نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
من باريس لدمشق.. رسائل الشرع في مواجهة عقبات الغرب - اخبارك الان, اليوم الخميس 8 مايو 2025 02:48 مساءً
زيارة تحمل أكثر من عنوان زيارة رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، إلى العاصمة الفرنسية باريس، لم تمر كحدث بروتوكولي عابر في خضم التحولات الجيوسياسية المتسارعة في الإقليم.
تعد الزيارة أول تحرك دولي بهذا المستوى بعد إعادة تشكيل السلطة في دمشق، وتحمل في طياتها جملة من الرسائل، بعضها ظاهر للعلن، وبعضها الآخر مشفّر بدقة بين السطور، خصوصا في ظل مواقف باريس المتبدلة من النظام السابق، وتنامي دورها الإقليمي في مواجهة واشنطن وموسكو وأنقرة.
المشهد من باريس.. ماكرون في دور الراعي.. والشرع في موقع الترويج
في قراءته لمشهدية المؤتمر الصحفي المشترك بين الشرع وماكرون، أشار المحامي والناشط السياسي زيد العظم خلال حديثه إلى "غرفة الأخبار" على "سكاي نيوز عربية" إلى أن الرئيس الفرنسي قدّم نفسه كراعي لـ"سوريا الجديدة"، لكنه فعل ذلك بأسلوب يفتقر إلى الواقعية السياسية. فوصفه العظم بأنه "هاوٍ للمسرح والمنصات السياسية"، معتبرا أن الزيارة كانت أشبه بـ"مسرحية دبلوماسية" تهدف بالدرجة الأولى إلى تحسين صورة باريس في الشرق الأوسط، أكثر من كونها خطوة فعالة في دعم تحول سياسي حقيقي في سوريا.
الشرع من جانبه حاول استثمار هذه اللحظة الدولية للظهور بمظهر رجل الدولة المتزن، مقدّما خطابا محسوبا بعناية، لكنه، بحسب العظم، تهرّب من الخوض في القضايا الجوهرية، وعلى رأسها ملفات المحاسبة، المقاتلين الأجانب، وهيكلية الجيش الجديد.
باريس تغيّر موقفها.. لكن من يملك مفتاح اللعبة؟
أحد أبرز التحولات التي رصدها زيد العظم تمثّلت في تبدّل موقف ماكرون من بشار الأسد. ففي 2019، قال الرئيس الفرنسي إن الأسد "ليس عدوا لفرنسا"، بينما صرّح مؤخرا بأنه "عدو للشعب السوري ولدولتنا".
هذا التحول، بحسب العظم، لا يعكس فقط تغير المزاج السياسي في باريس، بل يُظهر محاولة ماكرون لمجاراة المتغيرات الإقليمية، والبحث عن دور في إعادة رسم خارطة الحل السوري.
وأوضح العظم أن مفتاح الأزمة لا يزال في يد الولايات المتحدة، لا فرنسا، فالعقوبات التي تخنق الاقتصاد السوري، وعلى رأسها "قانون قيصر"، هي أميركية المصدر، ومجرد الحضور في باريس لا يفتح الأبواب المغلقة، فكما قال بوضوح: "العقوبات تُرفع من واشنطن، لا من الإليزيه".
شروط واشنطن: لا محاسبة.. لا رفع للعقوبات
كشف العظم خلال مداخلته عن الشروط الأساسية التي تطرحها واشنطن لبحث مسألة رفع العقوبات، وعلى رأسها:
- إخراج المقاتلين الأجانب من سوريا.
- محاسبة المتورطين في المجازر، بما في ذلك تلك المرتكبة في صحنايا والساحل.
هذه الشروط، رغم بساطتها الظاهرة، تمثل تحديا سياسيا وأمنيا كبيرا للسلطة الجديدة، التي تسعى لطيّ صفحة الماضي دون معالجات قانونية واضحة.
الشرع، وفقا للعظم، تجنب هذه القضايا، وفضّل التركيز على انتظار الدستور الجديد كمظلة للحل، رغم أن المسألة لا تتعلق بنصوص، بل بأفعال ومواقف واضحة.
القضية الكردية.. بين دعم باريس وحسابات أنقرة
ملف الأكراد كان حاضرا بقوة في خطاب ماكرون، الذي أشاد بدور قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في محاربة الإرهاب، ووصفهم بـ"الحلفاء المخلصين".
لكن هذا الموقف يضع الشرع في مأزق دبلوماسي، بحسب العظم، لأن وصوله إلى السلطة كان ثمرة تفاهمات إقليمية، أبرزها التفاهم التركي – الروسي، الذي يرفض كليا أي تمكين للأكراد في الشمال السوري.
العظم لفت إلى أن الشرع يواجه معضلة توازن دقيقة: كيف يوفّق بين الدعم الفرنسي – الأوروبي للأكراد، وبين مصالح أنقرة التي لن تقبل بأي كيانا كرديا على حدودها الجنوبية؟.
والإجابة، بحسب العظم، لا تزال غامضة، والزيارة لم تقدم رؤية واضحة لهذا الملف المعقّد.
الجيش الجديد.. من يقاتل من؟
في سياق متصل، طرح العظم تساؤلا حساسا عن هوية التشكيلات المسلحة التي تتبع للسلطة الجديدة.
وأشار إلى أن "ثلث مقاتلي الجيش الجديد هم من المقاتلين الأجانب الذين يحملون أفكارا متطرفة لا تقل خطورة عن داعش".
تساؤله لم يكن تنظيريا، بل جاء مقرونا بقلق حقيقي: "هل هؤلاء سيقاتلون داعش؟ أم سيلتحقون بها يوما ما؟"
هذا الملف برأي العظم، في حال تجاهله، قد يتحول إلى قنبلة موقوتة تهدد أمن المنطقة بأكملها، وتضع الدول الداعمة لسوريا الجديدة، ومن بينها فرنسا، أمام مسؤوليات أمنية خطيرة.
ملف اللاجئين.. بين هواجس أوروبا ووعود العودة
العظم أوضح أن فرنسا ليست الدولة الأوروبية المعنية فعليا بملف اللاجئين السوريين، حيث لا يتجاوز عددهم على أراضيها 60 ألفا، مقابل أكثر من مليون لاجئ في ألمانيا.
لكن التفاهمات بين دمشق وبرلين، التي بدأت بخطوات مترددة، تشير إلى احتمال انطلاق مسار تدريجي لإعادة اللاجئين، بدءا بمن صدرت بحقهم أحكام جنائية، وربما لاحقا عبر برنامج "عودة طوعية" منظم.
هذه العودة، بحسب العظم، لن تنجح إلا إذا ترافقت مع ضمانات أمنية وقضائية واضحة، وهي مسألة لم تُطرح بوضوح في مؤتمر الشرع وماكرون.
العلاقات مع إسرائيل.. ماكرون ونتنياهو في مأزق التفاهم
من الملفات الإقليمية شديدة الحساسية، تحدّث العظم عن توتر العلاقة بين ماكرون ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مؤكدا أن فرنسا "لم تعد قادرة على ضبط السياسات الإسرائيلية في سوريا ولبنان".
ولفت إلى أن تل أبيب لا تعترف فعليا بشرعية السلطة الجديدة في دمشق، وتواصل ضرباتها الجوية على مواقع متعددة في الجنوب، مما يزيد الضغط على الشرع ويقلل من قدرة باريس على إقناع الأطراف الإقليمية بدعم المسار الجديد.
0 تعليق