العيدية في التراث العربي.. من النشأة إلى الزمن الراهن - اخبارك الان

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
العيدية في التراث العربي.. من النشأة إلى الزمن الراهن - اخبارك الان, اليوم الاثنين 31 مارس 2025 06:49 مساءً

دمشق-سانا

ليست العيدية مجرد هدايا أو نقود تُقدَّم للأطفال في العيد، بل هي بسمة تُرسَم، وبهجةٌ تُهدى، وتقاليدٌ تُحفَر ذكرياتها في القلوب البريئة، بدأت في مصر والشام قبل ألف عام.

حين كانت العيدية ذهباً

يوثِّق المؤرخ تقي الدين المقريزي في كتابه إتحاف الحنفاء بأخبار الخلفاء أن أول من سنَّ توزيع العيدية كان الخليفة المعز لدين الله الفاطمي، حيث كان يقدِّم الدنانير الذهبية والهدايا النفيسة لرجال دولته وعامة الشعب، في تجسيد لفكرة الدولة الراعية لمواطنيها. كما أشار في كتابه الخطط المقريزية إلى تفاصيل هذه الممارسات التي شكَّلت جزءاً من الحياة الاجتماعية آنذاك.

ومع انتقال الحكم إلى سلاطين المماليك، تبنّى هؤلاء العادة، فباتت العيدية تُوزَّع على الجنود والعلماء، في تقليدٍ مشابه لما عُرف في الدولة المملوكية باسم “الجامكية”، التي كانت بمثابة رواتب وهبات تُمنَح في المناسبات والأعياد.

وأشار المؤرخ ابن تغري بردي في كتابه تاريخ الدولة المملوكية إلى أن العيدية لم تقتصر حينها على الفئات العسكرية والعلمية، بل امتدت إلى الفقراء وطبقات المجتمع المختلفة، مما أضفى على العيد بُعدًا اجتماعياً يعكس قيم التكافل السائدة في تلك الفترة.

وفي زمن الدولة العثمانية، ذكر المؤرخ منصور عبد الحكيم في كتابه عن السلطان سليمان القانوني أن هذا الحاكم كان يهتم برفاهية الناس، وبالتالي عزَّز تقليد العيدية وجعله أكثر شمولاً. فلم تعد حكراً على رجال الدولة، بل أصبحت هديةً تُمنَح للأطفال والفقراء، مما جعل العيد مناسبةً لفرحٍ عام تُسكب فيه العطايا التي تساعد الناس البسطاء على تبنّي تكاليف الاحتفال بالعيد.

تحوّلات الزمن.. من الذهب إلى التحويلات البنكية

عبر الزمن، بدَّلت العيدية ثوبها، فتحوَّلت من الذهب الخالص إلى الأوراق النقدية. وفي زمننا الراهن، لم تعد تقتصر على الأطفال بل على الكبار أيضاً. وبدأت تُقدَّم بطرقٍ مختلفة، سواء باليد أو ضمن بطاقات المعايدة، أو حتى عبر المصارف والتحويلات البنكية مع تطور النظام المالي، والهدايا الرقمية، والقسائم الشرائية. إلا أن جوهرها لم يتغير: الفرح الذي يُضفي على العيد رونقه الخاص.

العيدية اليوم.. بين فرحة الأطفال وحسابات الكبار

باتت العيدية اليوم فرحةً للصغار وحساباً للكبار، إذ أصبح منحها يخضع لميزانياتٍ مثقلةٍ بتكاليف الحياة، لا سيما في ظل ارتفاع الأسعار وضغوط المعيشة. ومع ذلك، لا تزال الأيدي تُمدّ، والابتسامات تُرسَم، لأن العيد بلا عيدية كالعطر بلا شذى، يبقى ناقصاً مهما اكتملت تفاصيله.

العيدية.. لغة الفرح الخالدة

من قصور الخلفاء إلى ساحات البيوت، ومن أيدي السلاطين إلى جيوب الأطفال، عبرت العيدية القرون كأغنيةٍ لا تموت، وكحكايةٍ لا تملّ الأجيال من ترديدها. فمهما تغيّر الزمن، تبقى العيدية سحراً يُضيء العيد، ووعداً صغيراً بالفرح، لا يُخلف موعده أبداً.

‏لمتابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgen

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق