عاجل

فايننشال تايمز: نهج رجال المافيا قد ينجح في الأفلام.. وتطبيق ترامب له على الأسواق العالمية وصفة للكارثة #عاجل - اخبارك الان

0 تعليق ارسل طباعة
جو 24 :

نشرت صحيفة "فايننشال تايمز” مقال رأي للمعلق جدعون رتشمان قال فيه إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ينهج، في تعامله مع الأسواق العالمية، نهج زعيم عصابة مافيا، وبات يكتشف الآن أن ابتزاز شركة محاماة أسهل عليه من إعادة تشكيل النظام التجاري الدولي.

وقال رتشمان إن أفلام المافيا هي أعظم مساهمة أمريكية للثقافة العالمية. ويستطيع الناس في كل مكان أن يرددوا لحن فيلم "العرّاب”، أو تذكر عبارات من فيلم "الأصدقاء الطيبون”، أو "ذي سوبرانوز”. وتظل هذه أفلامًا، لكن من المفاجئ أن يستشف الواحد صورة "دون كورليوني” في نهج ترامب من التجارة العالمية.

فمثل زعيم عصابة في فيلم، يعرف ترامب كيف يمزج بين التهديد والشهامة. عامله باحترام، وقد يدعوك إلى منزله، حيث يمكنك الاختلاط بعائلته، لكن التهديد يظل قائمًا.

وكما أوضح ترامب ذات مرة لبوب وودوارد كاتب سير الرؤساء، فهو يؤمن بأن "القوة الحقيقية، ولا أريد حتى استخدام هذه الكلمة، هي الخوف”.

وبعودته إلى البيت الأبيض، استخدم ترامب الترهيب والتهديد كتكتيك لابتزاز بعض من أبرز شركات المحاماة الأمريكية وجامعات النخبة "أيفي ليغ”. ومثل أعضاء محترمين من الطبقات المهنية، تعرّضوا لتهديد مفاجئ من قبل الغوغاء، حيث سارعت الشركات التي استهدفها ترامب إلى دفع أموالها على أمل أن يزول كلُّ هذا سريعًا. ووافقت شركات محاماة مثل بول وايز وسكادن آربس على العمل مجانًا لصالح الإدارة حتى لا يتم استهدافها بأوامر ترامب التنفيذية.

لكن حرب الرسوم الجمركية التي أطلقها ترامب تكشف عن ضعف نهج زعماء المافيا عندما يتم تطبيقه على الاقتصاد العالمي.

ويبدو أن افتراض ترامب كان أنه إذا وجّه لكمة قوية كافية لشركاء أمريكا التجاريين، فلن يكون أمامهم خيار سوى عقد صفقة.

وهو ما بدا من موقف ابنه إريك ترامب الذي دعا الدول المستهدفة أن تتعامل بعقلانية مع الرسوم وشراء رضا والده بسرعة.

وقال في تغريدة على منصة إكس: "لا أريد أن أكون آخر دولة تتفاوض مع دونالد ترامب”، و”الأولى التي تتفاوض ستربح، أما آخر دولة تتفاوض فستخسر بالتأكيد”. وواصل قائلًا: "لقد شاهدت هذا الفيلم طوال حياتي”.

ويعلق رتشمان بأن العالم الحقيقي والاقتصاد العالمي أثبتا أنهما أكثر تعقيدًا بكثير من الأفلام التي نشأ عليها إريك ترامب.

فقد بدأ البيت الأبيض حربًا تجارية مع كل شريك تجاري رئيسي، وفي آن واحد. كما عمد إلى قطع سلاسل التوريد للعديد من الشركات متعددة الجنسيات الرائدة في العالم. وببساطة، هناك عدد كبير جدًا من الأطراف المتورطة في هذه الحرب، ما يجعل تكتيكات ترامب الماكرة غير مجدية. فهناك جميع المستثمرين الذين سارعوا إلى بيع أسهمهم، ما تسبّبَ في انهيار أسواق الأسهم. وهناك أيضًا شركات التصنيع التي لا تستطيع ممارسة أعمالها وسط الظروف التي خلقها ترامب. وهناك من أغلق خطوط الإنتاج.

أما بالنسبة لعصابة الرئيس الصيني شي جين بينغ، فقد قرروا الرد بقوة، بدلًا من الاستسلام، ولهذا يزداد الأمر فوضوية.

ويقول رتشمان: "يذكرني سوء فهم ترامب الذريع لكيفية عمل الاقتصاد العالمي، بحلقة من مسلسل "ذي سبرانوز”، حيث حاول اثنان من فريق "توني” (قام بدوره جيمس غالدوفيني) إجبار مقهى ستاربكس المحلي على دفع أموال حماية لهما. لكن مدير المتجر رفض التهديد قائلًا لهما: "لا يمكنني السماح بأي شيء كهذا، يجب أن يمر عبر شركة في سياتل”، أي المقر الرئيسي.

و”بالنسبة لترامب، أصبحت الأسواق العالمية والأعمال التجارية الدولية بمثابة "شركة في سياتل”، لن يتمكن من لقاء أو تهديد أي شخص مجهول الهوية شخصيًا، لكنهم قد يحبطون خططه مع ذلك”.

ويعتقد رتشمان أن فشل نهج العصابات أصبح جليًا على الأسواق. ومن المرجح أن يترك تداعياته الكارثية على الجيوسياسة، مع أنها لن تتضح سريعًا.

ويتعامل ترامب مع حلفاء أمريكا كأعضاء "ضالّين” في شبكة حماية. هل تأخر بعضهم عن سداد مستحقاتهم لحلف الناتو؟ من الأفضل لهم إصلاح ذلك بسرعة، وإلا، كما يقول ترامب، سيشجع روسيا على فعل "ما يحلو لها”. أما بالنسبة لأوكرانيا، فلا يكترث الرئيس بالخطابات الرنانة حول الدفاع عن الحرية، لكنه مهتم بالاستيلاء على بعض المعادن الثمينة هناك.

فترامب يتعامل مع فلاديمير بوتين وشي باعتبارهما رئيسي عصابات مافيا منافسة له. وستكون هناك أوقات تتصادم فيها العائلات وقد يتعرض بعض الجنود والمتفرجين للأذى.

لكن في النهاية، الهدف هو التوصل إلى اتفاق يمكن الجميع من العودة إلى جني الأموال. ويقول رتشمان إن المنظّرين السياسيين قد يبررون رؤية كهذه باعتبارها تقسيمًا للعالم إلى مناطق نفوذ متنافسة. لكنه يشبه في النهاية تقسيمًا بين عائلات مافيا مختلفة، يمنح كل منها الآخر حرية التصرف في مناطق نفوذه. وعندها، يكون العراب، أو الأب الروحي المحلي، حرًا في استغلال اللاعبين الأصغر في الجوار- مثل تايوان أو أوكرانيا أو كندا- دون أي تعليق من المنافسين، فسيكون هذا قلة أدب.

ومع ذلك، قد ينجح هذا النهج في الأفلام، لكنه في السياسة الدولية، هو وصفة للحرب والفوضى والبؤس. ويعلق رتشمان أن ترامب يبلغ من العمر الآن 78 عامًا، وهو لا يستطيع التخلي عن الأعراف والأساليب التي تعلمها في بداية مسيرته المهنية. وكان مرشده الأول، هو روي كوهن، محاميًا لعائلتي غامبينو وجينوفيز الإجراميتين، وعلّمه ألا يظهر ضعفًا أبدًا، وألا يتراجع أبدًا.

لذا، ففي مواجهة الهبوط الحاد في الأسواق العالمية، أظهر ترامب تباهيًا، لكن من الواضح أنه فاقد للخبرة تمامًا. وفي الأفلام، نعرف كيف ينتهي هذا. ونحن على وشك اكتشاف ما يحدث في الحياة الواقعية.

(القدس العربي)

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق