لماذا يتوارى العظماء؟ - اخبارك الان

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
لماذا يتوارى العظماء؟ - اخبارك الان, اليوم الثلاثاء 1 أبريل 2025 06:35 مساءً

الصحابي الجليل زيد بن ثابت كان يملأ الدنيا ويشغل الناس ثم توارى ذكره كأنه لم يكن يومًا فارس الميدان الأول

 

تحيرني شخصية الصحابي الجليل زيد بن ثابت، عليه وعلى صحابة رسولنا الكريم جميعًا الرضوان.

كان الرجل الجليل يملأ الدنيا ويشغل الناس، ثم جرى عليه ما يجري على بني الإنسان، فتوارى ذكره، كأنه لم يكن يومًا فارس الميدان الأول.

بعضهم يتوارى ذكره لخلافات تقع بينه وبين أولي الأمر، كما حدث مع الإمام الأوزاعي، إمام أهل الشام، فقد وقع خلاف كبير بينه وبين حاكم من حكام بني أمية، فما كان من الدولة الأموية إلا أن طمست ذكره، فأنت لا تجد ذكرًا للأوزاعي إلا في بطون الكتب النادرة.

وبعضهم يتوارى ذكره لأن ما فعله كان هينًا سهلًا يستطيع غيره القيام به، وبعضهم يتوارى ذكره لأنه انقلب على عقبيه.

شيخنا الإمام زيد بن ثابت ليس به من الثلاثة شيء. فلماذا توارى؟

ظني أن الشهرة وعلو الصيت نوع من أنواع الرزق، والرجل لم يرزق الشهرة على ضخامة عمله وجلال فعله.

سأنقل عن كتاب "سير أعلام النبلاء" للإمام الذهبي بتصرف يسير، فقد نساهم في رد بعض حق الصحابي الجليل زيد بن ثابت.

يقول الذهبي: هو زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد بن لوذان بن عمرو بن عبد عوف بن غنم بن مالك بن النجار بن ثعلبة.

عندما شرف الرسول المدينة كان زيد ابن إحدى عشرة سنة، ومن الواضح أنه أسلم في طفولته الباكرة، وذلك لأنه من الخزرج ومن بني النجار على وجه التحديد، وهذا فشا فيهما الإسلام قبل الهجرة، وقد أراد زيد المشاركة في غزة بدر ولكن الرسول رده لحداثة سنه، وبعض المؤرخين يقول: إنه شارك في غزوة أحد، وآخرون يقولون: إن أولى مشاركاته كانت في غزوة الأحزاب، وقد شاهده الرسول وهو ينقل تراب الخندق فقال: "نعم الغلام".

لا نعرف عن ثقافة والده الذي قتل في الحرب الأهلية التي كانت بين الأوس والخزرج شيئًا، ولا نعرف عن ثقافة والدته شيئًا، ولكن سنعرف أي عقل فذ كان عقل زيد، بالتعبير المعاصر، كان موسوعي الثقافة، حاد الذكاء، يجيد القراءة والكتابة، بل ويعرف اللغات الأجنبية ويترجم للرسول الرسائل ويرد عليها.

حفظ القرآن الكريم كاملا في زمن الرسول، وقرأ بين يدي الرسول سبع عشرة سورة.

وأمره الرسول أن يتعلم العبرية فأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- ليقرأ له كتبهم. قال: فإني لا آمنهم.

فتعلمها حتى أجادها في وقت وجيز، وقد قرأت أنه تعلم السريانية أيضًا وتمكن منها في وقت قصير.

ثم تعلم علم الفرائض "المواريث"، وهذا العلم صعب ومركب ولا يهجم عليه إلا جاهل ولا يتمكن منه إلا العالم النحرير.

"عن أبي قلابة، عن أنس، عن النبي، صلى الله عليه وسلم: أفرض أمتي زيد بن ثابت.

عن محمد بن كعب: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: أفرض أمتي زيد بن ثابت.

عن أنس: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: أرحم أمتي بأمتي أبو بكر الحديث، وفيه: وأفرضهم زيد بن ثابت.

روى عاصم، عن الشعبي، قال: غلب زيد الناس على اثنتين: الفرائض والقرآن".

هذه المواهب العظيمة جعلته من كتاب الوخي، فقد أخبر عن نفسه فقال: " كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا نزل عليه الوحي، بعث إلي، فكتبته".

لم يكتف زيد ببراعته في اللغات وفي حفظ القرآن وكتابته، وفي تفرده في علم المواريث، بل تصدر مجالس الفتوى، فعن مسروق قال: كان أصحاب الفتوى من أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم: عمر، وعلي، وابن مسعود، وزيد، وأبيّ بن كعب، وأبو موسى.

أين ذهبت فتاوى زيد؟

الله أعلم.

مواهب زيد جعلته وأحد من أربعة يتولون القضاء، فعن الشعبي قال: القضاة أربعة: عمر، وعلي، وزيد، وأبي موسى.

أين ذهبت أحكام زيد؟

الله أعلم.

تكريم الأمة لزيد بن ثابت لم ينتهي بوفاة الرسول، ففي عهد الصديق سيصبح زيد المسئول الأول عن أخطر مهمة في تاريخ الإسلام، وهى مهمة جمع القرآن وتدوينه.

قال عبيد بن السباق، حدثني زيد، أن أبا بكر قال له: إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك، قد كنت تكتب الوحي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- فتتبع القرآن فاجمعه.

فقلت: كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟

قال: هو والله خير.

فلم يزل أبو بكر يراجعني، حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر. فكنت أتتبع القرآن أجمعه من الرقاع والأكتاف والعسب وصدور الرجال.

وفي عهد الفاروق كان زيد يتولى أمر المدينة إذا غادرها عمر للحج أو لأي أمر آخر.

وعندما بدأ الشر الذي فرق الأمة، كان زيد يقف بباب الخليفة عثمان بن عفان يدافع عن الخليفة، ويفتي بحرمة دم عثمان ويدعو الأنصار إلى مناصرة الخليفة، ولكن قضاء الله سبق.

ثم تولى الإمام علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه أمر المسلمين، وحدث ما حدث بينه وبين معاوية، فلا نعرف لزيد انحيازًا لطرف من الطرفين، ولكن الأمة ظلت تقدره وتكرمه، حتى حانت وفاته في العام خمسة وأربعين من هجرة في زمن معاوية، وهذا التحديد هو على أرجح الأقوال، فبكاه الناس طويلصا وأشاد علماء الأمة مثل عبد الله بن عمر وأبو هريرة وعبد الله بن عباس بمكانته وقالوا جميعًا: لقد دفن اليوم علم كثير.

رحمه الله ورضى الله عنه.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق