قدامى المحاربين الأميركيين يعودون إلى فيتنام لطلب الصفح - اخبارك الان

0 تعليق ارسل طباعة

بعد نصف قرن من انتهاء الحرب في فيتنام، أمضت مجموعة من قدامى المحاربين الأميركيين أسبوعين في رحلة عبر فيتنام بالحافلة.

كانوا في السابق جنوداً، والآن يبحثون عن الصفح عنهم، وبدأوا زيارتهم بجولة في دور الأيتام والمقابر التي دُفن فيها أعداؤهم السابقون، وتحدثوا مع قدامى المحاربين الفيتناميين، وسبحوا في بحر الصين الجنوبي، وتحدثوا عما فعلته فيتنام بهم وما فعلوه بها.

مأساة حرب فيتنام

يصادف هذا العام الذكرى الـ50 لنهاية حرب فيتنام، التي كانت بين عامَي 1955 و1975، حيث لقي نحو 58 ألف جندي أميركي حتفهم، إلى جانب ما يُقدر بمليونَي فيتنامي، خاض الشمال الشيوعي ضد الجنوب الرأسمالي حرباً بالوكالة، حيث وضعت القوى العظمى في تلك الحقبة في مواجهة بعضها: الاتحاد السوفييتي والصين من جهة، والولايات المتحدة من جهة أخرى.

لقد كانت حرباً استقطبت جيلاً بأكمله حتى في الدول التي لم تكن متورطة، ففي ألمانيا الغربية طالب جيل 1968 بإنهاء الإمبريالية، وفي ألمانيا الشرقية تبرع الناس بالدم لإخوانهم الاشتراكيين في فيتنام الشمالية، وفي الولايات المتحدة فاز المصور نيك أوت بجائزة «بوليتزر» عام 1973 عن صورته بالأبيض والأسود للطفلة فان ثي كيم فوك، البالغة من العمر تسع سنوات، العارية وذات جلد ممزق، إثر هجوم بقنابل «النابالم».

هزيمة أميركا

حرب فيتنام أول حرب تخسرها الولايات المتحدة، حيث سقطت سايغون في 30 أبريل 1975، واتحد الجنوب والشمال تحت حكومة شيوعية، هزمت دولة فقيرة أقوى قوة عسكرية في العالم، وبذلت الولايات المتحدة كل ما في وسعها لكسب الحرب.

وأسقط الأميركيون قنابل خلال حرب فيتنام أكثر مما أسقطوه خلال الحرب العالمية الثانية بأكملها، واستخدموا سلاحاً ظل يطارد المنطقة لسنوات عديدة بعد أن سكتت المدافع، وهو مبيدات أعشاب لم تجرد الأشجار من أوراقها فحسب، بل سممت السكان أيضاً في جنوب شرق آسيا، فضلاً عن تسمم جنود أميركا أنفسهم.

يعد «العامل البرتقالي» أشهر مُزيلات أوراق الأشجار، الذي أدى إلى ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان، حيث عانت النساء من ولادة أجنّة ميتة، أو أُصيب أطفالهن بإعاقات، وبعضهن بست أصابع في إحدى يديه.

غيّرت حرب فيتنام نظرة العالم إلى الولايات المتحدة، ونظرة أميركا لنفسها، مُغيّرة بذلك صورة أمة كانت مقتنعة بمعصوميتها من الخطأ.

لم يكن قدامى المحاربين في تلك الحرب الجيل الأول من الأميركيين الذين خاضوا الحرب، لكنهم كانوا أول من تساءل عما إذا كان ذلك صحيحاً.

آلام جندي

لهذا السبب عاد الجندي الأميركي السابق، كريج إدجرتون، وآخرون إلى فيتنام، حيث غطى إدجرتون وجهه بين يديه وبكى.

آخر مرة زار فيها فيتنام كان شاباً مدججاً بالسلاح، واليوم بعد 55 عاماً من عودته من الغابة أصبح رجلاً عجوزاً.

وتتدفق الذكريات في ذهنه، من أكياس الرمل إلى المخابئ، وقمم التلال الجرداء، وسماع هدير المدفعية يتصاعد في الهواء، بينما تومض الأضواء في السماء.

وكان إدجرتون واحداً من نحو 2.7 مليون جندي أميركي أرسلتهم الولايات المتحدة إلى فيتنام، وبصفته ملازماً قاد ستة مدافع «هاوتزر»، مع أنه لم يطلق أياً منها بنفسه، كما يقول.

وكان يجلس في المخبأ وسماعات الرأس على أذنيه، ويصدر الأوامر مثل: مدفع واحد أطلق النار.. مدفع أربعة أطلق النار.

ويقول: «لم نكن نعرف أبداً ما الذي نطلق عليه النار، كنا نضغط على الزناد فقط، واليوم أفكر: يا إلهي، كم قتلت؟ كم جندياً قتلت؟ كم مدنياً قتلت؟»، هذه الأسئلة سبب وجوده في موقف سيارات مطار هانوي مع عربة التسوق وحقيبة ظهره.

ويضيف إدجرتون: «إذا سامحني الفيتناميون فهل يعني ذلك أنني سأسامح نفسي؟.. أريد أن أسامح نفسي لكن الأمر صعب».

ويتابع: «قبل أن أنطلق إلى الحرب أقمت حفلة مع أصدقائي، وقلت إن عدت فسيكون ذلك بمثابة منقذ للعالم، أو هكذا أظن».

وبعد سبعة أشهر عاد إلى تكساس، لكنه وجد نفسه في حيرة، حيث كان ذلك عام 1969، وكانت الولايات المتحدة قد علمت لتوها بمذبحة «ماي لاي»، التي ذبحت خلالها سرية من القوات الأميركية قرية بأكملها.

وكان الملاكم الراحل محمد علي كلاي قد رفض التجنيد الإجباري، قائلاً: «العدو الحقيقي لشعبي موجود هنا» وليس في فيتنام، وبالنسبة لليبراليين في الولايات المتحدة، كان إدجرتون قاتلاً، أما بالنسبة للمحافظين فكان خاسراً.

زيارة صعبة

برفقة 17 شخصاً، من بينهم ثمانية من قدامى محاربي فيتنام، وأفراد من عائلاتهم وآخرون، وصل إدجرتون إلى فيتنام.

وفي هذه الزيارة الصعبة، التي نظمتها منظمة «قدامى محاربي السلام»، قضى الأميركيون أسبوعين يجولون في أنحاء البلاد، من هانوي شمالاً إلى مدينة هو تشي منه جنوباً، عبر خط العرض 17، الذي كان يقسم فيتنام إلى دولتين منفصلتين.

وفي هانوي تعبر الحافلة الممتلئة بالأميركيين النهر الأحمر الذي يتدفق عبر المدينة، ومن بين الركاب عامل فولاذ من أوكلاند، وصل إلى فيتنام قبل معظم الجنود آنذاك لإنشاء البنية التحتية اللازمة للعمليات، بما في ذلك الثكنات وخزانات الوقود والحظائر.

وبينهم أيضاً خبير ذخيرة سابق من مدينة نيويورك، وجندي مشاة من سان خوسيه، شاهد رفيقه يُقتل برصاص قناص معادٍ.

وجاء إدجرتون إلى هنا مع زوجته، ويقول إنه لسنوات عديدة لم يُرد الاعتراف بما فعله في فيتنام، وإنه في ذلك الوقت كان متحمساً للذهاب إلى الحرب. عن «ديرشبيغل» الألمانية


العودة إلى مسرح الموت

إنها فكرة مجنونة أن تعود إلى المكان الذي رأيت فيه الموت، لكن تشاك سيرسي، وهو رجل في الـ80 من عمره، يرتدي قبعة من القش وسترة أكبر منه بقليل، يعتقد أن هذا أفضل قرار يمكن أن يتخذه المحاربون الأميركيون القدامى.

وخدم سيرسي أيضاً في فيتنام، لكنه لم يُرسل قط إلى القتال، تماماً مثل العديد من الأميركيين المتمركزين هناك، كان مقره في سايغون، وبعد ما يقرب من 30 عاماً ركب طائرة عائداً إلى فيتنام، لأنه أراد أن يعرف كيف تبدو البلاد في أوقات السلم.. إنها فكرة مجنونة.

كان سيرسي يخشى على حياته في فيتنام، أما اليوم فهو يجد فكرة الموت هنا ممتعة، ويقول: «عندما عدتُ إلى الوطن من الحرب كنتُ غاضباً ومرتبكاً»، ويضيف أنه شعر بأن من واجبه المساعدة في إصلاح ما لحق بفيتنام من أضرار.

وسرعان ما أدرك أنه من خلال قيامه بدوره في إصلاح العلاقات بين الولايات المتحدة وفيتنام، كان يُصلح في نفسه أيضاً، هذه هي الفكرة وراء هذه الرحلة: «من يختبر فيتنام الجديدة سيجد من الأسهل عليه نسيان فيتنام القديمة، ومن يُساعد في تضميد جراح الحرب فإنه يُداوي جراحه أيضاً».


«مذبحة ماي لاي»

فيتنامية تتذكر كيف أن الجيش الأميركي قتل والدتها وابنتها في «ماي لاي ». أرشيفية

في وقت مبكر من يوم 16 مارس 1968، تم إنزال سرية من جنود الفرقة الأميركية بوساطة مروحية لشن هجوم على قرية تُعرف باسم «ماي لاي 4»، في مقاطعة كوانغ نجاي المتنازع عليها بشدة على الساحل الشمالي الشرقي لفيتنام الجنوبية، واقتحم 100 جندي وضابط القرية بأسلوب عسكري تقليدي، متقدمين في فصائل، وتوقعت القوات الاشتباك مع الكتيبة 48 من قوة الفيتكونغ المحلية، إحدى أنجح وحدات العدو، لكنهم بدلاً من ذلك وجدوا نساء وأطفالاً وشيوخاً، لايزال الكثير منهم يطهون أرز الإفطار على النيران في الهواء الطلق.

وخلال الساعات القليلة التالية تم القضاء على المدنيين، وتم تجميع الكثيرين في مجموعات صغيرة وإطلاق النار عليهم، وألقي آخرون في خندق تصريف على أحد أطراف القرية، وتم إطلاق النار على الكثيرين بشكل عشوائي في منازلهم أو بالقرب منها، وتعرضت بعض النساء والفتيات الصغيرات للاغتصاب ثم القتل.

وبعد عمليات إطلاق النار، أحرق الجنود الأميركيون جميع المنازل بشكل ممنهج، وأتلفوا الماشية والأغذية، وأفسدوا إمدادات المياه في المنطقة.

لم تُبلغ السرية رسمياً مقر فرقة العمل التابعة لها بأيٍّ من هذا، بل ادعت في النهاية قتلها 128 من «الفيتكونغ» والاستيلاء على ثلاثة أسلحة، وهناك نُقل الخبر إلى الصحافة العالمية باعتباره انتصاراً باهراً.

وظل الأمر كذلك، إلى أن كتب جندي سابق رسائل إلى وزارة الدفاع الأميركية، ووزارة الخارجية، والبيت الأبيض، و24 عضواً في الكونغرس، يصف فيها جرائم القتل في «ماي لاي 4»، وفي غضون أربعة أشهر كشفت تحقيقات الجيش عن تفاصيل هذه الجريمة الفظيعة.


قصة «فتاة النابالم»

المصور نيك أوت والفتاة فان ثي كيم فوك. أرشيفية

أصبحت الصورة المروعة للأطفال الفارين من هجوم «النابالم» القاتل، صورة مميزة ليس فقط لحرب فيتنام، بل للقرن الـ20 أيضاً، حيث يتصاعد الدخان الأسود خلفهم، وترتسم على وجوههم ملامح من الرعب والألم والارتباك، ويتبعهم جنود من الفرقة الـ25 من جيش فيتنام الجنوبية في حيرة من أمرهم.

التُقطت الصورة خارج قرية ترانج بانغ، في الثامن من يونيو 1972، وقد وثّقت الصدمة والعنف العشوائي اللذين رافقا صراعاً أودى بحياة مليونَي مدني أو أكثر، وفقاً لبعض التقديرات.

ورغم أن الصورة تحمل عنوان «رعب الحرب»، فإنها تُعرف أكثر بلقب «فتاة النابالم» الذي أُطلق على الطفلة العارية البالغة من العمر تسع سنوات، والمصابة بحروق بالغة في وسط الصورة.

وقد نجت الفتاة، التي عُرفت لاحقاً باسم فان ثي كيم فوك، من إصاباتها، ويعود الفضل في ذلك جزئياً إلى مصور وكالة «أسوشيتد برس»، نيك أوت، الذي ساعد الأطفال بعد أن التقط تلك الصورة التي أصبحت رمزاً لهم.

وبعد 50 عاماً من ذلك اليوم المشؤوم، لايزال المصور والفتاة على تواصل دائم، ويستخدمان قصتهما لنشر رسالة سلام، وتقول فوك التي تقيم الآن في تورنتو: «لن أنسى تلك اللحظة أبداً».

كانت قرية ترانج بانغ، على بُعد أقل من 30 ميلاً شمال غرب سايغون (مدينة هو تشي منه حالياً)، قد احتلتها القوات الشيوعية من شمال البلاد، وبحسب تقرير نشرته صحيفة «نيويورك» تايمز في ذلك الوقت، أمضى جيش فيتنام الجنوبية ثلاثة أيام في محاولة لطردهم وإعادة فتح الطريق السريع القريب، وفي ذلك الصباح أرسل سلاح الجو الجنوبي طائرات «سكاي رايدر» لإلقاء «النابالم»، وهي قنابل تسبب حروقاً بالغة وتلتصق بالأهداف، كانت فوك وعائلتها يحتمون مع مدنيين آخرين وجنود فيتناميين جنوبيين في معبد بوذي، وعند سماع طائرات جيشهم تحلق في السماء، حثّ الجنود الجميع على الفرار خوفاً من هجوم.

وتقول فوك: «التفتُّ فرأيت الطائرات، ورأيت أربع قنابل تهبط، ثم فجأةً اشتعلت النيران في كل مكان، واحترقت ملابسي.. في تلك اللحظة لم أرَ أحداً حولي سوى النار»، وتضيف: «لاأزال أتذكر ما حدث في تلك اللحظة، قلتُ: يا إلهي، لقد احترقتُ، وسأكون قبيحة، وسينظر إليّ الناس بطريقة مختلفة، لكنني كنتُ مرعوبة للغاية».

. الأميركيون أسقطوا قنابل خلال حرب فيتنام أكثر مما أسقطوه في الحرب العالمية الثانية بأكملها.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الامارات اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الامارات اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق