لم ينتهِ مهرجان أفلام السعودية الذي أسدل ستاره عن دورته الحادية عشرة مساء يوم الأربعاء إلا والمشاركين لديهم تصورات متنوعة حول كيفية بناء أفكارهم وتتنفيذ مشاريعهم السينمائية مستقبلًا، حيث أوصى العديد من الخبراء خلال الأنشطة والندوات والبرامج التي تخللت المهرجان الذي تنظمه جمعية السينما، وبالشراكة مع مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء)، وبدعم من هيئة الأفلام، بأهمية معرفة الطرق الحديثة لتسويق الأفلام ومصادر دخلها وتحويلها إلى منتج إبداعي يحلّق نحو العالمية.
الطريق إلى العالمية
ففي ندوة بعنوان "الفكرة إلى العالمية: كيف يجد صناع الأفلام طريقهم إلى المهرجانات العالمية وأسواقه" قدم المدير التنفيذي السابق لسوق مهرجان (كان) السينمائي جيروم بيلارد جملة من الأفكار والاقتراحات المهنية حول آليات الوصول إلى الجمهور العالمي، مشيرًا إلى أهمية التفكير في التوزيع والفئة المستهدفة منذ المراحل الأولى لإنتاج الفيلم، ومبيناً أن المهرجانات إحدى المنصات والخيارات التي تتيح فرصة الوصول فضلًا عن المنصات الرقمية كبدائل فعالة.
التسويق السينمائي
فيما استعرض المنتج محمد حفظي، في ورشة "توزيع وتسويق الأفلام الفنية"، أبرز أسس التسويق السينمائي، موضحًا أن المهرجانات باتت منصات حيوية للتواصل المهني، لا مجرد منافسات على الجوائز. وأكد أن التخطيط المسبق، واختيار التوقيت والمهرجان المناسبين، وطرق الترويج الفعالة، عناصر تؤثر مباشرة على حضور الفيلم وفرص نجاحه، ووجه حديثه لصنّاع الأفلام والمهتمين "هناك سوق مليء بالفرص وكيفية الاختيار تتطلب تأملات بصرية وفكرية".
نماذج مبتكرة وتجارب ملهِمة
وفي ورشة تدريبية قدّمها البروفيسور ميشيل إياكاونو من جامعة ماكجيل، متخصص في معاهدات الإنتاج تناول فيها تأثير المنصات التفاعلية وتضاعف قيمتها طرديا مع تزايد التفاعل والمشاركة من الجمهور، بالإضافة إلى تحقيق الدخل متعدد الطبقات عبر وسائل متنوعة منها الاشتراكات، وإتاحة الوصول عبر الرموز غير القابلة للاستبدال (NFT)، مصادر الدخل، وأهمية المجتمعات المتخصصة، مستشهدًا بالتجربة اليابانية كمثال على توازن الإرث الثقافي والابتكار، وطارحاً رؤى حديثة حول نماذج ريادة الأعمال في صناعة السينما.
سينما الهوية بين الإبداع والواقع
وأقيمت جلسة حوارية تحت عنوان (سينما الهوية بين الإبداع والواقع) شارك فيها عدد من صنّاع الأفلام الذين قدموا مرئياتهم حول مفهوم الهوية منطلقين من تجاربهم الشخصية ومسيرتهم الفنية، تحدث فيها المخرج محمد السلمان عن رمزية الأشياء وتباين دلالاتها من ثقافة إلى أخرى، مشيرًا إلى أن الهوية لا تختزل في التعميم، بل تنبع من خصوصية التجربة، مؤكدًا على أن البعد الجغرافي والزمني يسهم في تشكيل الهوية، واصفًا أعماله بأنها تسعى إلى التعبير عن الخارج من الداخل وتاركة للمشاهد مساحة للتساؤل واكتشاف الهوية؛ بدلًا من تقديمها بشكل مباشر، مضيفًا أن الوصول إلى العالمية يبدأ من المحلية، وأن تراكم الأعمال هو الطريق لمعرفة العالم رموز الثقافة السعودية.
عمق التجربة
من جهته، أشار الناقد السينمائي أندرو محسن إلى أن تكرار مشاهدة الأفلام السعودية يساعد في بناء صورة أعمق عن المجتمع المحلي، موضحًا أن الهوية تتجلى في عمق التجربة الإنسانية، ولافتًا إلى أن بعض الأفلام تكشف تفاصيل لم يكن يعرفها عن المملكة، وأن النظرة المتأنية قد تحول فيلمًا بفكرة عادية إلى عمل يعكس هوية، مشيدًا في نهاية حديثه باهتمام المجتمع السعودي بالوسائط المتنوعة.
أخبار متعلقة :