عاجل

50 عامًا على حربٍ "لم تنتهِ".. ماذا تغيّر بين 1975 و2025؟! - اخبارك الان

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
50 عامًا على حربٍ "لم تنتهِ".. ماذا تغيّر بين 1975 و2025؟! - اخبارك الان, اليوم الثلاثاء 15 أبريل 2025 03:19 صباحاً

على مدى الأيام القليلة الماضية، "احتفل" اللبنانيون على تنوّع مشاربهم وانتماءاتهم بذكرى الحرب "المشؤومة" التي تتفاوت قراءاتها وتحليلاتها، وإن تقاطعت بصورة عامة على حقيقة أنها كانت بمثابة "حروب بالجملة"، لا يمكن اختزالها في حربٍ واحدةٍ، مهما علا سقفها، وكذلك على "تأثير" الدور الإقليمي والدولي على خطّها، وهو ما يعبّر عنه وصف "حرب الآخرين على أرضنا"، في إشارة إلى اللاعب الفلسطيني تحديدًا.

في ذكرى الحرب، ألقيت كلمات وصدرت بيانات تقاطعت بمجملها على نبذ العنف الذي أثبتت التجربة أنّه لا يحلّ المشاكل، وعلى التمسّك بالحوار والتشاور سبيلاً للتفاهم بين اللبنانيين، وعلى رفض منطق "حروب الآخرين"، والاستقواء بالخارج على حساب الشركاء في الوطن، وعلى تأكيد التمسّك بدستور الطائف الذي لم يطبَّق بالكامل بعد، كما على رفض العودة بعقارب الساعة إلى الوراء، تحت أيّ ظرف من الظروف.

من هنا، "تقاطع" الجميع على القول إنّ الحرب التي استمرّت زهاء 15 عامًا، وخلّفت مئات الآلاف من القتلى والجرحى والمشرّدين والمفقودين والمغيَّبين، انتهت إلى غير رجعة، أو "دُفِنت إلى الأبد"، كما قال رئيس الجمهورية جوزاف عون، لكن هل يمكن "الجزم" بذلك فعلاً؟ هل تعلّم اللبنانيون دروس الحرب، على كثرتها؟ لماذا يعتقد البعض أنّ الحرب لم تنتهِ أساسًا، وما الذي تغيّر عمليًا بين العامين 1975 و2025؟!.

في المبدأ، لا شكّ أنّ ذكرى الحرب هذا العام تبدو مختلفة عن كلّ الأعوام السابقة، للعديد من الأسباب والاعتبارات، بينها ما هو شكليّ ربما، ربطًا بالرقم "50" الذي تحمله، ما يعني أنّ نصف قرن مرّ عليها، من دون أن تقفَل عمليًا ملفّاتها وقاضياتها، وبينها ما هو عمليّ، ربطًا بالظروف التي تأتي فيها هذا العام، بعد حرب إسرائيليّة أعادت إلى ذاكرة الكثيرين محطات تاريخيّة قاسية، بينها اجتياح 1982 على سبيل المثال.

وبالحديث عن الذكرى، لا بدّ من "استحضار" الدروس والعِبَر التي تنطوي عليها، علمًا أنّ الحرب اللبنانية لا تزال مصنّفة على أنّها أحد أعقد الصراعات في منطقة الشرق الأوسط على امتداد التاريخ، في ظلّ غياب لسرديّة "موحّدة" بشأنها، يتجلّى بشكل خاص، في الحديث عن أسباب اندلاعها، التي تتداخل بين سياسية واقتصادية واجتماعية، وقبل كلّ ذلك خارجية، ربطًا بالوجود الفلسطيني المسلح الذي يعتبره كثيرون السبب الوحيد للحرب.

في هذه الجزئية تحديدًا، تبدو "المقارنة" بين ظروف 1975 و2025 مشروعة لكثيرين، فالعامل الفلسطيني لا يزال مؤثّرًا على المشهد الداخليّ، سواء على مستوى الحضور الفلسطينيّ في لبنان، أو على مستوى السلاح الفلسطينيّ، على الرغم من اتفاق اللبنانيين على طاولة الحوار في وقت سابق، على نزعه وسحبه، وهو قرار بقي معلَّقًا، أو بمثابة "حبر على ورق"، من دون أن يطبَّق عمليًا، للكثير من الأسباب والاعتبارات.

وعلى خطّ المقارنة نفسها، ثمّة من يشير إلى أنّ الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، وما ترتّب عليها من تداعيات كبرى لم تنتهِ فصولاً بعد، استحضرت في مكانٍ ما فصولاً من سرديّة "حرب الآخرين على أرضنا"، خصوصًا أنّها اندلعت على خلفية "إسناد" الشعب الفلسطيني المُحاصَر في قطاع غزة في وجه حرب الإبادة الإسرائيلية ضدّه، ولو أنّ هناك من يجزم بأنّ المخطط الإسرائيلي ضد لبنان سابق لهذه الحرب.

وأبعد من كلّ هذه الخلفيّات، ثمّة من يقارن ظروف 1975 و2025 على المستوى السياسي الداخلي أيضًا، فإذا كان صحيحًا أنّ حادثة "بوسطة عين الرمانة" الشهيرة لم تكن أكثر من "سبب مباشر" للحرب، لا يعكس بالضرورة أسبابها الحقيقية غير المباشرة، فإنّ هناك مَن يتوجّس مِن "مخطّطات شبيهة" اليوم، في ضوء الاستقطاب السياسي الحاد الذي أفزرته الحرب الأخيرة، خصوصًا مع طرح ملفّ سلاح "حزب الله" على الطاولة.

استنادًا إلى ما تقدّم، يصبح السؤال عن إمكانية عودة عقارب الساعة إلى الوراء أكثر من مشروع، بعيدًا عن الشعارات الوجدانية التي تتردّد اليوم، فهل تعلّم اللبنانيون فعلاً دروس الحرب، ودفنوها إلى الأبد، عملاً بمقولة "تنذكر تَ ما تنعاد" التي لطالما أحاطت هذه الذكرى؟ تختلف الإجابات على هذا السؤال، بين من يجزم أنّ اللبنانيين لن يكرّروا "خطايا الماضي"، ومن يعتقد أنّ الحرب لم تنتهِ أساسًا، حتى تعود اليوم من جديد.

في هذا السياق، ثمّة من يفضّل استخدام عبارة "50 عامًا من الحرب"، لا "50 عامًا على الحرب"، في إشارة إلى أنّ الحرب مستمرّة عمليًا منذ 50 عامًا، وهي لم تنتهِ بعد، ليس فقط لأنّ الكثير من "جروح" الحرب لا تزال مفتوحة، ومن بينها مثلاً قضية المعتقلين والمخفيّين قسرًا، ولكن أيضًا لأنّ الأسباب التي قادت إلى الحرب قبل 50 عامًا، لا تزال حاضرة بصورة أو بأخرى، من بينها النظام السياسي، والوضع الاقتصادي، إضافة إلى السلاح.

صحيح أنّ "شكل" هذه الحرب، أو بالأحرى الحروب، اختلف بعد العام 1990 عمّا كان عليه بين العامين 1975 و1990، مع تسجيل العديد من "جولات العنف" في محطات تاريخية عدّة، إلا أنّ الصحيح أيضًا أنّ طيّ الصفحة بالكامل غير ممكن، قبل أن تتغيّر الظروف، وبالحدّ الأدنى، قبل تطبيق وثيقة الوفاق الوطني التي يفترض أنها وضعت حدًا للمدافع، والتي لا تزال بعض بنودها بلا ترجمة، وفي مقدّمها إلغاء الطائفية السياسية.

في السياق، ثمّة من يخشى من أن تكون البلاد اليوم على أبواب "جولة عنف" جديدة، على وقع الخلاف السياسي الكبير الذي أفرزته الحرب الإسرائيلية الأخيرة، قد تغذّيها "الطائفية السياسية" التي لا تزال قائمة، علمًا أنّ ملف سلاح "حزب الله" تحديدًا يبدو بمثابة "قنبلة موقوتة"، على الرغم ممّا يحكى عن مرونة وليونة يبديها الحزب، في مقابل "استعجال" فريق من اللبنانيين حسم هذا الملف، بالقوة إن اقتضى الأمر، ومن دون حوار.

في النتيجة، يمكن القول إنّ الكثير تغيّر بالضرورة بين العامين 1975 و2025، تغيير تعكس المدّة الزمنية الفاصلة بين التاريخين، والتي تصل إلى نصف قرن، إلا أنّ الكثير لم يتغيّر أيضًا، وتحديدًا "الروحيّة"، فلبنان 2025 يشبه كثيرًا لبنان 1975، سواء على مستوى الطائفية السياسية، أو على مستوى التبعية للخارج، فهل تكون الذكرى الـ50 فرصة لتغيير "جذري"، أم أنّ ما كُتِب قد كُتِب، وأنّ لبنان محكومٌ بهذا الواقع؟!.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق