كتب المحرر السياسي -التسريبات التي أدلى بها العين عمر عياصرة عبر اذاعة راديو البلد قبل ايام، والتي قال فيها إن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو رفض استقبال وزير خارجيتنا أيمن الصفدي، لمواقفه وتصريحاته التي اعقبت السابع من اكتوبر، هي معلومات مقلقة ومزعجة ومربكة ،لا سيما انها ظلت طي الكتمان دون ان نفهم دوافع السرية والتكتم في هذا الملف الحساس !!
لم تنشر وسائل الاعلام الرسمية شيئا عن هذه المعلومة ، ولم يصدر عن الخارجية الاردنية ما يؤكدها او ينفيها ،الا انها جاءت على لسان احد ابرز المقربين من دوائر القرار واحد اصواتها المرتفعة ، وهذا يكفي ويزيد ..
صحيح ان العين العياصرة استخدم هذه التسريبات في سياق الدفاع عن الموقف الرسمي الذي ما انفك يدفع كلفا عالية لمواقفه المتقدمة الداعمة للأشقاء في غزة، ولكن هناك من سيتلقفها ويوظفها في سياقات الحاجة لتعديل عاجل وضروري ، فليس اقل من تغيير الوزير الصفدي ، وتكليف اخر يكون على مقاس وهوى ومزاج الادارة الامريكية ووزير خارجيتها الصهيوني !!!
إن الوزير أيمن الصفدي، لم يكن يومًا صاحب القرار او صانع الموقف والرؤيا للدولة الاردنية ، بل كان وما زال مُعبرًا أمينًا عن توجيهات الملك عبد الله الثاني، ومترجمًا لسياسات الدولة الأردنية الراسخة، وإن أي محاولة للفصل بين أداء الصفدي وبين الموقف الوطني الأردني الجامع، إنما هي محاولة مشبوهة أو ساذجة، لا تخدم إلا أجندات تتربص بالمواقف الأردنية المشرّفة.
إن الحديث عن تغييرات تطال وزارة الخارجية في هذا التوقيت، حديث غير بريء، يُراد منه إرباك الموقف الأردني الذي يتصدر اليوم ساحات الشرف الدبلوماسي والأخلاقي، ثم إن بقاء الوزير الصفدي في موقعه ليس ترفًا سياسيًا، بل هو ضرورة سياسية ووطنية، وذلك لضمان استمرارية ذات النهج والأداء الدبلوماسي الذي خطته الدولة بقيادة الملك، والتي أعادت للأردن ألقه الدبلوماسي والسياسي، وصوته المسموع بين الأمم.
لقد كانت الدبلوماسية الأردنية، بقيادة الملك، وعبر أدواتها التنفيذية وعلى رأسها وزارة الخارجية، الصوت الأعلى والأوضح في الزمن الذي صمتت فيه العديد من العواصم الكبرى واختارت السكوت ، وكان أداء الوزارة، بقيادة الصفدي، صورة صادقة لصلابة القرار الأردني، لا اجتهادًا شخصيًا ولا موقفًا فرديًا، بل التزامًا مطلقًا بخط الدولة وثوابتها الوطنية والقومية.
إن أي تفكير أو تلميح بتغيير حقيبة الدبلوماسية الأردنية اليوم، لا يخدم المصلحة العليا، بل يرسل اشارات ملتبسة للداخل والخارج ، ويضرب مصداقية الموقف الأردني المتقدم على كل المواقف، فالدبلوماسية الأردنية كما رسمها الملك، تحتاج إلى الثبات، والاستمرارية، بنفس الروح القتالية السياسية، التي كانت وما زالت شوكة في خاصرة المحتلين وداعميهم.
لا نبالغ ابدا اذا قلنا إن بقاء الصفدي في موقعه بات ضرورة دفاعية، وليس مجرد شأن إداري، لقاؤه بوزير الخارجية الامريكي لن يقدم او يؤخر ، هم منحازون تماما ومتورطون ومشاركون في كل ما يرتكب من جرائم ومجازر ومحارق وابادة جماعية بحق اشقائنا في غزة والضفة الفلسطينية ، المهم ان الصفدي كان لسان حال الدولة بكل مكوناتها ، وكان عنوانا من عناوين الحقيقة والعدالة والانسانية في ظل حالة من المس والتخبط وانعدام الوزن وفقدان البوصلة الذي ما زالت تعاني منه الكثير من الدول الكبرى والصغرى ..
الأردن، دولةً وقيادةً وشعبًا، لا يبدل رجاله في ميدان المعركة، ولا يترك من حمل راية الحق في منتصف الطريق، وما بقاء الوزير الصفدي في موقعه، إلا ترجمة لإرادة الدولة، وتعبيرًا حيًا عن صلابتها الوطنية وعدم قبولها التعرض للابتراز!
الأردن، بقيادة الملك عبد الله الثاني، ماضٍ في مواقفه الثابتة، لا تهزه الضغوط ولا تغيره العواصف، وما مواقفنا التاريخية المشرفة، الذي خطته الدولة بدماء شهدائها وعزيمة رجالها، الا رسالة مفادها: لا تغيير في مسار الشرف، ولو كان ذلك في اضعف الايمان ، ولا تخاذل ، على الاقل في الموقف ، في زمن تحتاج فيه الأمة إلى مواقف لا إلى مساومات وحسابات قاصرة!
0 تعليق