اخبارك الان

التجار في عدن يفرضون شرط سداد الديون بالريال السعودي.. ردة فعل على تدهور العملة المحلية وسط أزمة اقتصادية مستمرة - اخبارك الان

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
التجار في عدن يفرضون شرط سداد الديون بالريال السعودي.. ردة فعل على تدهور العملة المحلية وسط أزمة اقتصادية مستمرة - اخبارك الان, اليوم الجمعة 2 مايو 2025 02:59 صباحاً

في خطوة غير مسبوقة، قرر عدد من المحال التجارية في العاصمة المؤقتة عدن، بدءًا من الخميس، فرض شرط سداد الديون المتراكمة على الزبائن بالريال السعودي، بدلاً من العملة المحلية (الريال اليمني)، في ظل تدهور حاد في قيمة الريال اليمني وفقدانه لثقة التجار والمستهلكين.

وأظهرت صور متداولة إعلانًا خطيًّا في إحدى البقالات التجارية يؤكد هذا القرار، ويُعد أول حالة من نوعها في التاريخ الحديث لليمن.

الخلفيات الاقتصادية: تدهور العملة المحلية وتفاقم الأزمات

يأتي هذا القرار ضمن سياق أزمة اقتصادية مستمرة تمر بها اليمن منذ سنوات، تفاقمت بسبب الحرب المستمرة منذ 2015، والتي أدت إلى انهيار البنية التحتية، وانهيار قطاعات الإنتاج، وتراجع الاحتياطي النقدي الأجنبي، فضلاً عن غياب سياسات إصلاحية فعالة.

وبحسب بيانات حديثة، فقد تراجع الريال اليمني بنسبة تتجاوز 90% مقابل الدولار الأمريكي منذ بداية عام 2022، فيما سجل تراجعًا مماثلًا أمام الريال السعودي، مما جعله غير قادر على دعم الاقتصاد المحلي أو حماية حقوق المتعاملين.

وأوضح تجار في عدن أن قرار فرض الريال السعودي جاء "لتوفير ضمان لاستقرار قيمة الديون"، حيث تراجعت قيمتها بشكل مفاجئ مع كل تذبذب في سعر الصرف، مما أدى إلى خسائر فادحة لهم.

وقال أحد التجار، الذي رفض ذكر اسمه: "نتحمل خسائر كبيرة كلما تأخر الزبون عن السداد، لأن قيمة الدين تقل بسرعة. الريال السعودي أكثر استقرارًا، وهو ما يوفر لنا أمانًا ماليًّا".

ردود الفعل: استياء من الزبائن وشكوك حول التزام التجار

من جانبه، عبر عدد من الزبائن عن استيائهم من القرار، مشيرين إلى صعوبة تحويل مدخراتهم إلى الريال السعودي في ظل أزمة السيولة وغلاء سعر الصرف.

وقال أحد المواطنين، أحمد سالم: "كيف نستطيع دفع ديوننا بالريال السعودي إذا لم نكن نملكه؟ هذا يزيد من معاناتنا". وأضاف: "التجار يبحثون عن مصلحتهم فقط، بينما نحن نعاني من الفقر والجوع".

في المقابل، أعرب بعض التجار عن تفهمهم لوضع الزبائن، لكنهم أكدوا أن القرار ضروري لبقاء أعمالهم. وقال تاجر آخر: "لا نريد حرمان الزبائن من الخدمات، لكن يجب أن نحمي أنفسنا من الاحتيال أو الخسائر الجسيمة".

التبعات المحتملة: تعزيز استخدام العملات الأجنبية وتأثيرات على السوق

قد يؤدي هذا القرار إلى تعميق الاعتماد على العملات الأجنبية في المعاملات اليومية، وهو ما يُضعف دور البنك المركزي في السيطرة على الطلب والعرض المحلي.

وتشير تقارير محلية إلى أن الريال السعودي يُستخدم بالفعل في العديد من المعاملات التجارية في الجنوب، خاصة مع انتشار تجارة الحدود مع الإمارات، لكن فرضه كشرط أساسي يُعد سابقة خطيرة قد تؤدي إلى تهميش العملة المحلية بشكل أكبر.

ومن المرجح أن يواجه التجار معارضة من الجهات الرقابية، حيث تمنع قوانين البنك المركزي اليمني التعامل بالعملات الأجنبية في المعاملات الداخلية.

وقال مصدر في البنك المركزي لـ"الصحيفة": "ندين أي محاولة لتعزيز استخدام العملات الأجنبية بشكل غير قانوني، وسنلاحق أي تجاوزات".

وأضاف: "نعمل على إجراءات لاستعادة الثقة بالعملة المحلية، بما في ذلك إصلاح سعر الصرف وزيادة موارد الدولة".

التاريخ والمقارنة: أول مرة يُفرض الريال السعودي كشرط للسداد

يُعد هذا القرار الأول من نوعه في اليمن، حيث لم تُسجل حالات سابقة لفرض شرط سداد الديون بالريال السعودي. وتشير مصادر مطلعة إلى أن التجار في الجنوب تبنوا هذه الخطوة تحت تأثير انتشار استخدام الريال السعودي في التعاملات التجارية، حيث يتم دفع التعويضات والرواتب بالعملة السعودية.

في دول أخرى تمر بأزمات اقتصادية مماثلة، مثل فنزويلا وسوريا، شهدت الأسواق تبني العملات الأجنبية في التعاملات اليومية، مما أدى إلى تآكل دور العملة الوطنية.

ويعتقد الخبراء أن تكرار مثل هذه القرارات في اليمن قد يُضعف الاقتصاد المحلي ويجعله أكثر عرضة للتدخلات الخارجية.

الآفاق: هل تنجح هذه الاستراتيجية؟

يرى خبراء اقتصاديون أن فرض شرط سداد الديون بالريال السعودي قد يكون "حلًا مؤقتًا" للتجار، لكنه لا يُعالج جذور المشكلة، التي تكمن في تدهور الاقتصاد الكلي.

وقال خبير اقتصادي: "لا يمكن للتجار أن يحموا أنفسهم من تأثيرات التضخم والانهيار النقدي دون دعم من السياسات الحكومية. الحل يكمن في استعادة استقرار العملة عبر إصلاحات جادة، وليس في إجراءات فردية".

وأضاف: "الاعتماد على العملات الأجنبية في التعاملات المحلية يُضعف من قدرة الدولة على التحكم في اقتصادها، ويُضعِف دور البنك المركزي. هذا القرار قد يُضعف الثقة أكثر في العملة اليمنية، مما يزيد من الضغوط على سعر صرفها".

الخلاصة: توازن بين الحماية والمسؤولية

بينما يرى التجار أن فرض شرط السداد بالريال السعودي هو وسيلة للحفاظ على حقوقهم المالية، يُطالب الزبائن بحلول تراعي ظروفهم المعيشية.

وفي غياب حلول جذرية، قد تستمر هذه الممارسات في التوسع، مما يهدد بتفكيك الاقتصاد المحلي وزيادة الاعتماد على العملات الأجنبية.

ومع تصاعد التحديات، يبقى السؤال: هل ستتمكن الحكومة من استعادة ثقة التجار والمستهلكين في العملة اليمنية، أم أن الأزمة ستتعمق؟

أخبار متعلقة :