تزايدت الشكوك حول الآفاق الاقتصادية العالمية، بما في ذلك اتجاهات التضخم والتطورات السياسية، مما دفع عدة بنوك مركزية كبرى إلى تبني نهج حذر في اجتماعاتها الأخيرة بشأن السياسة النقدية ومن بين خمسة بنوك مركزية اجتمعت لتحديد أسعار الفائدة الأسبوع الماضي، كان البنك الوطني السويسري الوحيد الذي قرر خفضها، في خطوة تعكس المخاوف بشأن النمو البطيء والتضخم المتواضع، بحسب أولي هانسن، رئيس استراتيجيات السلع في «ساكسو بنك».
وأضاف أولي هانسن في التقرير الأسبوعي: «في الوقت نفسه، يتوقع المتداولون مزيداً من تخفيضات أسعار الفائدة في كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في وقت لاحق من هذا العام، بينما تواصل اليابان مسار التشديد النقدي مع تجاوز التضخم هدف البنك المركزي الياباني البالغ 2% للشهر الخامس والثلاثين على التوالي».
وتابع: في الولايات المتحدة، أبقى مجلس الاحتياطي الفيدرالي على سعر الفائدة الأساسي دون تغيير للاجتماع الثالث على التوالي، مع الإبقاء على توقعاته لخفض الفائدة مرتين في عام 2025 ومع ذلك، حذر رئيس المجلس، جيروم باول، من أن عدم اليقين الاقتصادي لا يزال «مرتفعاً بشكل غير معتاد»، بسبب سياسات التجارة العدوانية للرئيس ترامب، بما في ذلك فرض تعريفات شاملة على الواردات وقد أسهمت هذه الإجراءات، الهادفة إلى دعم الصناعة المحلية عبر رفع أسعار السلع الأجنبية، في زيادة الضغوط التضخمية وإبطاء النمو الاقتصادي، مما أثار مخاوف بشأن مستقبل الاقتصاد.
تأثير السياسات الاقتصادية على الأسواق
وبحسب هانسن، امتدت تداعيات هذه السياسات إلى سوق السلع، حيث تباين أداء القطاعات المختلفة فقد شهد سوق الطاقة تراجعاً وسط مخاوف متزايدة بشأن الطلب العالمي، في حين تعرضت أسعار الحبوب الأمريكية لضغوط بفعل الإجراءات الانتقامية من الصين، التي قيدت واردات المنتجات الزراعية الأمريكية وعلى النقيض، سجلت المعادن الصناعية مكاسب كبيرة مدفوعة باضطرابات سوق العقود الآجلة في نيويورك وتأثير التعريفات الجمركية على أسعار الفضة والنحاس، إلى جانب زيادة الطلب على الملاذات الآمنة مثل الذهب.
ولفت إلى أن «رغم التحديات الاقتصادية، برز قطاع السلع كواحد من أفضل الفئات الاستثمارية أداءً في عام 2025، فقد حققت صناديق الاستثمار المتداولة التي تتبع مؤشر العائد الإجمالي للسلع من بلومبرج مكاسب قاربت 8%، متفوقة على مؤشر MSCI العالمي، الذي بقي مستقراً في المقابل، تكبدت الأسهم الأمريكية خسائر حادة، إذ باع المستثمرون المؤسساتيون الأسهم الأمريكية بأسرع وتيرة مسجلة وفقاً لاستطلاع أسبوعي من BofA Securities».
تحولات في معنويات المستثمرين
ووفقاً لأولي هانسن، أدى التحول في معنويات المستثمرين إلى زيادة الطلب على السندات الحكومية وإعادة توزيع رأس المال نحو الأسواق الآسيوية والأوروبية. استفادت الأسهم الأوروبية بشكل خاص من التوقعات بأن الحوافز المالية غير المسبوقة في ألمانيا، التي تركز على البنية التحتية والدفاع، قد توفر دفعة حيوية لاقتصاد المنطقة. علاوة على ذلك، أدت المخاوف المستمرة بشأن الركود التضخمي في الولايات المتحدة إلى تعزيز الطلب على الذهب، كما يتضح من تدفق 10 مليارات دولار نحو صناديق الاستثمار في الذهب خلال الشهر الماضي.
وتابع هانسن: «ارتفع مؤشر العائد الإجمالي للسلع من بلومبرج للأسبوع الثالث على التوالي، لكن باستثناء السلع الطرية، حيث سجلت أسعار البن والسكر مكاسب قوية، كانت بقية القطاعات معتدلة نسبياً شهد قطاع المعادن الثمينة ضغوط بيع قوية في نهاية الأسبوع، مما أدى إلى تقليص بعض المكاسب السابقة، خاصة في أسعار الفضة».
أداء السلع والعقود الآجلة
على المستوى الفردي، كانت العقود الأفضل أداءً تشمل الغاز الطبيعي، الذي ارتفع بنسبة 30% والنحاس عالي الجودة والقهوة العربية بنسبة 25% لكل منهما، تليها الفضة والذهب بزيادة 14% لكل منهما. في المقابل، سجلت عقود الكاكاو انخفاضاً بنسبة 33% والغاز الأوروبي تراجعاً بنسبة 12%، بينما تكبدت أسعار النفط الخام والقطن خسائر أقل.
تحركات أسعار الذهب والفضة
وبحسب هانسن، وصل الذهب إلى مستوى قياسي جديد تجاوز 3050 دولاراً للأونصة قبل أن يتراجع تحت تأثير جني الأرباح، بقيادة الفضة والبلاتين. وقد أدى الارتفاع الأخير إلى تجاوز سعر شريط ذهب قياسي بوزن 400 أونصة (12.4 كجم) حاجز 1.2 مليون دولار، مما يعكس تزايد عدم الاستقرار العالمي وزيادة الطلب على الملاذات الآمنة، منذ أدنى مستوى له في نوفمبر 2022، سجل الذهب مكاسب بنسبة 80%، مما يعزز مكانته كأصل رئيسي لحماية الثروات في ظل التقلبات الاقتصادية.
رغم تراجع صافي مراكز المستثمرين المُدارين خلال الأسابيع الأخيرة، إلا أن المستثمرين في القطاع طويل الأجل زادوا ممتلكاتهم من الذهب في صناديق الاستثمار المتداولة بمقدار 2.9 مليون أونصة، ما يشير إلى استمرار الطلب القوي. تشير التوقعات الفنية إلى إمكانية وصول الذهب إلى 3100 دولار على المدى القصير، مع احتمال تماسك الأسعار قبل محاولة جديدة نحو 3300 دولار بنهاية العام.
آفاق سوق النحاس
ووفقاً لتقرير السلع الأسبوعي من «ساكسو بنك» ارتفعت عقود النحاس عالي الجودة في نيويورك إلى أعلى مستوى إغلاق لها عند 5.1120 دولار للرطل، مدفوعة بفجوة سعرية كبيرة مقارنة بأسعار لندن نتيجة لمخاوف فرض تعريفات جمركية أمريكية وقد دفع هذا التفاوت المتداولين إلى استيراد النحاس إلى الولايات المتحدة للاستفادة من الأسعار المرتفعة، مما أدى إلى تشديد المعروض في الأسواق الخارجية.
استقرار أسعار النفط
وبحسب التقرير، استقرت أسعار النفط الخام في نطاق ضيق قرب أدنى مستوياتها الأخيرة، متأثرة بالمخاوف من تأثير السياسات التجارية الأمريكية على الاقتصاد العالمي. في الوقت ذاته، تحاول الإدارة الأمريكية احتواء أسعار النفط، بينما تسعى منظمة أوبك+ إلى تحقيق توازن بين العرض والطلب. رغم التحديات، لا يُتوقع حدوث تغيرات جوهرية في إنتاج أوبك+، إذ يستمر المنتجون الخليجيون في زيادة حصتهم السوقية، بينما تبقى توقعات تراجع الإنتاج الأمريكي قائمة.
بشكل عام، لا تزال الأسواق المالية تحت تأثير السياسات الاقتصادية العالمية، حيث تتباين الفرص والمخاطر بين القطاعات المختلفة، مما يتطلب استراتيجيات استثمارية مرنة للتعامل مع ديناميكيات السوق المتغيرة.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
0 تعليق