مجرد حركة
في ظل السعي لتطوير جودة التعليم في المدارس، كثيرًا ما تتركز الأنظار على المواد الأكاديمية كالرياضيات والعلوم، بينما تُغفل أحيانًا أهمية مادة محورية كالتربية البدنية. لكن الواقع أن الحصة الرياضية داخل البيئة المدرسية تمثل أكثر من مجرد نشاط بدني، بل هي عنصر أساسي في النمو المتكامل للطالب من الجوانب الجسدية والعقلية والنفسية.
منظمة الصحة العالمية (WHO) توصي بأن يحصل الأطفال على 60 دقيقة يوميًا من النشاط البدني المعتدل إلى الشديد، وأشارت إلى أن المدارس تُعد من أفضل البيئات لتحقيق ذلك، لما توفره من انتظام في الممارسة وإشراف تربوي مباشر.
وقد أظهرت دراسة نشرتها مجلة Neuroscience (2009) أن الأطفال الذين يمارسون نشاطًا بدنيًا خلال اليوم الدراسي – مثل الجري أو الألعاب المنظمة – يظهرون تحسنًا كبيرًا في وظائف الذاكرة العاملة والتركيز داخل الصف. وهذا ينعكس مباشرة على الأداء الأكاديمي.
أما على المستوى الصحي، فبحسب مراكز السيطرة على الأمراض (CDC)، فإن الطلاب الذين يشاركون بانتظام في التربية البدنية أقل عرضة للإصابة بالسمنة بنسبة تصل إلى 30%، ولديهم معدلات أعلى في اللياقة القلبية والعضلية، مما يساهم في نمو بدني سليم ومناعة أقوى.
ولا تقتصر الفوائد على الجسد فقط، بل تمتد إلى النفس والسلوك. فقد أكدت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال (AAP) أن النشاط البدني المنتظم في المدرسة يساعد على تقليل القلق والاكتئاب، ويعزز من احترام الذات والانضباط والمهارات الاجتماعية، خاصة عند تنفيذ الحصص في مجموعات تشجع التفاعل والتعاون.
في الواقع، حصة التربية البدنية تتيح بيئة تفاعلية حقيقية بين الطالب وزملائه، ومع المعلم، ضمن مساحة آمنة ومشجعة على التعبير، والتحدي، وتحقيق الإنجاز. وهذا ما لا يمكن استبداله بفعالية في أي سياق آخر، ولا من خلال النشاط العشوائي.
إن إعادة الاعتبار لحصة التربية البدنية في المدارس ليست ترفًا، بل ضرورة تربوية وصحية وإنسانية. فهي تؤسس لطالب صحي، متزن، قادر على التفكير، والتعلم، والمساهمة في بناء مجتمعه بفعالية.
بندر علي السلطان
مشرف تربية بدنية
عضو مجلس إدارة نادي هجر
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
0 تعليق