التقت "الجمهورية أونلاين " مع الحاجة إنشراح، التي تجاوز عمرها التسعين عامًا وتُقيم في قرية العوام بمركز المنيا.  قالت: "أنا بنفذ وصية الحاج عمر، جوزي الله يرحمه. من عشر سنوات وأنا بسعى لتنفيذها، ولما لقيت المحافظ ده مليح وبيقولوا عليه بينزل الشارع بيعمل خير وحاجات حلوة، وبدل العربيات الربع نقل بميكروباصات، قلت أروح أقابله وأنفذ وصية جوزي الله يرحمه". 

أضافت الحاجة إنشراح  أنها حضرت للقاء المحافظ لعلمها بجديته في تنفيذ أي أمر خدمي، وخاصة إنجازاته التي يشهد بها الجميع، مؤكدة على أن ثقتها كاملة في قدرة المحافظ على تلبية طلبها بشكل جدي وعاجل لخدمة الأهالي. 

قررت في البداية التبرع بأراضٍ لبناء مدرسة أو جامع كما يفعل الناس، لكن مع مرور الوقت، بدأت ترى أن الحاجة الملحة للمستشفى في القرية تتزايد بسبب بعد المستشفيات عن المنطقة بحوالي 15 كيلو متر تقريبًا.  العديد من الأهالي كانوا يواجهون صعوبة في الوصول إليها، وفي ناس ماتت في الطريق. 

وقالت: "لم أكن أعتقد في البداية أنني سأقوم بتخصيص الأراض لبناء مستشفى. كنت أرغب في بناء مدرسة أو جامع، لكن عندما فكرت في احتياجات أهل قريتي، أدركت أن هناك حاجة ماسة للمستشفى. الكثير من الناس يعانون بسبب بعد المستشفيات عنهم، والمستشفى هي الخدمة التي يحتاجها الجميع في كل الأوقات". 

وأضافت "كنت أتمنى لو أستطيع أن أقدم شيئًا يُحسن حياة أهل قريتي ويُسهم في تخفيف معاناتهم، وهذا كان دافعًا كبيرًا بالنسبة لي لاختيار بناء مستشفى بدلًا من أي شيء آخر". 

تُعتبر المبادرة التي قامت بها الحاجة إنشراح خطوة
مبتكرة تُسهم بشكل كبير في تحسين مستوى الرعاية الصحية في القرى الريفية، 

أم علي، إحدى سكان القرية، قالت: "أخيرًا حصلنا على فرصة للحصول على مستشفى قريب منا. كنا نذهب إلى المستشفى الجامعي والأميري بمدينة المنيا، لكن المسافات كانت طويلة جدًا، وكان الوضع صعبًا جدًا بالنسبة لنا. هذا التبرع هو نعمة من الله، ونحن نحتاج هذا المستشفى بشدة". 

بينما أشار الشيخ عبد الله، إمام المسجد في القرية، إلى أن هذا التبرع يعد نموذجًا للتضحية والإنسانية في أروع صورها، قائلاً: "الحاجة إنشراح أثبتت لنا جميعًا أن العمل الخيري لا يقتصر على بناء المدارس أو المساجد فقط، بل قد يكون في بناء مستشفى ينقذ حياة العديد من الناس. نحن فخورون بها جدًا". 

من جانبه، أشاد اللواء عماد كدواني، محافظ المنيا، بتصرف الحاجة إنشراح وأكد على أهمية هذا التبرع في تعزيز القطاع الصحي بالمحافظة، لاسيما في المناطق الريفية  . 

"تبرع الحاجة إنشراح هو نموذج يُحتذى به في العطاء الإنساني. بناء مستشفى في هذه المنطقة خطوة هامة لتوفير الرعاية الطبية للمواطنين. نحن نعمل على دعم هذه المبادرات وتسهيل الإجراءات المتعلقة بتخصيص الأراضي والتمويلات للمشروعات التنموية مثل هذه"، أضاف المحافظ.  "سنقوم بتقديم كل الدعم اللازم لإنشاء المستشفى وفق أعلى المعايير، لتكون مصدرًا للأمل والخدمة الطبية لمئات الآلاف من المواطنين في المنطقة". 

تبرع الحاجة إنشراح يعد علامة فارقة في تاريخ محافظة المنيا، حيث تجسد القيم الإنسانية الحقيقية وتؤكد على أن الاهتمام بالصحة والمستقبل أفضل من بناء المباني التقليدية. هذه المبادرة تعكس رؤية جديدة للمساهمة المجتمعية، وتعد قدوة للعائلات والمواطنين في باقي أنحاء مصر.  

الجدير بالذكر أن الحاجة انشراح كتبت درسًا في العطاء بينما أصحاب المال اكتفوا بنظرات الإعجاب وغابوا عن المشهد

في المقابل، تتوالى علامات الاستفهام حول غياب دور العديد من رجال الأعمال عن المبادرات المجتمعية، وابتعادهم عن دعم المشاريع الخدمية في القرى والمناطق الأكثر احتياجًا

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل