والانتصارات تُحسب ليس بالخسائر، تُحسب بالنتائج. ما كان يريده العدو الإسرائيلي أن يُحقّقه، المقاومة منعته. أنا أقول إنّه قيل هذا الكلام سابقاً من كثير من الإخوة، لكن دعيني أكمل من النقطة الأولى قليلاً.
عظمة كربلاء كلها في أنها معركة الكرامة، ومعركة الشرف. “هيهات منا الذلة”، يعني كربلاء معركة الكرامة. “لا أُعطيكم بيدي إعطاء الذليل، ولا أُقر إقرار العبيد”، هذا يعني أن كربلاء معركة الكرامة. وحينما تكون كربلاء معركة الكرامة، هذه المعركة تستحق أن يُضحّي فيها حتى بالحسين بن علي. فإذا كانت المعركة معركة شرف وكرامة، فيكون من أعلى مراتب الشرف الذين يُستشهدون في هذه المعركة، وأعلى مراتب الكرامة أن يستشهدوا في معركة الشرف والكرامة، خصوصًا الأئمة عليهم السلام يشيرون إلى هذا “إنّ القتل لنا عادة، وكرامتنا على الله الشهادة”. فإذًا الشهادة هنا ليست خسارة، الشهادة هنا وسام، الشهادة هنا نعمة، الشهادة هنا عطاء إلهي وشرف إلهي، حتى لو كان عدد الشهداء يُؤلم، حتى لو كان عدد القادة يؤلم، حتى لو كان الشهيد هو السيد حسن يُؤلم. لكن تخيّلي أنّ السيد حسن يموت على الفراش؟ كم كانت هذه الحسرة في قلبه وقلبنا. لكن أن نتألم حينما يُستشهد رجل من هذا النوع، هذا دليل على عظمة هذه المعركة في أنها معركة شرف وكرامة.
بتول أيوب: استراتيجياً، ومفهوم معركة الشرف، وكيف تُقاد هذه المعركة، والتضحيات التي تُقدم فيها، هي فخر للأمة، وهي مدرسة للأجيال القادمة. ولكن إذا أردنا أن نتحدث بالمحصلة، بالمعادلات، نتحدث عن ما زال طوفان الأقصى ومعركة الإبادة في قطاع غزة مستمرة. ما تحقّق من نتائج على الساحة اللبنانية، أردتم أن لا تدخلوا بها، لأنه فُسّرت كثيراً مفاهيم النصر والهزيمة، وبأي معايير يَقرأ حزب الله والمقاومة أنهم حققوا النصر، وعن الذي تحقّق في سوريا نتيجة إزاحة نظام والإتيان بنظام آخر، ونحن أمام مشروع إسرائيلي يتحدث عنه بنيامين نتنياهو، هذا المشروع التوسعي لتغيير الشرق الأوسط.
معكم سماحة السيد، لو نُلقي نظرة على هذا الواقع، وكيف يتحرك هذا الواقع، حجارة الدومينو كيف تتحرك، وبأي اتجاه؟ وكيف تقرؤون أنها ستستقر؟
السيد إبراهيم أمين السيد: أولاً، ليس في المنطقة فقط، وإنما في العالم، يوجد صراعات متعددة بعناوين مختلفة، تارة عسكرية، تارة تجارية، وتارة اقتصادية، وتارة سياسية. ويوجد تهديدات هنا وتهديدات هناك في العالم. في نفس الوقت، يوجد مسارات من تسويات وصفقات. في المنطقة أيضاً نفس الشيء، لكن بوابة المنطقة هي فلسطين، إلى الآن غير واضح على أي وضع ستنتهي الحرب في فلسطين، وبالتالي غير واضح على أي وضع ستستقر فيه المنطقة. هذا لا يعني أن نجلس جانباً ونتفرج وننتظر، وإنما هذا يعني أننا أمام ظروف ومعطيات وتطورات وأحداث، ينبغي أن نكون فيها أقوياء حتى لا يبتلعنا الحيتان الموجودة في هذا العالم.
لكن أحب أن أطمئن الإخوة والأجيال والشباب، هناك مصطلح يستعملونه عادة، الذين يتحدثون في السياسة في لبنان، اسمه الديناميكية، هذا المصطلح لا أريد أن أستعمله كثيراً، لكن أريد أن أوضحه، حركة التغيير الدائمة، وحركة التحولات الدائمة، في القرآن الكريم يوجد إشارات لهذا الموضوع، للحركة الدائمة المتواصلة. ماذا يعني حركة دائمة؟ أي لا يستطيع الإنسان أن يعتبر أمام حدث معين أنه انتهى الموضوع، انتهى الموضوع هذا شيء في قانون التاريخ غير موجود. في القرآن الكريم، يوجد بعض الآيات تشير لهذا الموضوع. مثلاً “تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ”، شاهدي الحركة، شاهدي التحول. “وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ”، إذاً من يمكن أن يكون عزيزاً في لحظة يمكن أن يكون ذليلاً في لحظة ثانية، والذي يمكن أن يكون قوياً في لحظة يمكن أن يكون ضعيفاً في لحظة. “وَيُهْلِكُ مُلُوكًا وَيَسْتَخْلِفُ آخَرِينَ”، هذا يتعلق بالديناميكية. “إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ”. الله سبحانه وتعالى في حركة التاريخ وضع سُنناً من هذا النوع، حتى يقول لنا ولغيرنا: لا تيأسوا، لا تيأسوا، حتى لو تكالبت عليكم الأمم، لا تيأسوا لأن التغيير والتحولات لا تعرفون بأي لحظة تكون.
من ضمن هذه السُنن، هناك آية تُضيء قليلاً: “قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ”، يعني حركة التحولات في المنطقة أو في العالم، البشر ليسوا العنصر الذي يقف ويتفرج ماذا يفعل الله سبحانه وتعالى في هذه المنطقة، وإنما من ضمن هذه السُنة أنّ الإنسان له الدور الجوهري والأساسي في حركة التغيير وحركة التحولات.
الذي أحب أن أقوله هنا، هذه الحركة لا يمكن أن تبقى كما هي، لا يمكن. وهذه الحركة لا يمكن أن تُهزم، ولا يمكن أن تسقط، لأنّ هذه سُنة إلهية، لأنّ هذا مرتبط بالصراع بين الحق والباطل، لا يمكن، لا يمكن، يا إخوان، اسمعوني، لا يمكن أن ينتهي الصراع لمصلحة الباطل، لا يمكن. يعني لا يمكن أن تقف حركة التغيير والتحولات لمصلحة الباطل، ويمكن أن تنتهي لمصلحة الحق في آخر الزمان، وليس الآن. فإذا التزمنا بقانون التحولات والتغيرات من ضمن القانون الإلهي، فهذا يعني أنّنا دائماً يجب أن نكون على استعداد، ولا تُسقطنا القوة الظاهرية الموجودة في هذا العالم، أو المؤامرات، أو الفتن، أو ما يشبه ذلك.
في التاريخ، الذي قاد حركة التحولات في المجتمعات البشرية هم الأنبياء والرسل والأولياء. الأنبياء والرسل والأولياء، ثم يأتي الصالحون مثل ما يُسمّونهم في القرآن الكريم. هم يقودون، ولكن هم أنفسهم كانوا قلّة، هم أنفسهم كان أنصارهم قلّة، وهم أنفسهم كانوا يُعبروا عنهم بالأراذل، فرعون عبّر عن موسى بالمهين، أو أراذلنا؟ هكذا كانوا، لكن في النهاية على يدهم تغير العالم، هذه الفئة الصغيرة المنبوذة على مدى كل هذا التاريخ، هم حققوا هذه النتائج.
ما أريد أن أقوله هنا، أنّ سماحة السيد هو واحد من الرجال الصالحين، الذي قاد حركة التحولات والتغيير في هذه المنطقة، بالشروط التي يريدها الله تعالى، وبالشخصية التي يريدها الله تعالى، وما شاهدناه من شخصية، أو من علاقة، أو من مواقف، أو من إطلالات، أو ما يشبه ذلك، بالنسبة لي هو يدل على أنه واحد من الذين وصفهم القرآن الكريم بالصالحين ليقودوا حركة التغيير والتحولات في هذه المنطقة. بناءً على هذا، أنا ليس عندي قلق، أنا ليس عندي خوف، الفئة المؤمنة تمتلك من عناصر النصر أكثر بكثير مما يمتلك أهل الباطل من وسائل النصر.
بتول أيوب: اسمح لي، سيد، أن أسألك عن عناصر النصر أو عناصر القوة. يعني هناك من يسأل، مُني جسم المقاومة في لبنان بخسائر على مستوى القيادة، بخسائر مادية، بخسائر على المستوى العسكري، خسائر لا تعوّض، وإن كان هذا شأن آخر يُعمل على إعادة الترميم للبُنيان. ولكن ما هي؟ نحن نتحدث اليوم في هذا الشرح الفلسفي الديني الذي تفضلتم به حضرتكم، إذا أردنا أن نتحدث عن عناصر القوة، استعراض عناصر القوة، أو تسميها حضرتك عناصر النصر، ما هي هذه العناصر؟
السيد إبراهيم أمين السيد: أولاً هناك عناصر ظاهرية، بالعناصر الظاهرية يمكن أن تكون ليس بيننا وبين الإسرائيلي، بين أية قوة وقوة أخرى، يمكن أن يكون هناك تفاوت بالعناصر الظاهرية. ماذا يُقصد بالعناصر الظاهرية؟ يعني مثلاً السلاح، كمثال، يمكن أن يكون هناك طرف متفوق، إذا كانت القوة هي العنصر الوحيد في المعركة فأقول إن إسرائيل منتصرة على كل عالم في المنطقة. لكن عناصر القوة ليست فقط السلاح. نحن في عام 2000 انتصرنا بتفوقنا العسكري؟ في 2006 انتصرنا بتفوقنا العسكري؟ الآن هل انتصرنا بتفوقنا العسكري؟ لا، هناك عناصر أخرى، أسميها بمضمونها، أهم عنصر في الحرب هو الإنسان، ماذا يحمل هذا الإنسان في قلبه؟ ماذا يحمل من عقيدة، من إيمان، من يقين، من قناعة، من شجاعة، من إرادة، من ثبات، من طهر، من صفاء، من رغبة؟ أنا أعرف شبابًا في الحرب في أصعب الظروف كانوا يبكون لماذا لا يذهبون؟ كانوا يتدخلون حتى أقوم لهم بوساطة معينة حتى يذهبوا للقتال، أين موجود في العالم هذا؟
الآن، بالرغم من كل ما يقال في لبنان، الآن نحن حاضرون إذا فتحنا باب التطوع للمقاومة، من يبقى من شباب هذا الجيل خارج التطوع؟ بالرغم من أنّ هذه المعركة ألحقت بنا أضرارًا كبيرة، الخوف الإسرائيلي من المقاومة ليس من سلاحها، الخوف من إنسانها، وهذا الإنسان كلما قُتل كلما أصبح أقوى. لأنه في التاريخ، إذا أردت أن أتحدث عن التاريخ من كربلاء إلى الآن، الشهادة لا تكسر، والشهادة لا تهزم، الذي يُهزم هم الأذلاء والخاضعون، أما الشهداء فهم طريق من طرق القوة والنصر.
العنصر الثالث، لا أقول إن السلاح ليس لديه أهمية، لا، السلاح لديه أهمية. ماذا حدث في المعركة؟ المقاومة استطاعت أن تكتشف نقاط ضعف العدو عسكريًا، أنا لا أتحدث عن اليقين والإيمان، وتركيز المقاومة على العدو في نقاط ضعفه كان لها إيلام كبير لهذا العدو، أو لماذا هو حريص الآن ألا يكون السلاح مع المقاومة؟ ما دام نحن بالنسبة لإسرائيل لا نُساوي أي شيء على مستوى السلاح، لماذا الإصرار أن المقاومة لا بكون معها سلاح؟ أنت مع كل هذا السلاح وخائف من سلاح المقاومة؟ ما هو قيمة سلاح المقاومة أمام سلاحك؟ هو لا ينظر إلى السلاح، إنه ينظر إلى من يملك السلاح، هو خائف ممن يمسك بهذا السلاح.
هذه عناصر النصر. وإذا استحضرنا شواهد تاريخية، حتى مع الأنبياء والرسل، برأيي لا توجد معركة انتصر فيها المسلمون بسبب قوتهم العسكرية، أبدًا، كل الانتصار كان بقوتهم العسكرية، لكن الأساس هو الإنسان وإيمانه ويقينه.
بتول أيوب: كي نوضح أكثر سماحة السيد، عندما تتحدث عن قوة الإنسان، تتحدث عن قوة المقاتل المؤمن الذي يريد أن يتطوع في العمل المقاوم، أم تتحدث عن البيئة؟ يعني علمًا أنه في هذه الحرب، بخلاف حرب تموز، أو إلى جانب حرب تموز وحرب التحرير عام 2000، برز دور فاعل وأساسي، بل ومتقدّم على القيادات السياسية، إذا صح التعبير، بين قوسين هذا الاستنتاج، ولكن بيئة المقاومة ظهرت بشكل فعّال ومتقدم وبشكل لافت. ألا يُعتبر هذا من عناصر القوة؟ من عناصر النصر؟
السيد إبراهيم أمين السيد: بهذه النقطة، ليس فقط إسرائيل، إسرائيل وغير إسرائيل، بدون أن أسمي، فشلوا في التأثير على البيئة. بالنسبة للبيئة، أقول كلمتين، تحضرني آية في القرآن الكريم: “مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ”، قيمة هؤلاء كانت في ذاك الوقت، أنهم وصلوا إلى أنهم صاروا إلى جانبه. أنا أقول، بيئة المقاومة في لبنان أصبحوا أمامنا، وليس إلى جانبنا، أصبحوا مستقبلنا، أولادهم مستقبلنا. لا أحد يستطيع أن يخاف على المقاومة أو يقلق على المقاومة، إذا أطفال هذه البيئة يحبون السيد حسن، أي يحبون المقاومة. هذه بيئة فريدة، أنه كيف بيئة تصبح أمام الحزب؟ أنا أقول للإخوان في الحزب، تعاطوا مع هذه البيئة على أنها أمامكم وليس وراءكم.
هذا غير موجود، على الأقل في العصر الحديث، أنّ بيئة تستطيع أن تقف وتتخذ مواقف وتصمد وتثبت وتقف في وجه آلة القتل والدمار، وبنفس الوقت – الله أكبر – أن تقف امرأة في وجه الدبابة الإسرائيلية وتستشهد، هذه ليست فقط المقاومة، هذه المقاومة وروح المقاومة ومستقبل المقاومة. إنّ بيئة فيها امرأة من هذا النوع لا خوف على مستقبلها.
لفتني بالمناسبة، لو أستطيع أن أُحضرهم أريد أن أضعهم كلوحات، الطفلة التي حملت أختها في فلسطين، إذا أحد يسأل ما هي فلسطين؟ أقول له هذه فلسطين. وإذا سأل أحد عن المقاومة في لبنان، أقول له انظر إلى المرأة الشهيدة التي وقفت في وجه الدبابة. هذه بيئة عملت تأمين للمقاومة ولمستقبل المقاومة.
بتول أيوب: هل أنتم مطمئنون على هذه البيئة؟ بالرغم من كل الضغوط التي تتعرض لها؟
السيد إبراهيم أمين السيد: نحن غير مطمئنون على البيئة، نحن مطمئنون علينا بالبيئة.
بتول أيوب: على المقاومة مع هذه البيئة. ولكن خصمكم، الإسرائيلي والأمريكي، يعملون على تدمير أو على كي وعي هذه البيئة، العمل ليل نهار على بث دعاية الهزيمة، وأن زمن المقاومة ولّى، وأن مفهوم المقاومة لم يحدث أي تغيير، وأن هذا السلاح لم يُحرز النتيجة المتوخاة منه، وأنه لا إعادة للإعمار ولا إعمار، بل هو عمل على إفقار هذه البيئة ومحاولة عزلها. هل كل هذه المؤامرات أو هذه المكائد التي تُحاك على هذه البيئة بالرغم من ذلك أنتم مطمئنون؟
السيد إبراهيم أمين السيد: باختصار شديد، الداخل في لبنان يمكنهم أن يأخذوا المواقف التي يريدونها، وهم يأخذون المواقف التي يريدونها. لكن فيما يخص البيئة، لم يُخلق بعد في لبنان من يمد يده على هذه البيئة، لم يُخلق بعد، هذه البيئة لا تُمس، وهذه البيئة هي تاج الرأس وتاج رؤوسنا، وشرفنا وعِرضنا وكرامتنا. الآن واحد يتحدث هكذا وآخر يتحدث هكذا، نحن نتركهم يتحدثون كما يريدون، لكن البيئة موضوع آخر. بكل الأحوال البيئة جميلها كبير، والبيئة كتبت، كتبت أن الحزب ليس تنظيمًا، وهذه ميزة حزب الله، الحزب ليس تنظيمًا. إذا هناك أحد في الحزب يتعاطى مع البيئة على أنه تنظيم يكون مخطئًا جدًا، لأن البيئة هي نفسها حزب الله، وحزب الله هو نفس هذه البيئة. يمكن أن يكون هناك، وأفترض أن يكون هناك، أنا لا أملك إشارات لأحد، لكن أفترض أن يكون هناك أشخاص يظنون أنفسهم أكبر من هذه البيئة، لا، هذه البيئة أكبر منهم.
بتول أيوب: أي أنتم مطمئنون أن هذه البيئة، بالرغم من كل الضغوط عليها، وسآخذ منك موقف واضح بشأن موضوع أموال إعادة الإعمار. تواصلكم مع العهد…
السيد إبراهيم أمين السيد: بالنسبة لنا هذا واجب، واجب مؤكد. بالنسبة للدولة هذه مسؤولية. نريد أن نعمل على ثلاثة خطوط: خط نحن، وخط أصدقائنا – ما يمكن أن يساعدوا – وخط ثالث له علاقة بالدولة، لنرى إلى أين نصل بموضوع الإعمار.
بتول أيوب: أصدقاؤنا في الداخل أو في الخارج؟
السيد إبراهيم أمين السيد: في الداخل وفي الخارج، من كل من يمكن أن يساهم في إعادة الإعمار، وهناك دول تعلن استعدادها، ولو معنا، يعني ليس بالضرورة في الإعلام. والدولة عليها واجبات يجب أن تقوم بها. لكن حجر الزاوية في الموضوع هو الدولة، ليس نحن ولا الخارج. هذا الإخوان النواب والوزراء وكل المسؤولين المعنيين بالعلاقة مع السلطة يعملون في هذا الاتجاه.
بتول أيوب: أنتم مطمئنون، هناك بعض العراقيل ولكن ليس أنه ممنوع بشكل نهائي؟
السيد إبراهيم أمين السيد: لا أستطيع أن أقول أنا مطمئن، أنا أقول هذا هو المسار الذي يجب أن نسلكه، كم سنحقق منه؟ هذا متروك للمستقبل.
بتول أيوب: وإن كان سمحتكم، انفعلتم على موضوع المس بالبيئة بموضوع أموال إعادة الإعمار، فهنا السؤال عن ربط أموال إعادة الإعمار بالسلاح، هنا لا أعرف كيف ستكون ردة الفعل؟
السيد إبراهيم أمين السيد: هذه مقولة مطروحة في زوايا من الساحة السياسية، لكن ما نسمعه من المسؤولين المعنيين غير هذا الكلام، لذلك لا يمكننا أن نحمل الدولة مسؤولية من يتحدث بهذه اللغة. نحن معنيون بأن نُكمل نحن والدولة في مسار قيام الدولة بمسؤوليتها اتجاه إعادة الإعمار.
بتول أيوب: بموضوع الحوار حول الاستراتيجية الدفاعية، تتحدث عن أجواء إيجابية في الخطاب أو في المحادثات بينكم وبين العهد مختلفة عمّا يتم نقله في الإعلام. في ما خصّ الاستراتيجية الدفاعية أو في ما خصّ سلاح المقاومة؟
السيد إبراهيم أمين السيد: على كل حال هذا الموضوع، سماحة الأمين العام تحدث فيه. قبل نقاش الاستراتيجية الدفاعية، هناك أشياء كثيرة يجب إنجازها، قبل تحقيق هذه الإنجازات، هذه القضايا، لا يمكننا أن نذهب إلى نقاش الاستراتيجية الدفاعية وإسرائيل ما زالت تحتل بعض النقاط وتريد أن تأخذ مناطق أخرى أيضًا.
ثانيًا، على أي شيء سيستقر الوضع الفلسطيني حتى نُناقش الاستراتيجية الدفاعية؟ لا يوجد منطق. فهذه الأمور بعد وقت، الانسحاب الإسرائيلي من النقاط، الموضوع الفلسطيني، نريد أن نرى الوضع الذي تتجه إليه المنطقة في النهاية. نحن منفتحون على الحوار ولسنا ضد الحوار. لكن الحوار في ظل احتلال إسرائيلي وعدوان يومي إسرائيلي، هذا له معنى وله دلالة، وحينما ينتهي هذا الاحتلال أو هذا العدوان، فله دلالة أخرى. نحن لسنا مستعدون أن نذهب إلى حوار ضمن الدلالة الأولى للموضوع.
بتول أيوب: سماحتكم، إلى أي مدى، وأنتم تترقبون وتتابعون الأحداث في الإقليم والأحداث في المنطقة، وتحرصون على استقرار هذا البلد، إلى أي مدى يُقلقكم المشهد في سوريا، إذا ما أخذناه من زوايا بعض ما حدث في الساحل السوري، وما يحدث مع الإخوة الدروز في سوريا، التدخل الإسرائيلي، كيف يقرأ حزب الله هذه المؤشرات؟ وإلى أي مدى ينتابه القلق من أن تنتقل إلى لبنان؟
السيد إبراهيم أمين السيد: سوف أذكر شيئًا واحدًا، القلق الكبير مما يجري في سوريا هو الأطماع الإسرائيلية في سوريا، ومن ضمن هذا القلق، كيفية مواجهة هذا التدخل الإسرائيلي في سوريا، لأنه غير مقبول حتى عند السوريين أن يقبلوا باستباحة إسرائيل لبلدهم، هذا غير مقبول. هم يتحدثون اليوم، يتحدثون عن علاقة سوريا بمنطقة معينة من السويداء إلى منطقة الأكراد. ثانيًا، وزير المال الإسرائيلي يقول: “ستنتهي الحرب عندما تنتهي قصة حماس في غزة، وحينما نفكك سوريا”، هذا ما نحن قلقون منه.
الموجودون في سوريا، ما هي استراتيجيتهم؟ أنا لا أعرف. إذا كان هناك قلق، هناك قلق على هذا الموضوع. ما يحدث في سوريا يؤكد مصداقية المقاومة في لبنان، ويجب أن ينظر اللبنانيون إلى الأطماع الإسرائيلية في سوريا وينظروا إلى ضرورة وأهمية المقاومة في لبنان.
بتول أيوب: العمل على الفتنة، إلى أي مدى لبنان محصن في هذه المرحلة من الفتنة؟ شاهدنا نحن الأحداث عند الإخوة الدروز في الأيام الماضية، هي نتيجة الفتنة والتحريض. لبنان، مع اشتداد حدّة الخطاب بين بعض المكونات، باتجاه عموم اللبنانيين وتحديدًا المقاومة، إلى أي مدى تعتقد أننا محصنون في هذا البلد من أي فتنة يعمل الإسرائيلي عليها؟
السيد إبراهيم أمين السيد: هناك كلمتان في البداية أريد أن أقولهما، الوضع الطبيعي في لبنان يفترض أن يكون الاستقرار في لبنان، هذا هو الطبيعي. الوضع الطبيعي في لبنان، باعتبار أن لا المسلمين يريدون إلغاء المسيحيين، ولا المسيحيين يريدون إلغاء المسلمين، فإذًا قدرنا الطبيعي أن نكون مع بعض. وحتى نكون مع بعض نحتاج لاستقرار دائم. يجب ألا نُكثر العناوين لِنلتقي مع بعض، يمكننا أن نضع عدة عناوين يُتيحون لنا اللقاء مع بعض، الكرامة الوطنية والسيادة الوطنية يمكننا أن نجتمع عليها، لكن هذا أرضيته الاستقرار الدائم. لذلك، موضوع العمل أو استراتيجية أي طرف في لبنان، لديه استراتيجية عدم التعايش بين المسلمين والمسيحيين، أي أنه يضرب الاستقرار في لبنان، ولكن ضرب الاستقرار في لبنان ليس لمصلحة أحد.
بتول أيوب: ما مصلحة الأمريكي؟ هل مصلحته الفوضى في البلد؟ أم الاستقرار في لبنان؟
السيد إبراهيم أمين السيد: لا يظهر لدي في المواقف الأمريكية حول هذا الموضوع أنّ لديه مصلحة في الفوضى في لبنان، ولو كان لديه مصلحة في الفوضى لكان فعلها منذ زمن، وهناك لبنانيون أمريكيون بواجهة لبنانية، يعني يتحدثون باللهجة اللبنانية، ويستطيعون أن يُحدثوا هذه الفوضى، لكن هذا لم يحدث. أنا لا أبرّئ، لكنني أتكلم بموضوعية، لم ألحظ أي إشارات أمريكية تُحرّك الأمور نحو أن يكون هناك فوضى. ماذا تعني الفوضى؟ تعني أن هناك حرباً أهلية. لم أرَ شيئاً كهذا في الموضوع. وإن كان بعض اللبنانيين يوحي بأن الأمريكيين يريدون ذلك، وقد لا يكون صحيحًا.
بتول أيوب: هذا دور دعائي لبعض الأدوات في الداخل اللبناني. إلى جانب الكلام عن سيناريو الفوضى أو الحرب الأهلية، هناك من يقرأ المعادلة في لبنان بطريقة مختلفة، أنه على هامش أو على جانب الحوار الإيراني الأمريكي، أعطي تفويضاً للإسرائيلي بإتمام المهمة في لبنان عسكرياً، لأن بعض الأدوات في الداخل غير قادرين على القيام بهذه المهمة. هل تقرأ ذلك بهذه الطريقة؟
السيد إبراهيم أمين السيد: أنا رأيي وقد كتبته، أنّ هناك احتمال أن يُصعّد الإسرائيلي في لبنان، كما يُصعد الآن للتشويش على المفاوضات الأمريكية الإيرانية. حسب ما صرّح الإسرائيليون، هم غير مرتاحين كثيرًا لمسار المفاوضات، خصوصاً أنّ ما يُعلن عن أجواء المفاوضات من الطرفين، من الطرف الأمريكي والإيراني أن الأجواء بنّاءة، والأجواء جدية، وممكن الوصول إلى اتفاق في وقت قريب. هذا قد لا يكون في مصلحة الإسرائيلي، لديه أطماع تتعلق بشيء آخر.
ما يحصل حالياً في المفاوضات، أنا لست متشائماً، وأنا أقرب إلى التفاؤل، وهذا الموضوع كما قال وزير الخارجية الإيراني، أنّه إذا كان الأمريكي جدياً بأنه لا يكون عند إيران سلاحًا نوويًا فيمكن الوصول بسرعة إلى الاتفاق. هذا سيُلقي بثقله على المنطقة، لكن لا نتوقع أشياء سريعة وكبيرة، سيُلقي بثقله على مهل.
بتول أيوب: أي ليست الخطوة لترتيب الملفات والتفاوض عليها؟
السيد إبراهيم أمين السيد: هم حصروا المفاوضات بالاتفاق النووي، وليس هناك مانع، كما أُعلن، لا يوجد مانع لدى إيران أن تُفاوض أو تُناقش أي ملف من ملفات المنطقة. ما يهمني في هذا الموضوع هو نقطتان: نقطة لها علاقة بموضوع المفاوضات، ونقطة تُعيدني قليلاً إلى الوراء.
من أجمل وأهم نتائج المفاوضات – إن شاء الله إذا نجحت – هو على صعيد الجمهورية نفسها، ماذا يعني هذا؟ هناك في القرآن الكريم كلمات دائماً تُذكر عندما يتحدث عن المسيح عليه السلام: “وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ اللَّهِ”.
هناك ثورة حصلت في إيران بإذن الله وليس بإذن المستكبرين. أصبح هناك دولة في إيران فبإذن الله وليس بإذن المستكبرين. وحصل تقدم في إيران وتطور فبإذن الله وليس بإذن المستكبرين. هذا نموذج سيكون له تأثير كبير في العالم، أن هناك دولة استطاعت أن تصنع كل ما تصنع بإذن الله وليس بإذن المستكبرين. لأن الجو السائد في العالم، ولا يزال قائماً أنك إذا أردت أن تعمل تنمية فيجب أن تقوم بها من خلالي، إذا أردت أن تتقدم فيجب أن تتقدم من خلالي، أي بإذني. الدولة في إيران هي الدولة الوحيدة الموجودة في هذه المنطقة التي تتقدم وترتفع وتعلو لكن بإذن الله وليس بإذن المستكبرين.
النقطة الثانية بالنسبة للدول العربية والإسلامية، ما قاموا به تجاه المذبحة في فلسطين مشكورون عليه، لكن إذا كانت هذه هي قدرتهم، فهذه مصيبة، إذا كانت هذه هي قدرتهم لمنع المذبحة في فلسطين فهذه مصيبة كبيرة.
بتول أيوب: ماذا فعلوا؟ ماذا قدّم وفعل العالم؟
السيد إبراهيم أمين السيد: ما فعلوه، على قدر ما فعلوا مشكورين. لكن إذا إلى هذا الحدّ يفعلون فقط، فهذه مصيبة، إذا إلى هذا الحدّ قدرتهم، فهذه مصيبة، إذا إلى هذا الحدّ أوراقهم، فهذه مصيبة، ليست مصيبة علينا، مصيبة على الأمة كلها، ومصيبة عليهم هم، لأنه إذا انتصرت إسرائيل في فلسطين، فالتهديد عليهم مباشرة. فأنا أنصحهم أن يعيدوا النظر في استراتيجية المواجهة مع العدو الصهيوني في فلسطين، من أجل مصلحتهم ومن أجل حماية أنفسهم، وليس من أجل حماية الفلسطينيين.
بتول أيوب: النقاش معك والأفكار ما شاء الله سماحتكم غزيرة، ولكن الوقت بدأ يداهمنا. عندما نتحدث عن مستقبل هذه الأنظمة العربية، يقابلك منطق التطبيع، هم يعيشون زمن التطبيع وتوسيع اتفاقات إبراهام؟
السيد إبراهيم أمين السيد: هناك كلام لنتنياهو قديم قليلًا، يتحدث مع السعودية، يقول عندما ننتهي من فلسطين، حينها سيأتون هم ويتحدثون معنا لنطبّع مع إسرائيل. أنا أنصحهم، أنّ هذا ليس تطبيعًا بين طرفين، هذا تسلّط طرف على طرفٍ آخر، هذا ليس تطبيعًا، لا نجمّل الألفاظ، التطبيع مع إسرائيل يعني التسلّط الإسرائيلي على دول المنطقة، نقطة على السطر.
بتول أيوب: هناك محور أساسي حاولت حضرتك أن تتحدث عنه في آخر هذا اللقاء، سماحة السيد. قبل أن آتي لهذا المحور المتعلق بالشق الشخصي مع سماحة السيد حسن نصر الله رضوان الله تعالى عليه. أريد أن أختم الملف اللبناني من ناحية ما هي رسالة رئيس المجلس السياسي في حزب الله، سماحة السيد إبراهيم أمين السيد، لجمهور المقاومة وللعهد؟
السيد إبراهيم أمين السيد: بالنسبة لجمهور المقاومة، هم لا يحتاجون إلى من يتحدث معهم كثيرًا، ما شاء الله عنهم، واعون وأهل بصيرة ولا يهتزّون. لكن أريد أن أقول لهم، لا يتأثروا كثيرًا بالإعلام، هذا الإعلام الموجود في لبنان لا يعبّر عن الشعب اللبناني، كل الشعب اللبناني، وأنا أتحدث عن اطلاع وليس بالسياسة، يجب أن يعتبروا أنّ الشعب اللبناني يحب المقاومة ويفتخر بالمقاومة ويعتز بالمقاومة، ولولا الظروف الضاغطة من قبل بعض السياسيين في لبنان أو التهديدات الخارجية، لكنّا رأينا تعبيرات الشعب اللبناني تجاه المقاومة أفضل بكثير مما هي عليه الآن. على كل حال، لا يعيروا اهتمامًا لوسائل الإعلام أو لبعض وسائل الإعلام، لأنّ هذه وسائل إعلام أجنبية بلغة لبنانية، لا يعطوها اهتمامًا. ويجب أن يُبنوا على أنّ الشعب اللبناني يفتخر بهذه المقاومة، ولا يجرّهم هذا الإعلام، لا يُجر شباب المقاومة إلى اتخاذ مواقف عدائية أو ما يُشبه ذلك تجاه ما يظهر في الإعلام، وكأنّ هذا هو الشعب اللبناني، لا، الشعب اللبناني ليس كذلك. ولو كنت أستطيع أن أذكر أمثلة، لقلت.
لكن سأقول شيئًا، حتى القوى السياسية التي تُظهر عداءً واضحًا ضدّ المقاومة، هناك شعب عند هذه القوى السياسية تفتخر بالمقاومة.
أما للعهد، كلمتان، أولًا، تحية لرئيس الجمهورية، إن شاء الله يسمعني بهاتين الكلمتين. هناك حديث شريف منقول، أي حكمة منقولة عن أمير المؤمنين عليه السلام، لن أقولها بالتفصيل، سأذكر واحدة منها. يقول الإمام: “خمسة ينبغي أن يُهانوا” – الأول والثالث والرابع والخامس لا أريده – الثاني، مِن الذين ينبغي أن يُهانوا، يقول: “المُتأمّر”، أي الذي يعطي أمرًا، “المُتأمّر على صاحب البيت في بيته”، هذا الحديث. سأقول لفخامة الرئيس، بيتك هو الوطن واللبنانيون أولادك، لا تسمح لأحد أن يتأمّر عليك في بيتك. فقط هذا ما أريد أن أقوله له. ليس أنت من يجب أن يُهان، الذي يتأمّر عليك يجب أن يُهان في بيتك.
بتول أيوب: هل لدى البلد قدرة على تحمّل هذه الضغوط؟
السيد إبراهيم أمين السيد: الإهانة لا تحتاج إلى تحمّل، يمكنه أن يتحدث بكامل الدبلوماسية، ويُفهم الطرف الآخر أنه لا يحق لك أن تتحدث معي بهذه اللغة في بيتي، اذهب وتحدث في مكانٍ آخر.
بتول أيوب: ألا تعتقد سماحة السيد أن المنطقة دخلت العصر الأميركي، فكيف في لبنان؟
السيد إبراهيم أمين السيد: متى لم تكن في العصر الأميركي؟ المنطقة بدأت تخرج من العصر الأميركي بانتصار الثورة في إيران، لكن عندما كان شاه إيران موجودًا في إيران، كان العصر عصرًا أميركيًا.
بتول أيوب: عندما يُطلب من العهد أن يقف ويقول كلا للولايات المتحدة الأميركية، إذا أردنا أن نتحدث بالأرقام أو بأوراق القوة، ماذا يستطيع عمليًا رئيس الجمهورية أن يفعل؟
السيد إبراهيم أمين السيد: هذا شأنه على كل حال، هو رئيس الجمهورية وعليه مسؤوليات كبيرة مطلوب أن يقوم بها. أنا أشير إلى نقطة فقط، أن الشيء الذي يتعلق بكرامة اللبنانيين لا يمكن لأحد أن يوجّه إهانة للبنانيين في بيت رئيس الجمهورية، غير مقبول.
بتول أيوب: الوقت داهمنا فعلاً سماحتكم، ولن نختم هذا اللقاء إلا بالتوقف ولو قليلًا، عند لحظات شخصية، أو لحظات عايشتها مع تلقي نبأ استشهاد سماحة السيد حسن، أو كيف تتذكرونه أو تلخّصون مرحلة السيد حسن نصر الله؟
السيد إبراهيم أمين السيد: هذا يحتاج إلى حلقة خاصة. أولًا يجب أن يكون هناك حلقة خاصة لأتحدث عن السيد، لأنها علاقة 40 سنة، وأنا عضو بالشورى ولكن كان شرف كبير لي أنني كنت إلى جانبه. لا يمكنني أن أختصر كثيرًا بالموضوع، سأحكي نقطة واحدة.
هناك آية في القرآن الكريم تقول “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا”، هذه صلاحيات. آية أخرى تقول: “لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ”، هذه ليست صلاحيات، هذه كيفية ممارسة الصلاحيات. مثلاً: ”خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا”، إلى هنا صلاحيات بين الرجل والمرأة، “وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً”، هذه ليست صلاحيات، هذه كيفية ممارسة الصلاحيات.
السيد يمتلك الكثير من الصلاحيات، لكن هو لم يمارس صلاحياته مع الناس، هو تعاطى معهم بالحب والمودة والأخوة والرعاية والاهتمام والتفقد، لكن لم يتعاطَ معهم بالصلاحيات، أنه أنا مسؤول الفلاني، أنا عندي هذه المسؤولية، وباعتباري أنا مسؤول يجب أن تعملوا كذا، بكل الوقت الذي كنت معه لم أشعر أنه يستخدم لغة الأمر، استخدم لغة الحب والاحترام واللياقة والحرص على الإخوان. أنا من هذه النقطة – لا أعرف ما الذي يفعله الإخوان – ولكن أريد أن أوجّه للمسؤولين في حزب الله وكلهم يحبون السيد، في علاقتهم مع الإخوان في الحزب أو مع الناس لا تتعاطوا مع العالم بالصلاحية، بل تعاطوا معهم بالرفق والرحمة والمودة، هذه واحدة من شخصيات السيد.
أقول في النهاية قصيدة هي عنوانها “كلمات من وجع”: يا حبيب العمر، اسمح لي أن أرسمك لوحة على جدران قلبي، وكلما ينبض قلبي أراك. اسمح لي أن أخبّئك دمعة في عيوني، وكلما رفّ جفني بكاءك. اسمح لي أن أضمك شمعة بين ضلوعي، وكلما أَنّ ضلعي رثاك. اسمح لي أن أزرعك وردة في بساتين الزهور، وكلما هبّ النسيم نشتم شذاك. اسمح لي أن أحملك راية لكل حرّ أبيّ، وكلما مرّ جيل تزوّد من طهر دماك. يا حبيب العمر، أربعون عاماً معاً لم نختلف، ومع سواك اختلفنا في الحب، والخلاف في الحب ذنوب. قد يتوق المرء ليقود الشعوب، لكنك وحدك كنت تقود القلوب. أنا لا أحب الحروب، لكن ما أحب شجاعتك في الحروب. سلام عليك حين تشرق الشمس، وسلام عليك حين الغروب. هل حين قضيت رأيت سيدك الرسول؟ وحينما رضّوا صدرك تذكرت الحسين رضّته الخيول. لقد رحلت سعيداً إلى زمن الخلود، وهم ذهبوا حتماً إلى زمن الأفول. يا حبيب العمر، معك، معك، سأبقى معك، ألامس كفيك وأذرعك وأقبّل وجنتيك ومدمعك، وأردّد اسمك في كل وادٍ ما أروعك، وأقول للزمن الحقود ما أفجعك. سأبقى معك أغنيك نشيداً أو قصيدة، وتأخذنا إلى الأيام المجيدة، وتُلهمنا قيادتك الرشيدة، وتُعلّمنا من الكلمات الفريدة، وتُفرحنا الابتسامات الودودة، ونعيش على الانتصارات السعيدة، ونحمل دمك أمانة إلى الأجيال البعيدة. سأبقى معك، الله معك، الله معك، الله معك.
بتول أيوب: إنًا على العهد إن شاء الله. شكراً جزيلاً لكم سماحة السيد إبراهيم أمين السيد، ودائماً يُقال ما سرّ هذا القائد الصالح، شهيد الأمة، رضوان الله تعالى عليه، الذي زرع المحبة في قلوب النساء والرجال والأطفال والقادة من أمثالكم. هنيئًا له طيب هذا الزرع وطيّب الله أفواهكم بهذه الكلمات وهذا التحليل الاستراتيجي الذي نوّرتنا به سماحتكم على مدار أكثر من ساعة. شكراً جزيلاً لحضوركم.
السيد إبراهيم أمين السيد: شكراً إليك مجدداً، وشكراً لكل المشاهدين والإخوة جميعاً، وأعود وأكرر تحياتي للشهداء وعوائلهم والمجاهدين والجرحى، خصوصاً جرحى البيجر، تحية للكل، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لمشاهدة الحلقة كاملة، اضغط هنا
المصدر: العلاقات الاعلامية
أخبار متعلقة :