اخبارك الان

علي فقندش.. أمين الصحافة الفنية وذاكرتها الحية - اخبارك الان

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
علي فقندش.. أمين الصحافة الفنية وذاكرتها الحية - اخبارك الان, اليوم الجمعة 21 مارس 2025 01:29 صباحاً

في مشهد الصحافة الفنية السعودية، حيث التوثيق تارةً ضربٌ من العشق، وتارةً أخرى انصهارٌ في وهج النجوم، كان علي فقندش نسيجاً وحده. رجلٌ عايش المسيرة الفنية السعودية لحظة بلحظة، لا بوصفه مراقباً على مسافة، بل كشاهدٍ متداخلٍ مع نبضها، يكتبها من الداخل، ويؤرخها من قلب حراكها، دون أن يفقد التوازن بين الاحتفاء والنقد، بين الصداقة والمسافة، وبين المهنية والولاء للمشهد.

حين تكتب عن علي فقندش، فأنت تكتب عن مدرسة صحفية فريدة، لم تتكئ على تنظيرٍ أكاديميٍّ جاف، ولا على استعراضٍ مؤدلج، بل قامت على الحسّ الميداني، ذلك الذي يجعل الصحفي كائناً حاضراً في كل تفاصيله، مؤمناً بأن التوثيق لا يُنجز من خلف المكاتب، بل من قلب الحوارات والمسامرات والجلسات العفوية التي تُشعل ذكريات الأرشيف. كان فقندش، أحد هؤلاء الذين جعلوا الصحافة الفنية السعودية سجلاً شفوياً حياً، لا يدونه فقط، بل يحمله بين قلبه وأوراقه، لينقل للقارئ أكثر مما تُظهر العناوين.

بفطرته، لم يكن يلهث خلف الأضواء، بل كان يُضيء للآخرين طريقهم. الصحافة بالنسبة له لم تكن حلبة استعراض، بل مساحة للعطاء، حتى إن كان هذا العطاء لا يعود عليه بما يستحقه. ربما لهذا السبب، ظلّ قريباً من الجميع، محبوباً حتى من أولئك الذين قد لا يروق لهم ما يكتبه، لأنهم يدركون في أعماقهم أنه صادقٌ فيما يقول، محكومٌ بشغفه لا بمصالحه، غير قابلٍ لأن يكون مجرد ناقل أخبار أو عابر على السطح.

أجيالٌ من الفنانين، كباراً وصغاراً، مروا من بين يديه، كتب عنهم حين كانوا مجرد أسماء ناشئة، ثم عاد ليكتب عنهم حين صاروا نجوماً، لم يرفع أحداً بلا استحقاق، ولم يُسقط أحداً لمجرد الخلاف. كان، وما زال، ذاكرةً تتحرك على قدمين، ذاكرة تعرف كيف تُمسك بأطراف الحكايات دون أن تُفرط في أسرارها، وكيف تحفظ للتاريخ وقاره، وللمهنة قدسيتها.

اعتزاله الرسمي للصحافة لم يكن انسحاباً، بل كان امتداداً لما كان عليه دائماً. لم يعتزل الناس، ولم يغادر الدائرة، لأنه لم يكن يمارس مهنته كوظيفة، بل كأسلوب حياة. لا يزال اسمه يتردد حين يُذكر تاريخ الفن السعودي، ليس فقط لأن لديه من الأرشيف ما لا يملكه غيره، بل لأنه كان شاهداً أميناً، ورجلاً أخلص لمهنته حتى آخر لحظة.

أخبار ذات صلة

 

أخبار متعلقة :