دبي:«الخليج»
عند افتتاحه في إبريل/ نيسان 2000، أعاد جميرا أبراج الإمارات رسم ملامح أفق دبي، وسرعان ما رسّخ مكانته رمزاً للتميّز المعماري والتصميم المستقبلي الطموح بحضوره البارز في قلب الحي المالي الناشئ بالمدينة.
جاء هذا الإنجاز المعماري ثمرة مسابقة تصميم دولية أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، ليُجسّد رؤية طموحة للمستقبل لا تزال تلهم أجيال المصممين والمعماريين.

وفيما يحتفل الفندق بمرور 25 عاماً على افتتاحه، يمكن استعراض 25 محطة ولحظة فارقة أسهمت في تشكيل هويته وترسيخ مكانته كأحد المعالم المعمارية الأيقونية في أفق دبي.
في منتصف تسعينيات القرن الماضي، أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم مسابقة دولية للتصميم، دعا من خلالها المشاركين إلى تقديم رؤية معمارية تجسّد طموح المدينة المتنامي كمركز مالي مزدهر. واشترطت المسابقة أن يتضمن التصميم برجين يفوق ارتفاع كل منهما ضعف ارتفاع مركز دبي التجاري العالمي الذي يبلغ 149 متراً، وكان شيّده المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، قبل ذلك بعشرين عاماً ليكون علامة فارقة في المشهد العمراني لدبي.
فازت المهندسة المعمارية هيزل وونغ، المولودة في هونغ كونغ، بالمسابقة بفضل تصميمها اللافت الذي جمع بين روعة الفن الإسلامي وجرأة الابتكار المعاصر، مقدّمة رؤية معمارية تخطف الأنظار وتلهم الأجيال. استخدمت هيزل وونغ في هذا التصميم الفريد أشكالاً هندسية مثلثة مميزة تحاكي في هيئتها أشرعة السفن التي لطالما عبرت مياه الخليج، حاملةً معها عبق التاريخ ونبض المكان.
بدأ تشييد جميرا أبراج الإمارات في 1996، وجاء التصميم النهائي مطابقاً إلى حد كبير لتصور هيزل وونغ ورؤيتها الإبداعية.
اكتمل بناء المبنى قبل الموعد المحدد في 1999، متضمناً العديد من العناصر التصميمية المستوحاة من طبيعة الإمارات، من بينها مباني مواقف السيارات المنخفضة والمنحنية التي تحيط بكل برج، وتجسّد خطوطها المتموجة جمال كثبان الصحراء الساحرة.

شكّل المشروع أول تجربة إنشائية على الإطلاق لشركة «ملتبلكس» التي وصفت المبنى بأنه «شهادة حيّة على طموح اقتصادي جريء لمدينة نمت بوتيرة مذهلة وتزدهر بإيقاع لا يعرف السكون».
افتُتح جميرا أبراج الإمارات رسمياً في إبريل/ نيسان 2000، وكان آنذاك أطول مبنى في دبي، والعاشر على مستوى العالم من حيث الارتفاع.
يبلغ ارتفاع برج المكاتب 350 متراً ويتكون من 56 طابقاً، بينما يبلغ طول برج الفندق 305 أمتار ويحتوي على 54 طابقاً، . ويربط بين البرجين «ذا بوليفارد»، وهي منصة مُتدرجة تتوسط حدائق طبيعية غنّاء تأسر الأنظار. ويتميّز تصميم البرجين بخلوّه من الأعمدة المركزية، إذ يتوزع الوزن عبر الشكل الثلاثي للهيكل، ما يوفر مساحات داخلية أكثر رحابة وكفاءة إنشائية أعلى.
صمّمت هيزل وونغ الواجهة الخارجية للبرجين لتتغير ملامحها بحسب الزمان والمكان الذي تُشاهَد منه. واختارت لذلك ألواحاً من الألمنيوم مزوّدة بزجاج عاكس بدرجات النحاس والفضة، لتتفاعل مع تغيرات أشعة الشمس، مانحة المبنى حضوراً ديناميكياً يتبدل مع حركة الضوء وتغيّر الأجواء. يُعد جميرا أبراج الإمارات من أبرز المعالم التي تزيّن الوجه الخلفي للورقة النقدية البوليمرية من فئة 500 درهم، التي أصدرها مصرف الإمارات المركزي في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2023.
يمتد جميرا أبراج الإمارات على مساحة خارجية تقارب 6000 متر مربع، تشمل «تراس البلازا» و«التراس بين البرجين»، ما يوفّر فرصاً مثالية لاستضافة فعاليات استثنائية في قلب وسط دبي. ويحتضن الفندق أيضاً حديقة شتوية سرّية تتجول فيها الطواويس، لتمنح الزوّار لمسة آسرة من الجمال والتفرد.

طابق حصري

يتميّز جميرا أبراج الإمارات بكونه من أوائل الفنادق في الإمارات التي خصّصت طابقاً حصرياً للسيدات، وهو الطابق الأربعون، ويضم تسع غرف وجناحاً، صُممت جميعها بعناية فائقة، وتوفّر مزايا فاخرة، لتقدّم تجربة إقامة أنيقة تنبض بالخصوصية والراحة.
يعتبر جميرا أبراج الإمارات أيضاً من أوائل «الأبراج الذكية» على مستوى العالم، ومن المباني السبّاقة في منطقة الشرق الأوسط التي وظّفت تقنيات ذكية ضمن تصميمها. وشملت هذه التقنيات نظام تحكم تلقائياً في المناخ وإنارة تعمل بحساسات الحركة، إلى جانب أنظمة أمان متقدمة، ما جعله نموذجاً ريادياً في الابتكار المعماري والتفوّق التقني.
يحتضن جميرا أبراج الإمارات «مكتب المستقبل»، الذي افتُتح في 2016، ويحمل رقماً قياسياً في موسوعة «غينيس» كأول مكتب في العالم باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد.
يوفّر جميرا أبراج الإمارات ممراً حصرياً ومباشراً إلى «متحف المستقبل» المجاور، الذي افتُتح في 2022. ويتمتّع نزلاء الفندق بميزة الدخول المباشر إلى المعارض، حتى في حال نفاد التذاكر المتاحة للجمهور، وهو ما يحدث غالباً قبل أسابيع من مواعيد الفعاليات التي يستضيفها المتحف.
يضم الفندق ثلاثة أجنحة رئاسية، يعبّر كل منها عن أسلوب تصميمي فاخر بتميّز لافت:«الروكوكو»، ولويس السادس عشر، والطراز الإسكندنافي، لتلبية تطلعات الباحثين عن أقصى درجات الفخامة. وتضمّ هذه الأجنحة بيانو كبيراً وغرف نوم وحمّامات فاخرة ومساحات رحبة للمعيشة والطعام تهيّئ الأجواء لأمسيات لا تُنسى.

سباق

استضاف فندق جميرا أبراج الإمارات أول جولة لسباق «دبي القابضة سكاي ران» عام 2003، ليصبح من تلك اللحظة المقر الرسمي الوحيد لهذا السباق العمودي في دبي. ويخوض المشاركون تحدياً شاقاً يتمثل في صعود 52 طابقاً، أي ما يُعادل 1334 درجة سلم، وصولاً إلى قمة ترتفع 265 متراً عن سطح الأرض، في فعالية رياضية حماسية تُنظَّم لدعم الأعمال الخيرية وجمع التبرعات.
في 2012، حصل جميرا أبراج الإمارات على شهادة «الجرين غلوب» تقديراً لجهوده المتواصلة في مجال الاستدامة البيئية.
يعتمد فندق جميرا أبراج الإمارات، من خلال شراكة مع «فريش أون تيبل»، على مصادر محلية لتوريد 25% من المنتجات الطازجة المستخدمة فيه، دعماً للمزارعين المحليين وللمساهمة في تقليل البصمة الكربونية.
تقديراً لالتزامه بالتميّز وتطبيقه لأعلى معايير الجودة، نال جميرا أبراج الإمارات تكريماً مرموقاً ضمن جوائز دبي للجودة لعام 2015. وتُمنح هذه الجائزة استناداً إلى نموذج التميز الصادر عن المؤسسة الأوروبية لإدارة الجودة.
في عام 2020، أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عن ربط فندق جميرا أبراج الإمارات بكل من مركز دبي التجاري العالمي ومركز دبي المالي العالمي، لتشكيل «حي دبي للمستقبل»، ليكون نقطة انطلاق في تحويل المدينة إلى «عاصمة عالمية للاقتصاد الجديد».
حصد جميرا أبراج الإمارات جائزة «أفضل نوم هانئ» المرموقة خلال «معرض النوم 2020» في دبي، تقديراً لتوفيره تجربة استثنائية في الراحة وجودة النوم.
في 2023، تعاون جميرا أبراج الإمارات مع «نعمة»، المبادرة الوطنية للحد من فقد وهدر الغذاء في دولة الإمارات، لاتخاذ خطوات استباقية نحو تقليل فقد الأغذية وهدرها. وتُعد «نعمة» ثمرة تعاون بين مكتب الشؤون الاستراتيجية ومجموعة العلوم السلوكية، وتهدف إلى خفض هدر الطعام بنسبة 50% بحلول عام 2030.
وفي العام نفسه، نجح جميرا أبراج الإمارات في تحقيق هدفه الطموح المتمثل في التخلص تماماً من جميع المواد البلاستيكية المشتقة من البترول ضمن عملياته التشغيلية، تأكيداً لالتزامه بالاستدامة البيئية.
في 2024، كشفت شركة التصميم الداخلي «لا بوتيغا» عن اكتمال أعمال تجديد ردهة الفندق، معلنةً عن مرحلة جديدة في مسيرة هذا الصرح الفندقي الشهير في عالم الأعمال والاستجمام. وتتميّز الردهة الجديدة ببهو شاهق يبلغ ارتفاعه 30 متراً، تتوسّطه أربعة مصاعد زجاجية تنقل الضيوف بسرعة مذهلة تُحاكي روعة المشهد وجرأة التصميم.
وهكذا ظل جميرا أبراج الإمارات، على مدى الخمسة والعشرين عاماً الماضية، علامة فارقة في قلب دبي، ورمزاً لمدينة تطمح دوماً إلى قمم جديدة، دون أن تتخلى عن جذورها العريقة وإرثها العريق. وتحمل هذه المحطات المضيئة في طيّاتها شهادة حيّة تروي قصة طموح لا ينطفئ، وروح لا تتوقّف عن الابتكار، ليظل هذا الصرح الفريد شاهداً على رحلة دبي المتواصلة نحو الريادة لعقود قادمة.

بين البرجين

في وقت سابق من هذا العام، أبهر بطل العالم ثلاث مرات في رياضة المشي على الحبال، يان روس، الجمهور بسيره على حبل مشدود بين برجي فندق جميرا أبراج الإمارات، على ارتفاع مذهل بلغ 224 متراً. وجاء هذا العرض الاستثنائي ضمن فعاليات النسخة الثالثة من قمة «المليار متابع»، التي تُعدّ أكبر حدث عالمي لصناع المحتوى الرقمي.