صرح المهندس جمال عيسى اللوغاني، الأمين العام لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك) عن إصدار دراسة جديدة معنونة بـ "أسواق الغاز الطبيعي المُسال العالمية: التطورات الأخيرة والتوقعات المستقبلية"، والتي تناولت عرض وتحليل الاتجاهات الحديثة التكنولوجية والتجارية والبيئية، لا سيما خلال العقدين الأخيرين، التي ساهمت في بروز صناعة للغاز الطبيعي المسال متطورة وتوسع مستمر للأسواق، وزيادة عدد الدول الفاعلة الجديدة (مصدرة/مستوردة)، وبيئة تجارية شديدة التنافسية، وتطوير نماذج الأعمال، والابتكارات في عقود الغاز، وبينت أزمة الطاقة الدور الذي سيلعبه الغاز الطبيعي المُسال على المدى الطويل عالمياً، من خلال استعراض الآفاق المستقبلية بحلول 2050، وكذلك التغيرات والتحديات التي ستواجه هذه الصناعة على المديين القصير والمتوسط.
وأشار اللوغاني بأن صناعة الغاز الطبيعي المسال شهدت العديد من التطورات والتحولات على مدى العقود الست الماضية حيث شهدت توسعا وانتشارا جغرافيا كبيرا بفضل التقدم السريع في الحلول التكنولوجية والابتكارات في جميع حلقات سلسلة نشاط الغاز المُسال والمتمثلة في عمليات التسييل والنقل وإعادة التغويز والتخزين وكذلك الديناميكيات المتغيّرة للنقل البحري للغاز الطبيعي المُسال التي سمحت ببناء السفن المتخصصة "الناقلات" - شريان الحياة لهذه الصناعة - بتطوير أنواعها، وأحجامها وزيادة طاقاتها الاستيعابية، مما سمح بتضاعف الأسطول العالمي. وكان لهذا التقدم التكنولوجي دورًا كبيرًا في الاستعمال المكثف لوحدات إعادة التغويز والتخزين العائمة (FSRUs) من خلال اللجوء إلى هذه الوحدات، خاصة إبّان أزمة الطاقة الأخيرة في أوروبا - منذ فبراير 2022 - بتقليل من صدها وكسب الوقت والحصول على الإمدادات الغاز المسال بشكل أسرع.
كما أشاد اللوغاني بالدور الذي لعبه الغاز المسال خلال الأزمة الروسية-الأوكرانية، لا سيما عام 2022 الأكثر اضطرابا في تاريخ أسواق الغاز، حيث مكّن أوروبا من تجاوز الأزمة، وأثبت الغاز المسال قيمته كمصدر طاقة مرن وموثوق ومتاح وكان للموردين الرئيسيين - بشكل خاص الولايات المتحدة وقطر والجزائر ونيجيريا - دورا مهما في حصول أوروبا على المزيد من الغاز الطبيعي المسال وتعزيز أمن الطاقة لدولها.
وأوضح اللوغاني بأن الأزمة الروسية- الأوكرانية جعلت الغاز الطبيعي المُسال في قلب التوترات الجيوسياسية بحيث غيّر الغاز الطبيعي المُسال من تبعية الطاقة والعلاقات التجارية، فمنذ بدء النزاع في أوكرانيا، تحوّلت أوروبا، التي اعتمدت تاريخيًا بشكل كبير على الإمدادات الغاز الروسي عبر شبكة خطوط أنابيب، إلى واردات الغاز الطبيعي المُسال الأمريكي ومصادر أخرى لتنويع إمداداتها من الطاقة وتقليل الاعتماد على مُورّد واحد، وبذلك، أصبح الغاز المُسال محل اهتمام الكثيرين باعتباره مورد استراتيجي لا سيما بعد قرار المفوضية الأوروبية - في مايو 2022 - باستبدال و/ أو استغناء عن الغاز الروسي، وكان لهذه التطورات انعكاسات جيوسياسية كبيرة على البحار والمحيطات، لا سيما في تغيير المسارات والممرات البحرية بسبب المخاوف الأمنية.
وأشار اللوغاني إلى التجارة العالمية للغاز الطبيعي المسال بعض النقاط الرئيسية التالية:
- تفوق تجارة الغاز المسال على الغاز المنقول عبر خطوط الأنابيب، بسبب الأزمة في أوكرانيا، بحيث تحولت أوروبا من "سوق متوازنة" إلى "مركز طلب" للغاز المُسال،
ـ استبدال اعتماد أوروبا على الغاز الروسي بالاعتماد على الغاز الطبيعي المسال الأمريكي عبر الناقلات، وهذا لا يحل المشكلة التي يسعى إليها الاتحاد الأوروبي وهي "التخلص من الاعتماد على مورد واحد للطاقة والبحث عن البدائل، وتنويع مصادر الإمدادات".
ـ استحواذ كل من الولايات المتحدة وقطر وأستراليا - مجتمعة على حصة 60% - من الصادرات العالمية في عامي 2022 و2023، كما سمحت الأزمة الحالية، سمحت للولايات المتحدة خلال عام 2023 بتصدر "المركز الأول" عالميًا، للمرة الأولى، في تصديرها للغاز الطبيعي المُسال وبروزها كلاعب رئيسي في السوق، حيث تمكنت في فترة وجيزة من تغيير أوضاع السوق وتغيير "أوراق اللعبة".
بيّن الأمين العام أن الآفاق المستقبلية وسيناريوهات التوقعات المستقبلية للطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال أخذت جميعها اتجاهاً تصاعدياً كما أن كل التوقعات تقريبًا تصب في نفس الاتجاه المتمثل أساسًا في تصدر منطقة آسيا - بأقاليمها المختلفة - على وجه الخصوص كسوق "طلب" على الغاز على المديين المتوسط والبعيد مدفوعة بجملة من العوامل حيث ستواصل آسيا ريادتها في استهلاك الغاز الطبيعي المسال.
وأضاف أن القدرات الإضافية الإنتاجية - على المدى القصير والمدى المتوسط - ستأتي بشكل كبير من دولة قطر والولايات المتحدة، فدولة قطر تسعى لتوسعة جديدة لمشروع حقل الشمال من خلال رفع القدرة الإنتاجية للغاز الطبيعي المسال من 77 مليون طن سنويًا حاليًا إلى 142 مليون طن سنويًا بنهاية عام 2030. كذلك، بالنسبة للولايات المتحدة من المرجح أن تتضاعف القدرة التصديرية للغاز الطبيعي المسال بحلول عام 2028، إذا بدأت المشاريع قيد الإنشاء حاليًا في العمل كما هو مخطط لها.
وأوضح الأمين العام بأن صناعة الغاز الطبيعي المسال العالمية ستواجه عددًا من التغيرات والتحديات التي تحدد مسارها - على المدى المتوسط والمدى الطويل - تنبع هذه التحديات من التفاعل المعقد لعدة عوامل تتأرجح ما بين حالات عدم اليقين الاقتصادية، والتوترات الجيوسياسية، والتعقيدات التنظيمية خاصة في الاتحاد الأوروبي بما في ذلك القضايا البيئية، وفي هذا المشهد المتغير للطاقة، من المتوقع أن تتحول منطقة شمال الأطلسي إلى "مركز جديد" لتجارة وتبادل الغاز الطبيعي المُسال يربط بين السوقين الأكثر تحرراً في العالم، وهي السوق الأوروبية والسوق الأمريكية لعدة اعتبارات، ومن المحتمل أن تدفع العوامل التنظيمية في الاتحاد الأوروبي، الذي تبنى عدة قرارات، مصدري الغاز الطبيعي المسال إلى التركيز على الأسواق خارج الاتحاد الأوروبي.
واختتم الأمين العام مؤكدا أن الصناعة العالمية للغاز الطبيعي المُسال - التي احتفلت العام الماضي بمرور ذكرى الستين "الـ 60" لانطلاقها تزامنًا مع بدء التشغيل لأول مركب لتسييل الغاز الطبيعي عام 1964- عرفت تحوّلات تكنولوجية وتجارية وبيئية كبيرة وسريعة ساهمت في بروز هذه الصناعة التي سمحت بتطوير أسواق للغاز المسال وتوسيعها المستمر، وزيادة الدول الفاعلة فيها، وتطوير نماذج الأعمال، وكذلك الابتكارات في عقود الغاز، مما يجعلنا متفائلين بمستقبلها بحيث أنه ستكون هناك حاجة ومكانة للغاز الطبيعي المسال لفترة طويلة، وأنه سيلعب دورًا رئيسيًا في الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون وتحقيق الاستقرار المنشود في إمداداته وبالتالي استقرار أسعاره.
للمزيد تابع
خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك
قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار الرياضية فى هذا المقال : أخبار الرياضة - أمين أوابك: أمريكا تمكنت من تغيير أوضاع سوق الغاز المسال وتغيير "أوراق اللعبة" - اخبارك الان, اليوم الأحد 23 مارس 2025 11:54 صباحاً
0 تعليق