نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تخفيضات البنوك الكبرى للأسهم العالمية.. هل اقتربت العاصفة؟ - اخبارك الان, اليوم الأربعاء 16 أبريل 2025 05:38 صباحاً
في تطور لافت يثير القلق في الأوساط المالية العالمية، بدأت بنوك كبرى ذات ثقل وتأثير بالغين في توجيه دفة الاستثمارات، في خفض توقعاتها لأداء أسواق الأسهم الرئيسية في العالم.
فبعد أن حذر بنك باركليز من تباطؤ النمو في أوروبا وتخفيض هدفه لمؤشر ستوكس 600 الأوروبي بنهاية العام، لحقه عملاقا المال "سيتي غروب" و"غولدمان ساكس" ليقللا من تفاؤلهما تجاه الأسهم الأميركية والصينية على التوالي، مستندين في ذلك إلى تصاعد التوترات التجارية، وتأثير الرسوم الجمركية، وظهور مؤشرات على فتور الزخم الاقتصادي الذي طالما ميز بعض هذه الأسواق.
فهل تُعد هذه التخفيضات المتتالية لتوقعات بنوك بحجم "سيتي غروب" و"غولدمان ساكس" و"باركليز" إشارة مبكرة تنذر بانهيار وشيك يلوح في الأفق للأسواق العالمية؟ وهل تعكس هذه النظرة التشاؤمية تحولاً حقيقياً في جاذبية الأسهم العالمية، أم أنها مجرد رد فعل احترازي تجاه حالة عدم اليقين المتزايدة التي تخيم على الاقتصاد؟
وخفض "غولدمان ساكس" توقعاته للأسهم الصينية للمرة الثانية هذا الشهر، بسبب تصاعد حدة التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، ما أثار مخاوف ركود أكبر اقتصادين في العالم، بحسب تقرير نشرته وكالة "بلومبرغ" واطلعت عليه سكاي نيوز عربية.
وخفض محللو المصرف الأميركي، توقعاتهم لمؤشر الأسهم الصينية "سي إس آي 300 إلى 4300 نقطة على مدار 12 شهراً المقبلة، من 4500 نقطة متوقعة سابقاً، ما يعني ارتفاعاً بنسبة 15بالمئة مقارنة بمستويات إغلاق الجمعة الماضية.
وفي مذكرة أصدرها البنك أخيراً، كتب محللو "غولدمان ساكس": ارتفعت التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين إلى مستويات غير مسبوقة، ما أثار مخاوف بشأن الركود، وهو ما يؤثر سلباً على الأسواق المالية".
كما خفض المحللون الاستراتيجيون في بنك "سيتي غروب" نظرتهم للأسهم الأميركية، بسبب تزايد الحاجة إلى تنويع الاستثمارات بعيداً عن الأسهم، في ظل تقويض الحرب التجارية للنمو الاقتصادي والأرباح.
وقال فريق بقيادة بيتا مانثي في مذكرة إن تراجع فكرة "الاستثنائية الأميركية" سيستمر مع بروز نموذج الذكاء الاصطناعي الصيني "ديب سيك"، والتوسع المالي في أوروبا، وتصاعد التوترات التجارية التي يُرجح أن تُلحق ضرراً أكبر بالشركات الأميركية مقارنة بنظيراتها في اليابان وأوروبا. وفي هذا السياق، خفّض الفريق تصنيفه للأسهم الأميركية من "وزن زائد" إلى "محايد".
وكتب الاستراتيجيون: "المحركات الاستثنائية الأميركية بدأت تفقد زخمها سواء من حيث الناتج المحلي الإجمالي أو ربحية السهم. الأسهم الأميركية لا تزال مرتفعة السعر نسبياً، بينما تتزايد وتيرة خفض تقديرات الأرباح".
وينضم محللو "سيتي غروب" إلى مجموعة من كبار المؤسسات في وول ستريت، من بينها "بنك أوف أميركا" وشركة "بلاك روك"، حيث خفضت جميعاً نظرتها للأسهم الأميركية في ظل الغموض الذي يحيط بتداعيات السياسات التجارية للرئيس دونالد ترمب، وما تثيره من مخاوف بشأن ركود اقتصادي محتمل.
وكتب الاستراتيجيون أن المستثمرين لا يزالون يملكون انكشافاً كبيراً على الأسهم الأميركية، ما يتيح لهم مجالاً لمزيد من التنويع، وفقاً لتقرير الوكالة الأميركية.
رغم تراجع تقييم مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" القائم على تقديرات الأرباح إلى ما دون متوسط الخمس سنوات، فإنه لا يزال يُتداول بمكرر ربحية 19.4 مرة من أرباح الإثني عشر شهراً المقبلة، مقارنة بـ16.5 مرة لمؤشر "إم إس سي آي" العالمي، وفق بيانات جمعتها "بلومبرغ".
وفي مذكرة منفصلة، خفض سكوت كرونيرت، رئيس استراتيجية الأسهم الأميركية في "سيتي غروب" توقعه لأداء مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بنهاية العام إلى 5800 نقطة مقارنة بـ6500 نقطة من قبل، وهو ما يعادل ارتفاعاً قدره 8% مقارنة بإغلاق يوم الجمعة الماضية.
كما خفض تقديره لأرباح المؤشر من 270 إلى 255 دولاراً متعللاً بالاضطرابات الناجمة عن الرسوم الجمركية ومؤشرات تباطؤ النمو الاقتصادي.
وكان بنك باركليز خفض الأسبوع الماضي هدفه لمؤشر ستوكس 600 الأوروبي بنهاية العام، للمرة الثانية في أقل من شهر، مع تصاعد التوترات التجارية وفرض الرسوم الجمركية من قِبل الولايات المتحدة، ما زاد من المخاوف بشأن حدوث ركود اقتصادي.
وخفض البنك هدفه للمؤشر الأوروبي من 580 إلى 490 نقطة بحسب ما نقلته وكالة رويترز، لكنه حذّر من أن «تحديد هدف معين في هذه المرحلة ليس له قيمة كبيرة، إذ لا يوجد سابقة أو إطار أساسي يمكن الاعتماد عليه في هذه الأزمة».
وقال إيمانويل كاو، الاستراتيجي في باركليز، "نعتقد أن الأسهم العالمية من غير المرجح أن تعود إلى مستوياتها العالية قريباً"، مشيراً إلى تلقيها الكثير من الأضرار.
أبرز محركات تراجع توقعات البنوك
في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية قال الخبير الاقتصادي حسين القمزي: "هناك حجم من القلق المتصاعد في الأسواق العالمية بسبب التطورات الديناميكية المتسارعة التي تشهدها أسواق العالم. نتيجة لذلك أقدمت مؤسسات مالية بارزة مثل غولدمان ساكس وسيتي غروب وباركليز على تخفيض توقعاتها لأداء أسواق الأسهم الرئيسية في العالم، محذّرين من تحديات اقتصادية متنامية تلوح في الأفق. هذا التحول اللافت في نظرة البنوك الكبرى لا يأتي من تقييم عابر، بل ينبع من سلسلة من التطورات الجيوسياسية والاقتصادية العميقة التي تهدد استقرار النظام المالي العالمي، وتدفع بالأسواق إلى منطقة شديدة الغموض".
وأبرز محركات هذا التراجع في التوقعات هو تصعيد الرئيس الأميركي دونالد ترامب لنهج الرسوم الجمركية "الانتقامية" التي أطلقها مطلع أبريل 2025، والتي طالت عدداً واسعاً من الشركاء التجاريين، في مقدمتهم الصين والاتحاد الأوروبي. هذا التصعيد ألقى بظلاله الكثيفة على التجارة العالمية، حيث أُعيد تسعير المخاطر، وتراجعت شهية المستثمرين للمخاطرة. وقد ظهرت أولى علامات التأثر في تجمّد سوق السندات عالية المخاطر في الولايات المتحدة، وتوقف العديد من صفقات الاستحواذ، مع تخوف المستثمرين من ارتفاع التكاليف واحتمالات التخلف عن السداد، بحسب تعبيره.
وأضاف القمزي: "على سبيل المثال خفّض سيتي غروب توقعاته لنمو الاقتصاد الصيني بسبب تباطؤ في الصادرات والاستثمارات، مقروناً بأزمة بطالة شبابية متفاقمة وتراجع في القطاع العقاري. أما في أوروبا، فقد أشار باركليز إلى أداء ضعيف للعديد من الشركات خلال الربع الأول من العام، خاصة في القطاعات الصناعية، في ظل تراجع الاستهلاك وتباطؤ الطلب على السلع. في الوقت نفسه، سجلت مؤشرات ثقة المستهلكين تراجعاً كبيراً في الولايات المتحدة، وهو ما يشير إلى أن العوامل النفسية والسلوكية بدأت تلعب دوراً محورياً في تشكيل الاتجاه العام للأسواق".
المخاطر تشمل ارتفاع تكاليف التمويل
وأوضح أن المخاطر لا تقتصر على تباطؤ اقتصادي فحسب، بل تشمل ارتفاعاً في تكاليف التمويل، وتقلّباً في أسعار الأصول، واتساعاً في فروقات الائتمان، ما يعني أن المستثمرين يتوقعون مزيداً من التخلف عن السداد في المستقبل، مشيراً إلى أن غولدمان ساكس، على سبيل المثال، رفع توقعاته لنسب التعثر في السداد إلى 5 بالمئة في السندات عالية المخاطر و8 بالمئة في القروض ذات الرفع المالي، وهي مستويات تفوق المتوسطات التاريخية، ما يعكس إدراكاً متزايداً لحجم الخطر المقبل.
وختم الخبير الاقتصادي القمزي حديثه بقوله: "في المجمل، فإن خفض التوقعات من قبل هذه البنوك لا يمكن اعتباره إجراءً تقنياً فقط، بل هو إشارة تحذيرية كبرى تعكس إعادة تقييم شاملة لجاذبية الأسهم العالمية والبيئة الاستثمارية ككل. نحن لسنا أمام رد فعل احترازي طبيعي في أوقات عدم اليقين؟ أعتقد أن هذه الخطوات تنذر فعلاً بـركود عالمي وشيك؟ الإجابة ما زالت غير محسومة وأتمنى ان اكون مخطئاً، لكن المؤشرات الآتية من نيويورك، شنغهاي، وطوكيو ولندن تزداد تشاؤماً يوماً بعد يوم".
تزايد المخاوف بشأن السياسات التجارية
من جهته، أكد الرئيس التنفيذي لمركز "كوروم للدراسات الاستراتيجية"، طارق الرفاعي، في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن تخفيضات أرباح البنوك الكبرى الأخيرة وتوقعاتها الحذرة تشير إلى تزايد المخاوف بشأن الاقتصاد العالمي، لكنها لا تشير بالضرورة إلى انهيار وشيك للسوق العالمية. واستند في ذلك إلى عدة مؤشرات أبرزها:
تخفيضات توقعات الأرباح: خفّضت مورغان ستانلي وسيتي غروب توقعاتهما لأرباح مؤشر ستاندرد آند بورز 500، وأشارت إلى محدودية إمكانات النمو في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.
تحول في توجهات المستثمرين: كشف استطلاع لبنك أوف أميركا عن اتجاه كبير نحو الابتعاد عن الأسهم الأميركية، حيث أبدى 36 بالمئة من مديري الصناديق انخفاضاً في استثماراتهم في الأسهم الأمريكية - وهو أكبر انخفاض مسجل.
تقييمات مخاطر الركود: رفعت غولدمان ساكس وجيه بي مورغان تقديراتهما لاحتمالية الركود، حيث رفع غولدمان توقعاته إلى 45 بالمئة وجيه بي مورغان إلى 60 بالمئة، وهذا يعكس تزايد المخاوف بشأن السياسات التجارية والاستقرار الاقتصادي.
تقلبات السوق: دخل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 منطقة التصحيح، متراجعاً بأكثر من 10 بالمئة عن ذروته، بينما شهد مؤشرا ناسداك وراسل 2000 انخفاضات أكثر حدة، مما يشير إلى زيادة تقلبات السوق.
0 تعليق