عاجل

معتمد عبد الغني يكتب: كيف أعاد عبد الرحيم كمال روح نور الشريف فى "قهوة المحطة"؟ - اخبارك الان

0 تعليق ارسل طباعة

في عالم الفن، تظل بعض العبارات شاهدة على عمق الرؤية الإنسانية لفنان استثنائي، وكأنها بصمات خالدة تتناقلها الأجيال. من هذه العبارات تبرز مقولة الراحل نور الشريف: "في بني آدمين أرقّ من الحياة... الحياة قاسية".

لم تكن مجرد كلمات، بل رؤية صادقة لمبدعين يعيشون بحساسية مفرطة في عالم لا يرحم. هم كالزجاج الرفيع، ينكسرون بكلمة جارحة أو موقف عابر، لأنهم يعيشون بقلوب مفتوحة على الجمال والخذلان في آنٍ واحد.

هذه الفلسفة لم تظل حبيسة الماضي، بل تنبض من جديد في شخصية مؤمن الصاوي ضمن مسلسل قهوة المحطة للكاتب عبد الرحيم كمال. شاب حالم يأتي إلى القاهرة بأحلام كبيرة وموهبة صادقة، فقط ليجد نفسه في مواجهة عالم لا يقدّر الموهبة، بل يلهث خلف الزيف والتأثير المصطنع.

نور الشريف، الذي رحل عن عالمنا عام 2015، لم يكن مجرد ممثل. كان فيلسوفًا يحمل همّ الموهوبين المهمّشين، ويُصرّ على أن الفن الحقيقي لا يُقاس بالشهرة، بل بالصدق.

لم يكتفِ بتقديم شخصيات نابضة بالحياة، بل كان حاضرًا بروحه في كل عمل يحمل رسالة إنسانية، في قهوة المحطة، تتكرر قصة الحالم الذي يذهب لمواجهة الواقع بيدين عاريتين وقلب ممتلئ بالأمل، لكنه يصطدم بصلابة العالم الذي لا يحنو على القلوب الهشّة. مؤمن الصاوي لم يكن مجرد بطل درامي، بل تجسيدًا لمئات المبدعين الذين تحوّلت أحلامهم إلى صراع مرير.

وكأن العمل يعيد طرح السؤال الذي لطالما شغل نور الشريف: كيف نحمي هؤلاء "الحالمين" من قسوة الحياة؟ وكيف نمنح المواهب فرصة البقاء في عالم يقدّس النفوذ قبل الإبداع؟

ولأن الصدق يصل دائمًا، كان من الطبيعي أن يلقى قهوة المحطة صدًى واسعًا منذ لحظاته الأولى على الشاشة. تدفقت ردود الأفعال من النقاد والجمهور معًا، في إشادة جماعية بأداء الممثلين، وبراعة تجسيد اللهجة الصعيدية، وتلك الحساسية اللافتة في كتابة الحوار، التي أصبحت سمة مميزة لأسلوب عبد الرحيم كمال.

وقد لمع اسم المخرج إسلام خيري، بعدما قدّم توليفة إخراجية متكاملة، امتزج فيها التمثيل بالديكور بالموسيقى، التي حملت نغمة نوستالجية جميلة بإعادة إحياء تراث الفنان الراحل أحمد منيب، فجاء التتر كقطعة حنين بصوت الجنوب.
هذه النظرة القاسية التي يعرضها المسلسل ليست بعيدة عن تجربة نور الشريف نفسه، الذي رفض الاستسهال الفني طوال مسيرته، وفضّل أن يكون صوتًا لمن لا صوت لهم. في أحد تصريحاته، روى كيف كانت قسوة المخرج جلال الشرقاوي معه خلال دراسته مثالًا على نظام أكاديمي يفتقر إلى الرحمة، لكن امتلاكه لبعض من القوة منعه من الانكسار.

إن قهوة المحطة لا يكتفي بسرد قصة شاب نزح إلى القاهرة وقُتل في ظروف غامضة، بل يطرح سؤالًا وجوديًا حول شروط النجاح: كم من فنان اختفى لأنه لم يجد من يأخذ بيده؟ وكم من موهبة اندثرت تحت أنقاض الإهمال والتصنيف الطبقي؟

العمل يذكّرنا بأننا كثيرًا ما نمارس دور "حُرّاس الأبواب"، بدلًا من أن نكون سندًا للحالمين، وفي الختام، تظل عبارة نور الشريف نبراسًا لكل مبدع يواجه قسوة العالم، وكأنها تقول: "احلم... حتى وإن كنت أرقّ من الحياة"، لأن الفن الحقيقي لا يموت، بل يمر من جيل إلى جيل، كما مرّ من نور الشريف إلى مؤمن الصاوي في قهوة المحطة.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق