في مشهد نهائي فاجأ الجميع، أغلقت المخرجة التونسية سوسن الجمني أبواب الإثارة في مسلسلها الرمضاني الجديد "الفتنة" بنهاية غير متوقعة، جمعت خلالها بين أفراد العائلة المتنازعين بعد صراع طويل على الميراث والعلاقات المتصدعة. اختارت الجمني أن تُعيد الدفء إلى قلوب شخصيات العمل، في رسالة رمزية قوية عن انتصار الروابط العائلية على الفتن والخلافات. النهاية التي حازت إعجاب الجمهور التونسي أثبتت أن الدراما قد تحمل في طياتها مفاجآت رغم كل التصعيد.

حبكة مشوقة وقضايا ملتهبة من الواقع التونسي

منذ حلقاته الأولى، شدّ مسلسل "الفتنة" الأنظار بطابع تشويقي مكثف، حيث انطلقت الأحداث بانتحار رجل الأعمال "العربي السلامي" إثر إفلاسه، لتتفجر بعدها صراعات ورثته بين الطمع والضياع. تصاعدت وتيرة الأحداث عبر شخصية "إدريس" الجشعة، وأخيه "طه" المتورط في تهريب الآثار، وشقيقتهما "عائشة" التي تكافح للحفاظ على عملها. برؤية إخراجية دقيقة، فتحت الجمني ملفات اجتماعية حساسة مثل العنف ضد المرأة، تهريب الآثار، التفاوت الطبقي، والخيانة، ما جعل "الفتنة" مرآةً لواقع مجتمعي مضطرب.

تفاعل جماهيري واسع وإشادة بالنهاية

احتفى رواد مواقع التواصل الاجتماعي بنهاية المسلسل التي جاءت مفاجئة وسعيدة، معبرين عن إعجابهم بعودة الألفة إلى العائلة التونسية بعد أن عصفت بها الصراعات. عبارات مثل "نهاية تُثلج الصدر" و"الدم لا يصبح ماء" اجتاحت المنصات، فيما تمنّى الجمهور لو أن الجمني تقدم أعمالًا خارج رمضان نظرًا لما تحققه من نجاحات سنوية. لكن هذا التفاعل الإيجابي لم يخلُ من انتقادات، خاصة في ما يتعلق ببعض الأخطاء القانونية والطبية التي رصدها المتابعون.

انتقادات قانونية واجتماعية تطال المسلسل

ورغم الإشادة بنهاية المسلسل، تعرّض "الفتنة" لانتقادات حادة منذ حلقته الأولى، بعد مشهد انتحار رجل الأعمال، حيث اعتبر البعض أنه يُشجع على هذه الظاهرة التي تشهد ارتفاعًا مقلقًا في تونس. كما أثار العمل جدلًا بسبب أخطاء قانونية رُصدت في مشهد هبة ممتلكات، وانتقادات لطريقة إسعاف مريض سكري، وظهور عاملة منزلية من جنوب الصحراء، ما دفع البعض للتساؤل عن الرسائل الضمنية في هذا المشهد واعتباره تطبيعًا مع ظاهرة العمالة الأجنبية.

تجربة درامية غنية تطرح أسئلة وتفتح ملفات

بخلاف الانتقادات، أثبتت الجمني مجددًا قدرتها على صناعة دراما تفتح النقاش وتُسلط الضوء على قضايا مجتمعية شائكة بأسلوب درامي مشوق. عبر 20 حلقة فقط، تمكنت من إثارة الجدل وترك بصمتها، مؤكدة أن الدراما ليست فقط للترفيه بل أداة لطرح الأسئلة وتحفيز النقاش. نهاية "الفتنة" لم تكن فقط إنهاءً لصراع درامي بل رسالة لإطفاء فتن حقيقية قد تعصف بالعائلة والمجتمع، ما يجعل جمهور الجمني متشوقًا لما ستقدمه في رمضان المقبل.