مع الشروق : عيد الشغل .. ثقافة العمل.. ومسؤولية الدولة - اخبارك الان

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مع الشروق : عيد الشغل .. ثقافة العمل.. ومسؤولية الدولة - اخبارك الان, اليوم الخميس 1 مايو 2025 11:23 مساءً

مع الشروق : عيد الشغل .. ثقافة العمل.. ومسؤولية الدولة

نشر في الشروق يوم 01 - 05 - 2025

2352303
لم يمر عيد الشغل أمس في تونس دون أن يجول بخاطر التونسيين، كما في كل ذكرى غرة ماي، السؤال الذي طالما تردد على كل لسان: أي شغل نحتفل بعيده ؟ وهو السؤال الذي يُحيل إلى تساؤلات أخرى ذات علاقة بثقافة العمل و المردودية والإنتاجية في العمل وذات العلاقة أيضا بارتفاع معدلات البطالة وبمدى مسؤولية الدولة والمجتمع للحدّ منها ومن تداعياتها. فتونس كانت على مرّ التاريخ، وإلى حدّ الآن، من بين أكثر البلدان التي مثل فيها العمل قوة راسخة في بلد لا تتوفر فيه موارد طبيعية كبرى أو ثروات تضاهي ثروة النفط او الغاز او الذهب. ولم يكن من خيار غير التعويل على سواعد وجهود ثروتها البشرية كل من موقعه. وهو ما يؤكد الحاجة دائما إلى إيلاء موضوع العمل أهمية بالغة حتى لا تفقد بلادنا هذه الثروة .
وقد مكن هذا الخيار، خاصة بعد الاستقلال، من تكوين قوى عاملة في مختلف المجالات بالقطاعين العام والخاص، من العامل اليومي في الحقول الفلاحية والمناجم وغيرها الى العامل القار في المصانع إلى الموظف في الإدارة و الناشط في مجال الأعمال الحرة وصولا إلى الكفاءات العليا... وهو ما ساهم في بناء أسس الدولة الحديثة والمقومات الاقتصادية والتنموية والاجتماعية في البلاد. وبذلك أصبحت تونس من بين الدول التي ترسّخت فيها ثقافة العمل والكد والاجتهاد، وتجاوز العمل لدى أبنائها مفهوم الحقّ الدستوري الذي يجعل الدولة مسؤولة عن توفيره إلى مفهوم الواجب الاجتماعي والعائلي المطالب به المواطن بإرادته ومبادرته دون انتظار توفير الشغل من الدولة. وهو ما يفسر ظهور قطاع خاص متماسك وقوي بفضل المبادرات الخاصة في شتى المجالات.
وفي السنوات الأخيرة أصبح مفهوم العمل الذي ترسخ لدى التونسيين على مرّ التاريخ يطرح العديد من التساؤلات ذات العلاقة بثقافة العمل التي تميزوا بها على الأقل في العشريات الاولى بعد الاستقلال. فهذه الثقافة بدت اليوم وكأنها تتراجع شيئا فشيئا ونتج عن ذلك تراجع المردودية والانتاجية في العمل. وهو ما ألقى بظلاله على الوضع الاقتصادي والتنموي في البلاد. كما تراجعت ايضا روح المبادرة الخاصة وحلّ محلّها التعويل على الدولة ومطالبتها بتوفير مواطن شغل في القطاع العام. كما ظهرت أيضا ثقافة "الربح السريع" والبحث عن تحقيق مداخيل مالية مرتفعة دون بذل جهود كبرى إما عبر الأنشطة الممنوعة او البحث عن الهجرة السرية الى الخارج أو "الشغل الالكتروني" على مواقع التواصل الاجتماعي التي تدرّ عائدات مالية.
وإذا كان الفرد يتحمل مسؤولية تراجع ثقافة العمل لديه بسبب توجهه نحو ثقافة الربح السريع، إلا أن الدولة تظل مسؤولة عن حماية ثقافة العمل ومزيد تكريسها وذلك عبر تحسين ظروف ومناخ العمل وتحسين الأجور وعبر عدة حلول وآليات إدارية وقانونية لتحفيز القوى العاملة حتى ترفع من مردوديتها ومن إنتاجيتها وتساهم في تحسين أداء الاقتصاد الوطني. وإذا كانت الدولة اليوم غير قادرة على تلبية كل طلبات الشغل في القطاع العام والوظيفة العمومية، إلا أن ذلك لا يجب أن يعفيها من مسؤولية ضمان الحق الدستوري في العمل عبر عدة حلول أخرى. فهي مسؤولة عن تشجيع المبادرة الخاصة ليتمكن العاطلون من توفير موارد رزق دون عناء، وذلك من خلال خلق آليات التمويل الضروري للمشاريع الخاصة إما عبر التمويل العمومي أو حث البنوك على ذلك، وتقديم التشجيعات والحوافز اللازمة وتسهيل الإجراءات وتخفيف البيروقراطية وتوفير البنية التحتية... فبذلك يمكن استرجاع ثقافة العمل المفقودة وتطويرها. ويمكن تحسين مناخ العمل وتحقيق الفائدة المرجوة منه للاقتصاد الوطني.
فاضل الطياشي

.




إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق