يواجه الاحتياطي الفيدرالي إشكاليات معقدة قبل إعلان قراره بخصوص الفائدة الأمريكية اليوم الأربعاء، وذلك في ظل تزايد الضغوط الاقتصادية عليه.
وبينما يسعى رئيس البنك، جيروم باول، إلى تحقيق توازن دقيق بين السيطرة على التضخم وتجنب ركود اقتصادي، تبقى حالة عدم اليقين هي العنوان الأبرز للمرحلة المقبلة. وستكون الأسابيع والأشهر القادمة حاسمة في تحديد مسار الاقتصاد الأميركي، ومدى قدرة الفيدرالي على المناورة وسط هذه التحديات المتشابكة.
توقعات قرار الفائدة الأمريكية
من المرجح أن يُبقي مسؤولو مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة دون تغيير خلال اجتماعهم يوم الأربعاء، وذلك لمنح أنفسهم الوقت لتقييم تأثير سياسات الرئيس دونالد ترامب على الاقتصاد، الذي يواجه ضغوطاً تضخمية مستمرة ومخاوف متزايدة بشأن النمو.
وعلى الرغم من أن التضخم شهد تحسنًا الشهر الماضي، إلا أنه لا يزال مرتفعًا، وقد تؤدي الرسوم الجمركية الجديدة إلى دفعه نحو الارتفاع مجددًا.
اقرأ أيضاً: البنوك المركزية تقرر أسعار الفائدة هذا الأسبوع وسط ترقب الأسواق
وفي الوقت نفسه، أسفرت التخفيضات الحادة في الإنفاق الحكومي، إلى جانب التهديدات المستمرة بفرض رسوم جمركية، عن تراجع ثقة المستهلكين والشركات، مما قد يُلقي بثقله على الاقتصاد الأميركي، بل ويساهم في ارتفاع معدلات البطالة.
مخاطر الركود في أمريكا
يحذر المحللون من أن الاقتصاد قد يواجه ركودًا تضخميًا، وهو السيناريو الذي يشكل تحديًا معقدًا أمام الاحتياطي الفيدرالي، حيث إن صانعي السياسة النقدية غالبًا ما يلجؤون إلى رفع أسعار الفائدة لمكافحة التضخم. لكن إذا تزامن ذلك مع ارتفاع معدلات البطالة، فقد يُضطر الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة مجددًا لتحفيز النمو وتقليل تكاليف الاقتراض.
اقرأ أيضاً: سعر الذهب يعاود الصعود فوق 3000 دولار وسط الطلب على الملاذ الآمن
هل يغرق الاقتصاد الأمريكي في عهد ترامب؟
حتى الآن، لا تزال الصورة غير واضحة بشأن احتمالية دخول الاقتصاد الأميركي في ركود تضخمي. ومع ذلك، يواجه الاحتياطي الفيدرالي حالة غير مسبوقة من عدم اليقين الاقتصادي، على غرار المستهلكين والشركات.
حتى لو دخل الاقتصاد في ركود معتدل، فإن ارتفاع معدل البطالة من مستواه الحالي البالغ 4.1%، إلى جانب استمرار التضخم فوق هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%، سيضع ضغوطًا كبيرة على صانعي القرار في البنك المركزي.
وفي هذا السياق، قالت إستر جورج، الرئيسة السابقة لفرع الاحتياطي الفيدرالي في كانساس سيتي: "نواجه شبكة معقدة من العوامل؛ فمن جهة، هناك استقرار التضخم، ومن جهة أخرى، علينا تقييم تأثير ذلك على سوق العمل. فإذا بدأ النمو في التراجع، فسيُصبح الأمر أكثر صعوبة".
كم عدد التخفيضات المتوقعة في الفائدة هذا العاك؟
من شبه المؤكد أن يُبقي مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير في اجتماعهم هذا الأسبوع. ومع اختتام الاجتماع يوم الأربعاء، سيصدرون توقعاتهم الاقتصادية الفصلية، والتي يُرجح أن تُشير إلى خفضين متوقعين في سعر الفائدة خلال العام الجاري، وهو نفس السيناريو الذي توقعوه في ديسمبر الماضي.
وول ستريت تتوقع مزيدًا من التخفيضات
في المقابل، يتوقع مستثمرو وول ستريت خفض أسعار الفائدة ثلاث مرات هذا العام، في يونيو وسبتمبر وديسمبر، وفقًا لأسعار العقود الآجلة. ويعزو المستثمرون ذلك إلى مخاوف التباطؤ الاقتصادي، الذي قد يدفع الفيدرالي إلى المزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة.
ارتفاع توقعات التضخم الأمريكي
أحد التطورات التي قد تثير قلق الاحتياطي الفيدرالي هو القفزة الكبيرة في توقعات التضخم وفقًا لاستطلاع رأي المستهلكين الذي أجرته جامعة ميشيغان هذا الشهر، والذي أظهر أكبر زيادة في توقعات التضخم طويلة الأجل منذ عام 1993.
وتُعد هذه التوقعات مهمة، لأنها قد تتحقق ذاتيًا؛ فإذا توقع المستهلكون والشركات ارتفاع التكاليف، فقد يلجؤون إلى اتخاذ تدابير تُؤدي إلى دفع التضخم نحو الارتفاع، مثل المطالبة بزيادة الأجور، مما قد يُجبر الشركات على رفع الأسعار لتعويض ارتفاع تكاليف العمالة.
هل هذه المخاوف حقيقية؟
يحذر بعض الاقتصاديين من أن استطلاع جامعة ميشيغان لا يزال أوليًا، حيث يعتمد حاليًا على حوالي 400 إجابة فقط. أما النسخة النهائية، التي ستُنشر لاحقًا هذا الشهر، فتشمل عادةً 800 إجابة، ما قد يُعدل هذه التقديرات.
إضافة إلى ذلك، تراجعت مقاييس الأسواق المالية لتوقعات التضخم خلال الأسابيع الأخيرة، استنادًا إلى أسعار السندات.
الفيدرالي وسياسة ضبط التضخم
تمثل زيادة توقعات التضخم تحديًا إضافيًا للبنك المركزي، خاصةً وأن مسؤولي الفيدرالي أبدوا استعدادهم للسماح بعودة التضخم تدريجيًا إلى هدف 2% بحلول عام 2027، نظرًا لانخفاض التوقعات التضخمية بشكل عام.
هل سترتفع معدلات التضخم مجددًا؟
عند فرض الرئيس ترامب رسومًا جمركية في عامي 2018 و2019 (خلال فترة ولايته الأولى)، لم يرتفع التضخم بشكل كبير، بسبب عدم شمولية الرسوم الجمركية آنذاك، بالإضافة إلى وجود ثغرات قانونية خففت من تأثير بعض الرسوم، مثل تلك المفروضة على الصلب والألمنيوم.
لكن الوضع الحالي مختلف، إذ مر الاقتصاد الأميركي بفترة تضخمية قاسية، مما يجعل المستهلكين أكثر قلقًا بشأن ارتفاع الأسعار، لا سيما مع تصاعد التوترات التجارية وزيادة الرسوم الجمركية.
أخبار متعلقة :