الموهبة الحقيقية لا تحتاج إلى كثير من الفرص كي تُثبت نفسها، بل تحتاج فقط إلى لحظة حاسمة تقتنصها، لتُظهر قدراتها في التشخيص والتجسيد، وفي مسلسل قهوة المحطة، الذي أخرجه إسلام خيري وكتبه عبد الرحيم كمال، جاءت هذه اللحظة للفنان الشاب أحمد غزي، الذي نجح في أول أدواره الكبرى في إبراز موهبته الاستثنائية، رغم صعوبة الدور، الذي تطلّب تأدية شخصية مركبة تنبض بالمشاعر والتحولات، لكن غزي استطاع أن يقدمه بتميز يُثبت أنه ممثل صاحب قدرات تمثيلية كبيرة.
يدور "قهوة المحطة" حول قصة مقتل مؤمن الصاوي، الشاب الذي جاء إلى القاهرة بحثًا عن حلم التمثيل، لكنه سرعان ما يصطدم بواقع قاسٍ يفوق كل توقعاته. لم تعد المثابرة وحدها كافية لتحقيق النجاح، إذ أصبح الأمر مرهونًا بشبكة من العلاقات الخفية والمصالح المتشابكة، في مجتمع لم يعد يرحم حتى أبنائه، أمام هذا الواقع، نجد أنفسنا أمام دوامة من الصراعات النفسية والانفعالات العاطفية، وهو ما نجح أحمد غزي في تجسيدها ببراعة، مكتسبًا تعاطف الجمهور منذ اللحظة الأولى.
منذ المشهد الأول، غاص أحمد غزي في أعماق شخصية الشاب الصعيدي مرهف الحس، الذي يحمل بداخله شغفًا جارفًا للفن، بعيدًا عن الصورة النمطية للصعيدي في السائدة في الدراما المصرية، تفادى غزي المبالغة، ليقدّم أداءً صادقًا يعبّر عن طبيعة الشخصية دون تصنّع.
تنقلات مؤمن بين المشاعر المختلفة جاءت ناعمة وعذبة، فبين لحظات الفرح وهو يجسد إحدى شخصيات شكسبير، إلى لحظات الحزن والانكسار عند مواجهة صدمات الواقع، استطاع غزي أن يأسر قلوب المشاهدين، فكان أداؤه بمثابة مرآة تعكس قسوة المدينة التي لا ترحم، رغم رقته وعفويته التي ظلت حاضرة حتى النهاية.
كذلك برع غزي في تقديم المونولوجات الدرامية التي صاغها عبد الرحيم كمال ببراعة على لسان شخصية مؤمن الصاوي. هذه المونولوجات استندت إلى شخصيات درامية خالدة، مثل مشهد محجوب عبد الدايم في "القاهرة 30"، والمشهد الشهير لـ محمود المليجي في فيلم "إسكندرية ليه"، حيث تمكن غزي من إضفاء طابع مسرحي قوي على أدائه، مستفيدًا من تقنيات التمثيل المسرحي التي تتطلب قدرة استثنائية على التعبير، والتحكم في الإيقاع، وإيصال المشاعر بصدق وتأثير.
أداء المونولوجات المسرحية، يتطلب فهمًا عميقًا للشخصية، وقدرة على التفاعل مع الجمهور وكسر الحواجز بين الممثل والمشهد، وهو ما نجح فيه غزي باستثمار موهبته بأسلوب يمزج بين الإحساس الدرامي والحس الكوميدي العفوي، ليخلق حالة تواصل قوية بينه وبين المشاهد.
بشكل عام، أعطي إسلام خيري مخرج العمل، حرية لغزي تسمح له باستكشاف الشخصية، والتفاعل مع تفاصيلها، وتطوير أدائه بما يخدم السياق الدرامي للعمل، وبهذا الأداء المتقن، نجح أحمد غزي في إثبات نفسه كنجم صاعد، قادر على تجسيد أدوار معقدة بمهارة، ليؤكد أن الموهبة الحقيقية لا تحتاج إلا إلى فرصة واحدة.. وعينه على المزيد.
شاهد المزيد من أخبار مسلسلات رمضان عبر بوابة دراما رمضان 2025
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
0 تعليق