إعداد: هشام مدخنة وخنساء الزبير
أتم دونالد ترامب 100 يوم في منصبه كرئيس للولايات المتحدة، وهي فترة يمكن القول إنها «مئة يوم من العزلة الاقتصادية» حيث أحاط الرئيس بلاده بحواجز تجارية نتجت عن فرضه رسوماً جمركية على كل بلد تقريباً يحتضن شركة أمريكية.
وكان ترامب قد وعد الأمريكيين بـ«طفرة اقتصادية لا مثيل لها» إذا انتخبوه رئيساً، وقد تم له الأمر وأصبح رئيساً للبلاد.
وبالفعل تحرك الرجل في كل الاتجاهات الاقتصادية كما وعد تماماً، ولكن النتائج جاءت على عكس المراد.
فما شهدته الأسوق خلال 100 يوم الأولى من ولايته بعيد كل البعد عن معنى الطفرة؛ حيث بدأ عهده بقرارات عاثت في الاقتصاد العالمي، وتسببت في تراجع حاد في أسواق الأسهم.
«أمريكا أولاً»
لقد راهن المتداولون بكل قوتهم على فكرة «أمريكا أولاً» فور فوز ترامب في الانتخابات، مما أدى إلى ارتفاع المؤشر «إس آند بي» إلى أفضل مكاسب له بعد الانتخابات على الإطلاق.
فقد كان الاعتقاد السائد هو أن الإدارة ستخفف القيود وتخفض الضرائب، مما سيعزز النمو، ولكن بدلاً من ذلك ركّز الرئيس على حربه التجارية بفرض رسوم جمركية، مما أدى إلى حدوث اضطراب الأسواق مع كل إعلان جديد عن فرض رسوم على الشركاء التجاريين.
فبعد أن تم انتخاب ترامب من أجل جعل أمريكا عظيمة مجدداً وازدهار الاقتصاد، حسبما قال اقتصاديون، كانت النتائج حالة من عدم اليقين أثّرت سلباً في النمو الاقتصادي.
فقد اضطربت الأسواق بشكل جنوني عندما فرض ترامب الرسوم الجمركية على كل دولة تقريباً تعمل فيها شركات أمريكية ثم علق تطبيق بعض هذه الرسوم ومنح استثناءات لبعض الصناعات، وصعّد الحرب التجارية مع الصين.
وتزامنت عوامل أخرى مع تقلبات الأسواق أدت لإثارة قلق المستثمرين ودفعت المؤشر الأوسع نطاقاً إلى سابع أسرع تصحيح له منذ عام 1929، ومن تلك العوامل ترحيل العمال غير المسجلين وعمليات الفصل الجماعي للموظفين الفيدراليين.
وكانت التقلبات مختلفة تماماً عن أي شيء شهدناه في الماضي، وانتشرت بشكل عشوائي في جميع القطاعات وفئات الأصول كانتشار النار في الهشيم، وتغذيها باستمرار تصريحات عشوائية وتحركات سياسية سريعة التغيير.
الأداء الأسوأ
على الرغم من الارتفاع الذي شهده المؤشر «إس آند بي 500» مؤخراً، فإنه انخفض بنحو 8% منذ تولي ترامب الحكم، ويتجه نحو أسوأ أداء له خلال أول 100 يوم من ولاية رئيس أمريكي منذ عهد الرئيس جيرالد فورد في عام 1974، بعد استقالة ريتشارد نيكسون.
وهذا تحوّل جذري لم يتوقعه سوى القليل في «وول ستريت» عقب عامين متتاليين من المكاسب التي تجاوزت 20%.
وخسر المؤشر أكثر من 10% في جلستين سابقتين من هذا الشهر، بعد أن فرض ترامب أشد رسوم جمركية أمريكية منذ قرن في الثاني من إبريل/نيسان. ثم ارتفع المؤشر بشكل حاد بعد أسبوع عندما تراجعت الإدارة عن قرارها وعلقت تطبيق معظم الرسوم لمدة 90 يوماً، ومنذ ذلك الحين تشهد الأسهم تذبذباً، وتواجه المتداولون صعوبة في تحديد مسارهم.
وتستعد وول ستريت للمزيد؛ فقد تزايد اتخاذ المضاربين المراكز القصيرة على عقود «إس آند بي» الآجلة إلى أعلى مستوى منذ ديسمبر/كانون الأول، بحسب ما أظهرت أحدث بيانات لجنة تداول السلع الآجلة الصادرة يوم الجمعة.
هبوط جماعي
وكان الانخفاض في أسواق الأسهم منذ تنصيب ترامب في 20 يناير/كانون الثاني بقيادة قطاعي السلع الاستهلاكية التقديرية وتكنولوجيا المعلومات؛ حيث كانت شركة الأحذية «ديكرز آوت دور» وشركة تصنيع معدات أشباه الموصلات «تيرادين» وشركة إنتاج المواد الكيميائية المتخصصة «ألبمارل» من بين أكبر الخاسرين.
ومن الشركات الأخرى التي تعاني أسهمها شركة تيسلا المصنعة للسيارات الكهربائية المملوكة لإيلون ماسك، ويونايتد إيرلاينز القابضة، ودلتا إيرلاينز، ونورويجيان كروز لاين القابضة المحدودة.
وتواجه شركات صناعة السلع الاستهلاكية وصناعة الرقائق خطر ارتفاع التكاليف؛ بسبب الرسوم الجمركية الجديدة، في حين من المتوقع أن تشعر شركات السفر بالضائقة عندما يقلص المستهلكون الإنفاق إذا بدأ الاقتصاد في النضال.
توجيهات محبطة
وتظل مراكز الأسهم قريبة من قاع نطاقها التاريخي؛ وفقاً لبيانات من دويتشه بنك.
كما حذر استراتيجيو «بنك أوف أميركا» من أن الظروف اللازمة لانتعاش مستدام لسوق الأسهم غير متوفرة، وشجعوا المستثمرين على البيع في أحدث انتعاش شهدته الأسهم الأمريكية والدولار.
وبحسب بنك غولدمان ساكس فإن المستثمرين الأجانب تلقوا بالفعل المذكرة، وبدأوا في التخلص من الأسهم الأمريكية منذ بداية شهر مارس/آذار.
وهناك كلمة واحدة يستخدمها مديرو الأموال لتلخيص خطط ترامب التجارية وتأثيرها في سوق الأسهم: وهي «عدم اليقين الاقتصادي».
ودفع هذا الغموض المستثمرين إلى اتخاذ موقف دفاعي، والحذر من الخدع، وتفضيل الانتظار ريثما تتضح تفاصيل السياسات بشكل ملموس. لكن هذا ليس الخطر الوحيد.
وسيؤدي تباطؤ النشاط الاقتصادي الناجم عن الرسوم الجمركية وارتفاع التكاليف المرتبطة به، إلى تقليص نمو الأرباح وفقاً لديفيد ليفكويتز، رئيس قسم الأسهم الأمريكية في ذراع إدارة الثروات العالمية ببنك يو بي إس. ويتوقع عدم تغير في أرباح شركات المؤشر «إس آند بي» هذا العام.
مقابلته «تايم»
في مقابلته الأخيرة مع مجلة «تايم» الأمريكية، وصف ترامب الأشهر الثلاثة الأولى من ولايته بأنها نجاحٌ منقطع النظير. وقال: «ما أفعله هو بالضبط ما دافعتُ عنه في حملتي الانتخابية».
هذا صحيح جزئياً. فمن الترحيل والرسوم الجمركية إلى إعادة صياغة تحالفات أمريكا ومهاجمة سياسات التنوع والمساواة والشمول، يُنفذ الرئيس السابع والأربعون تعهداته بإعادة تشكيل الولايات المتحدة ودورها في العالم بشكل جذري. وعلى الرغم من أنه لم يكن من افتعل معظم المشاكل التي يسعى جاهداً لمعالجتها اليوم، يقول مؤيدوه إنه يبذل جهداً أكبر من أسلافه من كلا الحزبين لإصلاحها.
لقد شهدت الأيام المئة الأولى من ولاية الرئيس مساراً مختلفاً تماماً عن أي إدارة حديثة أخرى، بما في ذلك إدارته قبل ثماني سنوات. فالمستثمرون ليسوا على دراية بكيفية تداول سياساته، كما أن محافظي البنوك المركزية لا يملكون وضوحاً كافياً بخصوص كيفية تأثير ذلك في اقتصاداتهم. فضلاً عن تسارع موسم الأرباح، والبيانات الحاسمة عن الوظائف الأمريكية، وانتخابات كندا، واختبار حاسم لمدى صحة منطقة اليورو.
استطلاعات رأي
بعض استطلاعات الرأي أظهرت خلال الفترة الأخيرة مستويات متراجعة لشعبية ترامب مع مرور أول 100 يوم له في المنصب، خاصة على مستوى أدائه في مجال الاقتصاد، الذي كان إحدى نقاط تفوقه في صراع الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
كانت 100 يوم مليئة بالأحداث والقرارات والمواقف، التي اتسمت بالحدية والعدوانية في كثير من الأحيان إلى جانب بعض التطورات المتعلقة بفضائح وتسريبات واتهامات لمسؤولين بإدارته، وهو ما كان كفيلاً بالتأثير في شعبية الرئيس الجمهوري، بما قد يجعلها على المحك خلال الفترة المقبلة.
وفي استطلاع رأي لـ «رويترز/إبسوس»، وافق 37% فقط من المشاركين على تعامل ترامب مع الاقتصاد، بانخفاض عن 42% في الساعات التي تلت تنصيبه في 20 يناير/ كانون الثاني، عندما وعد بإنعاش الاقتصاد، وتحقيق «العصر الذهبي للولايات المتحدة.»
وأظهر استطلاع آخر لوكالة «أسوشيتد برس»، أن كثيرين يخشون من أن تتجه البلاد نحو الركود، وأن التعريفات الجمركية الواسعة النطاق التي يفرضها الرئيس بشكل عشوائي سوف تتسبب في ارتفاع الأسعار.
وبحسب استطلاع رأي ثالث أجرته صحيفة «نيويورك تايمز» بالتعاون مع كلية سيينا خلال الفترة من 21 إلى 24 إبريل/نيسان، يعتقد الناخبون أن ترامب يبالغ في جهوده العدوانية لتوسيع سلطاته التنفيذية، ولديهم شكوك عميقة حول بعض الموضوعات من أجندته.
وأظهرت آخر نسخة أسبوعية من استطلاع «الإيكونوميست» مع شركة «يوغوف»، أنه كلما زاد مستوى تعليم الشخص، قلّ احتمال تأييده لترامب. كما أن الناخبين في سن التقاعد، وهم عادةً كتلة جمهورية راسخة، يبدون فتوراً مفاجئاً تجاه الرئيس.
ووفقاً لأحدث استطلاع اقتصادي في كل أنحاء أمريكا خاص بشبكة «سي إن بي سي»، فقد اختفت دفعة التفاؤل الاقتصادي التي رافقت إعادة انتخاب ترامب؛ حيث يعتقد مزيد من الأمريكيين الآن أن الاقتصاد سيزداد سوءاً أكثر من أي وقت مضى منذ عام 2023، مع تحول حاد نحو التشاؤم بشأن سوق الأسهم.
اليوم، وبعد إعلان البيت الأبيض إقامة تجمع في ميشيغان، الثلاثاء، للاحتفال بمرور 100 يوم على تولي الرئيس الأمريكي منصبه، إليكم لمحة موجزة عن أبرز محطات دونالد ترامب في عالم المال والأعمال لهذه الفترة من ولايته الثانية:
التعريفات الجمركية
أحدثت تعريفات ترامب الجمركية المتقطعة موجات صدمة في الأسواق المالية، التي لا تزال تفتقر إلى طريقة حقيقية لتقدير الآثار الاقتصادية المحتملة. وصعّد الرئيس من سياساته التجارية بفرض مجموعة شاملة من التعريفات الجمركية التي تؤثر في جميع شركاء الولايات المتحدة التجاريين تقريباً، ومنها على السلع الواردة من الاتحاد الأوروبي، وأخرى على واردات الصين.
وتُعدّ مبادرة ترامب، التي وصفها بـ «يوم التحرير» الأمريكي، بمثابة إعادة رسم معالم التجارة العالمية بشكل جذري. لكن يبدو أن التوترات بين الولايات المتحدة والصين بدأت تهدأ نوعاً ما، حيث تدرس بكين بعض الإعفاءات من رسومها الجمركية البالغة 125% على الواردات الأمريكية.
الأسواق
بعد عامين من المكاسب الهائلة، واجهت أسهم عمالقة التقنية، وغيرها من الشركات الكبرى، بداية صعبة مطلع عام 2025، الأمر الذي أثقل كاهل الأسواق، ولكن مع انخفاض «ستاندرد آند بورز» ففي المقابل، ارتفعت الرهانات على البيتكوين والذهب؛ حيث تجاوز سعر المعدن الأصفر 3500 دولار للأوقية لأول مرة في التاريخ، ولامست العملة المشفرة حاجز الـ 100 ألف دولار مجدداً.
ومع تحول اليورو وسندات منطقة اليورو الآن إلى ملاذات آمنة للمستثمرين الهاربين من اضطرابات الرسوم الجمركية الأمريكية، يُظهر رد فعلهم على البيانات الرئيسية ما إذا كانت هذه الأصول قد انفصلت تماماً عن اقتصاد الكتلة.
الرهن العقاري والإسكان
لم تتغير أسعار الرهن العقاري كثيراً منذ تولي ترامب منصبه، ولا تزال أعلى بكثير من أدنى مستوياتها في فترة الجائحة. ويبلغ متوسط سعر الفائدة على الرهن العقاري الثابت لمدة 30 عاماً حالياً 6.81%، بانخفاض عن 6.96% في أواخر يناير.
يعود هذا التراجع جزئياً إلى إبقاء الفيدرالي على سعر الفائدة الرئيسي ثابتاً منذ ديسمبر، حيث يتبنى البنك المركزي نهج الانتظار والترقب وسط حالة من عدم اليقين بشأن رسوم ترامب الجمركية.
وأظهرت بيانات جديدة صادرة عن الرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين انخفاض مبيعات المنازل القائمة بنسبة 5.9% في مارس/آذار، مقارنة بالشهر السابق، لتصل إلى معدل سنوي قدره 4.02 مليون وحدة.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
0 تعليق