حرب مياه نووية - اخبارك الان

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
حرب مياه نووية - اخبارك الان, اليوم الثلاثاء 6 مايو 2025 12:41 صباحاً

العالم، هذه الأيام، يمر بحالة من القلق والترقب؛ بسبب احتمال نشوب حرب نووية، بين قطبين إقليميين (الهند وباكستان)، يمتلكان رادعاً استراتيجياً غير تقليدي (نووي)، خارج نطاق وإرادة الدول الخمس (الولايات المتحدة، بريطانيا، روسيا، فرنسا والصين). هذه هي الدول الكبرى الخمس، التي تمتلك الرادع النووي، ومعه حق النقض (الڤيتو)، في مجلس الأمن. لكن هذه السيطرة الاستراتيجية والسياسية على نظام الأمم المتحدة، لم تمنع دولاً إقليمية أخرى من تطوير السلاح النووي خارج معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية.

كلٌّ من الهند وباكستان أسفرتا عن إمكاناتهما النووية الإستراتيجية (1998). كانت الهند هي السباقة بالتفجيرات النووية الاستراتيجية (11، 13 مايو 1998)، لتتبعها باكستان (28 مايو 1998)، ليبدأ سباق تسلح نووي بينهما. حالياً، يُقدر ما يملكه كل طرف ما بين 300 إلى 400 رأس نووي، جاهزة للانطلاق، متى اُتخذ قرارٌ سيادي باستخدام ترسانتهما النووية.

عامل عدم الاستقرار هنا: أن كلا الطرفين يمتلكان عقيدة استراتيجية مختلفة، لا تستبعد احتمال اللجوء للخيار النووي، باحتمالات تحول أي حرب تقليدية إلى حرب نووية شاملة.. أو تحول أي نزاع بينهما للتفكير في الخيار النووي. استراتيجياً: الهند تتبنى عقيدة الضربة النووية الثانية، فقد أعلنت رسمياً أنها لن تكون البادئة باستخدام السلاح النووي. بينما باكستان تتبنى عقيدة غامضة، فلم تعلن عن عقيدة ردع نووية رسمياً، مما قد يعني أنها: لا تستبعد المبادأة بالضربة النووية الأولى، عند الحاجة.

في كلا الحالتين: لا يتبنى الطرفان (الهند وباكستان) استراتيجية ردع فعالة تحول دون احتمال نشوب حرب نووية بينهما، ستقود حتماً إلى هلاك شامل لكليهما

Mutually assured destruction (MAD)

فالهند وباكستان، إذن: تتبعان عقيدة ردع تبدو متهورة، تهدد استقرار النظام الدولي، كونها لا تستبعد احتمال نشوب حرب نووية، بل والاعتقاد بكسبها!

لذا: المتابع لتطور علاقات الهند وباكستان، يلاحظ: ما يشبه التشنج في خطاب الطرفين تجاه الآخر، عند أي توتر للعلاقات بينهما، تركيزاً على احتمالات الصدام النووي. هذا أمرٌ يعكس وضعاً مفعماً بعدم الاستقرار، ما يجعل العالم قلقاً من تجاوز محاذير الانجرار إلى أتون الحرب النووية، الأمر الذي قد يحفز حركة الدينمو، بين قوىً أخرى تمتلك الرادع النووي، خاصةً أن أحد أعضاء النادي النووي المؤسسين الكبار (الصين) جارةٌ لكلٍّ من الهند وباكستان، وهي حليف لباكستان وخصم لدود معادٍ للهند.

بالنسبة لموقف الهند: الأمر لا يخرج عن اتهامات بأن باكستان (الرسمية) وراء العمل الإرهابي الذي وقع مؤخراً في منطقة كشمير المتنازع عليها، راح ضحيته 28 من السواح (الهندوس) في تلك المنطقة، التي تسيطر عليها الهند من إقليم كشمير. في المقابل: تنفي إسلام أباد ضلوعها في ذلك الحادث، وطلبت من نيودلهي أن تثبت اتهامها بالوقائع والدلائل المادية.

هنا: كان يمكن احتواء الأزمة بالطرق الدبلوماسية، لكن نيودلهي هددت بقطع المياه الواردة لباكستان من نهر السند وروافده الغربية، الذي ينبع في هضبة التبت، جنوب غرب الصين ليتدفق مروراً بالهند، ليصب في بحر العرب عند مدينة كراتشي الباكستانية. تشكل مياه النهر وروافده الغربية أكثر من 80% من موارد باكستان المائية المخصصة للزراعة وثلث استخدامات هذه المياه لتوليد الطاقة، وهذه جميعها تشكل 80% من احتياجات باكستان المائية. بل إنّ نيودلهي أعلنت عن الانسحاب من معاهدة اقتسام مياه نهر السند وروافده (19 سبتمبر 1960) البالغة 99 مليار متر مربع تذهب 70% لباكستان و30% للهند مما يطور الأزمة إلى مستويات متقدمة من عدم الاستقرار في منطقة آخر ما تحتاجه تصعيد ينال من استقرارها الهش.

بالنسبة لباكستان: الأمر تَحَوّلَ من نزاع مزمن بين البلدين حول إقليم كشمير، إلى مستوى من التأزم والحساسية الوجودية تنال الأمن القومي لباكستان في الصميم، لمواجهته لن تتوانى باكستان ليس فقط التفكير في الخيار النووي، بل التهديد الواضح باحتمال اللجوء إليه. الهند في المقابل: لم تعد تحصر الأزمة في إطار مجالها الأمني الإقليمي الضيق، تجاوزاً لأبعادها الأيدلوجية والعنصرية، لإظهار عدائها الاستراتيجي لجراتها في الغرب.

ما لم يثب صناعُ القرار في البلدين لرشدهما.. ويعكس سلوكهما عقلانية الدولة.. ويوقفان مسلسل التصعيد بينهما، فإن الأزمة قد تتطور في حدتها وزخمها لتصل بهما إلى منطقة حرجة تهدد مصير مليارين من البشر، في بلديهما، بل العالم بأسره، تهديداً بمحرقة نووية، لا تبقي ولا تذر.

أخبار ذات صلة

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق