نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
سلسلة روايات كانت ممنوعة- أدب السجون (رواية القوقعة) لمصطفى خليفة… وثيقة وشهادة من رحم المعاناة - اخبارك الان, اليوم السبت 22 مارس 2025 03:01 مساءً
دمشق-سانا
“رواية القوقعة يوميَّات متلصص” للكاتب السوري مصطفى خليفة ليست مجرد عمل أدبي، بل شهادةٌ صادمة عن وحشية النظام السوري السابق وقمع الحريات، جاءت على شكل سيرة ذاتية على لسان المؤلف.
الرواية التي صدرت عام 2008، وترجمت إلى 10 لغات، أصبحت مرجعاً عالمياً لفهم واقع السجون السورية وتاريخ القمع الذي تجلّى بوضوح في أحداث مثل مجزرة حماة 1982.
الخلفية التاريخية للرواية: حماة 1982
قبل الغوص في الرواية، لا بد من فهم السياق التاريخي الذي ولدت فيه، ففي شباط 1982، تعرضت مدينة حماة لمجزرة ارتكبها نظام المجرم حافظ الأسد، واستمرت 27 يوماً، وأدت وفقاً للروايات إلى مقتل نحو 40 ألف شخص وأكثر من 17 ألف مفقود، ووثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل ما يقارب 10 آلاف منهم، و 4 آلاف مفقود.
أحداث الرواية:
تبدأ الرواية بوصول البطل، شاب سوري مسيحي، إلى مطار دمشق بعد انتهائه من دراسة الإخراج السينمائي في فرنسا، وفور وصوله، تُلقِي أجهزة أمن نظام الأسد القبض عليه دون تهمة واضحة، يُنقل بعدها إلى السجن الصحراوي، حيث يبدأ كابوسٌ يستمر لأكثر من 13 عاماً.
يعرف بطل الرواية لاحقاً أنه اعتقل بتهمة الانتماء لحركة الإخوان المسلمين، رغم أنه مسيحي ولا علاقة له بأي نشاط سياسي، ولكن أحد زملاء دراسته في فرنسا كتب فيه تقريراً ملفقاً.
في السجن، يُجرد البطل من كل شيء، حتى إنسانيته، يُعامل كرقم، ويُحرم من أبسط حقوقه، مثل معرفة سبب اعتقاله أو الاتصال بأهله.
الحياة داخل السجن: عالم من العذاب يصف الكاتب بالتفصيل الحياة اليومية داخل السجن، والتي تتحول إلى جحيم لا يُطاق، فالسجن ليس مكاناً للعقاب فحسب، بل آلة لسحق الروح والإرادة.
في السجن يتعرض البطل لأنواع لا تُحصى من التعذيب، من الضرب المبرح إلى الحرمان من النوم والطعام، ويُجبر على القيام بأعمال مهينة، مثل تنظيف الأرض بلسانه أو الوقوف لساعات تحت الشمس الحارقة.
في السجن الصحراوي يتحول الضباط والحراس إلى وحوش، يستمتعون بتعذيب السجناء، فينتشر الجرب والأمراض الأخرى بين السجناء بسبب الإهمال الطبي وعدم توافر الأدوية.
يُنبذ البطل من قبل معظم السجناء، الذين يرفضون التعامل معه، وهذه العزلة تدفعه إلى بناء “قوقعة” نفسية، حيث يعيش في عالمه الخاص، بعيداً عن الآخرين.
يجد البطل ثقباً في حائط الزنزانة، يستخدمه لمراقبة العالم الخارجي، هذا الثقب يصبح رمزاً لرغبته في الهروب من الواقع القاسي.
إحدى الشخصيات المؤثرة في الرواية شخصية نسيم، وهو صديق البطل في السجن، الذي يُصاب بالجنون بسبب التعذيب، ويصبح رمزاً للضعف الإنساني في مواجهة القمع، وبعد خروجه من السجن ينتحر، ما يترك أثراً عميقاً في نفسية البطل.
بعد 13 عاماً يُطلق سراح البطل، لكنه يجد نفسه غير قادر على التكيف مع الحياة خارج السجن، فالسجن ترك ندوباً عميقة في نفسه جعلته يعيش في ماضيه الأليم.
أساليب التعذيب في سجون النظام السوري
وثَّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان 72 أسلوب تعذيب استخدمها النظام السابق بحق المعتقلين، أبرز أشكالها: التعذيب الجسدي والنفسي والإهمال الصحي والعنف الجنسي، ومن أشدّها إيذاءً: التعذيب باستخدام الكهرباء و النار والمواد المشتعلة والزيت المغلي، والتعذيب بطريقة الشبح والتعليق، والتحطيم والتكسير والقطع والقلع والقص والنتف والطعن والجلد والضرب والرمي والسحل، والإغراق والخنق، واستخدام الدولاب وبساط الريح والكرسي الألماني والفلقة والصلب، وغيرها.
لماذا تُعد “القوقعة” عملاً استثنائياً؟
1- كشف المستور: تكشف الرواية عن آلية تحويل السجون إلى آلات لسحق الإنسان، وهو ما تؤكده تقارير منظمات مثل منظمة العفو الدولية
2ـ الأسلوب الأدبي: تدمج الرواية بين السرد الواقعي والرمزية (القوقعة كاستعارة عن العزلة والبقاء).
اقتباسات مُعبّرة من الرواية
كسلحفاة أحسّت بالخطر وانسحبت داخل قوقعتها… أتَلصّص، أراقب، أسجل، وأنتظر فرجا.
هذه الكلمة (ياسيدي) تُنطق هنا وهي تحمل كل معاني الذلّ والعبودية.
في السجن الصحراوي، سيتساوى لديك الموت والحياة، وفي لحظات يصبح الموت أمنية.
الرواية صرخة ضد النسيان
القوقعة ليست مجرد يوميات سجن، بل وثيقة أدبية تفضح القمع في سوريا، وهي عمل أدبي استثنائي، يجمع بين السرد القوي والرمزية العميقة.
من خلال تجربة البطل، نرى كيف يمكن للإنسان أن يتحول إلى قوقعة، يحتمي داخلها من عالم قاسٍ لا يرحم.
الرواية تظل شهادة أدبية قوية على جرائم النظام السوري، ودعوة للعالم لعدم نسيان الضحايا.
لمتابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgen
0 تعليق