في شهر رمضان، يعيش سكان قطاع غزة مأساة لا يمكن وصفها. منذ 24 يومًا، يُحاصر أكثر من 2.3 مليون إنسان داخل سجن مفتوح، دون طعام، دون ماء، دون كهرباء، ودون أدنى مقومات الحياة. فيما العالم يتابع بصمت، تُرتكب مذبحة يومية بحق المدنيين، قصف مستمر لكل أنحاء القطاع، دمار شامل، ونزوح جماعي لمئات الآلاف الذين لم يبقَ لهم ملجأ سوى شوارع غزة التي تحولت إلى مقابر مفتوحة.
تفاقمت الأزمة الإنسانية في غزة، حيث مُنع دخول أي مساعدات إنسانية، بما في ذلك المواد الغذائية والطبية. الأطفال ينامون جوعى، والمرضى يموتون في المستشفيات بسبب نقص الأدوية وانقطاع الكهرباء. محطات المياه والصرف الصحي توقفت عن العمل، ما يهدد بانتشار الأمراض والأوبئة بين السكان.
فيما اعتاد المسلمون حول العالم انتظار صوت الأذان للإفطار، ينتظر أهل غزة صوت الطائرات، والقذائف التي تمزق بيوتهم وأجسادهم. وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فإن الوضع الإنساني في غزة "كارثي"، حيث أصبحت المستشفيات عاجزة عن تقديم العلاج، والمخابز متوقفة عن العمل بسبب نفاد الدقيق والوقود.
أكثر من 15 ألف طفل في غزة يعانون من سوء التغذية الحاد، مع تسجيل حالات وفاة نتيجة الجوع ونقص الرعاية الطبية. لم يعد الموت هنا نتيجة القصف وحده، بل الجوع بات سلاحًا آخر يفتك بالأبرياء. مدير مستشفى كمال عدوان وصف الوضع بقوله: "هذه محطة، لا سمح الله، ما قبل الموت".
القصف المستمر دمر المنازل والمستشفيات والمدارس، مما أجبر مئات الآلاف على الفرار بحثًا عن مأوى، لكن حتى هذا الخيار لم يعد ممكنًا. رفح، التي كانت تأوي 280 ألف نسمة، أصبحت تضم أكثر من مليون شخص يعيشون في العراء وسط ظروف مأساوية.
لم يعد هناك فرق بين الليل والنهار، فالغارات لا تتوقف، والأحياء السكنية تحولت إلى أكوام من الركام، فيما تبقى الحياة في غزة مجرد انتظار لخبر استشهاد قريب أو دمار منزل آخر.
نداء استغاثة: إلى متى هذا الصمت؟
العالم يشاهد بصمت تهافت أهل غزة على أدنى مقومات الحياة، بينما يُحرمون من حقوقهم الأساسية. مفوض الأونروا، فيليب لازاريني، وصف سكان غزة بأنهم "يائسون وجائعون ومرعوبون"، مشيرًا إلى أنهم يوقفون شاحنات المساعدات ويأكلون على الفور ما يجدونه بسبب الجوع الشديد.
إلى متى ستستمر هذه المذبحة بحق شعب أعزل؟ إلى متى سيبقى العالم متفرجًا على معاناة غزة في شهر رمضان، شهر الرحمة والتكافل؟ آن الأوان لوقف هذه الجرائم بحق الإنسانية، ورفع الحصار الظالم، وإنقاذ ما تبقى من أرواح بريئة. كل يوم يمر دون تدخل هو وصمة عار على جبين المجتمع الدولي.
.
0 تعليق