نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مع الشروق : الأزمة بين الجزائر وفرنسا تعود الى المربّع الأول - اخبارك الان, اليوم الاثنين 14 أبريل 2025 10:45 مساءً
نشر في الشروق يوم 14 - 04 - 2025
رغم الهدوء الأخير وتذليل الخلافات بين الطرفين، إثر الاتصال الهاتفي بين الرئيسين عبد المجيد تبون وايمانويل ماكرون عادت الأزمة الديبلوماسية الى المربّع الأوّل مع اعلان الجزائر عن أن 12 موظفا في السفارة الفرنسية مدعوون إلى مغادرة أراضيها.
الخطوة الجزائرية القويّة جاءت ردا على توقيف ثلاثة جزائريين في فرنسا، وهو ما كشف ان الخلاف بين البلدين ظلّ كالنار تحت الرماد، وسط خلافات عميقة جدّا لا يمكن تجاوزها ببساطة وفتح صفحة جديدة.
جذور الخلاف والتصعيد بين البلدين يعود أساسا وأولا لتأييد باريس في جويلية الماضي السيادة المغربية على الصحراء الغربية، حيث تدعم الجزائر جبهة البوليساريو، و ثانيا ملف الهجرة، وكذلك توقيف الكاتب بوعلام صنصال في منتصف نوفمبر الماضي.
تضاف كل هذه الاسباب الى ملفات أخرى عالقة بين البلدين، منها ما يتعلّق بالعلاقات المباشرة بين الطرفين( ملفات الذاكرة، الاعتذار عن الفترة الاستعمارية والتعويض...) وما يتعلّق بخلافات سياسية وأمنية خاصّة بعد التغييرات التي حدثت في الساحل الأفريقي وخاصة مالي.
الواضح والأكيد أن الجزائر تحت قيادة عبد المجيد تبّون اختارت نهجا جديدا في التعامل مع فرنسا، هذا النهج الجديد قائم على التحدّي والتعامل بندّية واحترام حقيقي وحلّ ملف الإرث الاستعماري دون تأخير، اضافة الى عدم التدخّل في شؤونها الداخلية.
كل هذه الأمور لا يمكن حلّها باتصال هاتفي بين زعماء البلدين، بل تحتاج حوار حقيقي عميق وصريح دون شروط ودون علوية، ووضع كل الملفات الشائكة على الطاولة حتى يتمّ تصفير كل الخلافات، ودون ذلك سيظلّ الأمر على حاله مهما طالت فترات التهدئة.
في هذا الإطار تبدو الجزائر اكثر اصرارا على حوار حقيقي متكافئ بين الطرفين، بينما تبدو فرنسا وكأنّها تحافظ على سياسة التعامل بفوقية و بوصاية استعمارية عفا عليها الزمن وتجاوزتها الأحداث والمتغيّرات الاقليمية والدولية.
الجزائر كدولة وكشعب لا يمكن التعامل معها باستنقاص أو عدم إيفائها حقّها كقوة إقليمية ودولية، لها تأثيرها الكبير سواء في شمال افريقيا او في الساحل الإفريقي وفي أفريقيا ككل، وسياسة ضرب مصالحها في المنطقة لن يجدي نفعا.
وفرنسا لا يمكن لها أن تبني صفحة جديدة حقيقية مع الجزائر، إلا بمكاشفة الذات فيما يتعلّق بكل إرثها الاستعماري في الجزائر، فهو جرح غائر في الذاكرة ولا يمكن أن يندمل ببساطة ودون الاعتراف والاعتذار والتعويض أيضا.
العلاقات بين البلدين مرشّحة للتصعيد أكثر بعد القرار الجزائري الجديد، والذي هدّدت باريس بالردّ عليه، وهو ما يعني الدخول في دوامة جديدة من الخلافات العميقة التي قد تتطوّر الى أزمة حادة.
هذا الخلاف بين البلدين سيكون له تأثير كبير خاصة على الوضع الأمني، سواء في شمال افريقيا او في الساحل الافريقي، حيث تعيش المنطقة في ظلّ وضع هش قابل للانفجار في أية لحظة.
بدرالدّين السّيّاري
.
أخبار متعلقة :