نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
شارع الأعشى... الفن لا يعتذر - اخبارك الان, اليوم السبت 29 مارس 2025 11:13 مساءً
الحقيقة التي يجب أن تُقال دون مواربة: لا يوجد عمل فني يمثّل مجتمعاً بأكمله. لا روائي يستطيع أن يحتكر الحقيقة، ولا مخرج يملك تفويضاً لتوثيق الهوية الجمعية. الفن بطبيعته ليس وثيقة رسمية ولا مرجعاً اجتماعياً مطلقاً، بل هو حالة فنية، تقول وجهة نظر، تطرح فكرة، وتدعو للتأمل.
شارع الأعشى، كمثال، قدّم شريحة اجتماعية، في فترة زمنية محددة، من زاوية رؤية واحدة -ربما من وجهة نظر كاتبته، وربما من خلال عدسة مخرج اختار أن يركّز على ما يراه مهماً درامياً. هل هذه الصورة كاملة؟ لا. هل تمثّل كل مَن عاش في تلك المرحلة؟ بالتأكيد لا. لكنها تظل مشروعة فنياً.
من يتعامل مع الأعمال الدرامية وكأنها بيانات حكومية أو نشرات اجتماعية موحدة، يحمّل الفن ما لا يحتمله. الفن لا يطلب الإجماع، بل يحرّض على التفكير، ويفتح باب الاختلاف.
نعم، من حق الآخرين أن «يمونوا»، أن يختلفوا، أن يرفضوا. لكن من المهم أن نتفق على قاعدة ذهبية: كل ما يُقدَّم هو وجهة نظر، لا أكثر. فلا كاتب يملك حق احتكار سرد التاريخ، ولا ناقد يملك سلطة مصادرة الخيال.
المشكلة الحقيقية ليست في شارع الأعشى ولا في غيره، بل في توقعاتنا المبالغ فيها من الدراما. نريدها أن ترضينا، وتُشبِهنا، وتقول عنا ما نريد سماعه، وليس ما ينبغي التفكير فيه. نرفض الصورة إن لم تكن مطابقة، ونهمل ما تحمله من رموز، إسقاطات، وطرح فني يستحق أن يُناقش لا أن يُقصى.
في النهاية، شارع الأعشى ليس درساً اجتماعياً بقدر ما هو دعوة مفتوحة للنقاش، للتأمل، وللتعدد في السرد. ولعل ما نحتاجه فعلاً هو أن نقبل الفن كما هو: مساحة للاختلاف، لا ساحة للمصادرة.
أخبار ذات صلة
0 تعليق